اضطراب وحيرة وضلال في دراسة القرءان

يقول أحدهم:
كلمة رجل صفة قد تتحقق بالمرأة وتصيرهي القوَّامة في الأسرة من جراء امتلاكها صفة العلم والمال ومسؤولة عن زوجها ، ولكن هذا لايعني أن نطلق عليها كلمة (رجل) ! ولايصح فهم النصوص التي تناولت كلمة رجل بأنها تشمل المرأة التي وصلت إلى مقام الرجل وربما فاقته قدرة وعلماً ومالاً! وينطبق عليها مقولة : امرأة بألف رجل!
ولايوجد في القرءان كله كلمة رجل تعني امرأة ، وإنما تأتي دائماً بمعنى الذكر البالغ القائم بعمله والمسؤول أو بالمعنى اللساني من الترجل والسعي.
المهم لايصح تسمية المرأة رجلاً ولو تحقق بها معنى الرجولة لساناً!! فالرجال هم الرجال وتعني الذكور
ويقول إن كلمة النساء تعني الإناث أينما أتت. وقام بفهم كلمة النساء أينما أتت على أساس أنها جمع أنثى، والنساء هي النساء وهي جمع أنثى!
ــــــــــــــــــــــــــ
النص في الأعلى يوجد فيه تناقض فكري منطقي واضح لمن يفهم بالمنطق ويفكر، ولن نتناول تناقضه المنطقي وسوف نتركه للقارئ ليعرف ذلك وحده ويتدرب على النقد للنص الذي يقرأه.
أمر هؤلاء غريب وعجيب نعرض عليهم المنهج اللساني العربي القرءاني الكوني المنطقي فيرفضونه لعدم قدرتهم على فهمه والإنسان عدو مايجهل، ويصرون على التمسك بما هو شائع بين عامة الناس والسطحي ، ولاأدري ماذا تركوا للجهلة إذا كان ذلك يسمونه دراسة وتدبر للقرءان؟
وماالفرق بين فهمهم هذا وقولهم وقول الأطفال وعامة الناس، فالجميع لو سألتهم عن معنى كلمة رجل عندهم؟ لقالوا : إن الرجل هو صاحب العضو الذكري أبو شوارب في وجهه، والنساء هي جمع أنثى .
وما الفائدة من الدراسة المطولة والبحث والشهادات إذا في النهاية يكون الفهم هو ذاته فهم الأطفال وعامة الناس ؟!
والغريب أنهم يستخدمون في معرض الرد والنقاش قولهم : إن فهمهم واضح وقطعي ولايحتاج لدراسة واختلاف، ويحكمون على الرأي المخالف لفهمهم السطحي أنه خطأ وضلال وتحريف وتلاعب بالنص ولوي عنق الكلمات …..
وبما أنهم لم يفهموا المنهج اللساني وأصروا على البقاء في مقام عامة الناس والموقف السطحي واتباع الشائع والنقل ، سوف نجاريهم وننزل لمستواهم وننقل لهم ثقافة العرب من المراجع المعتبرة عند الجميع .
أورد لسان العرب لابن منظور في مادة (رجل) وهو أكبر قاموس لساني وأوسعهم أن في ثقافة العرب يقال للمرأة التي تعمل وتسعى: الرَّجُلة
اقرؤوا:
وحكى ابن الأَعرابي: أَن أَبا زياد الكلابي قال في حديث له مع امرأَته: فَتَهايَجَ الرَّجُلانِ يعني نفسه وامرأَته، كأَنه أَراد فَتَهايَجَ الرَّجُلُ والرَّجُلة فغَلَّب المذكر.
وتَرَجَّلَتِ المرأَةُ: صارت كالرَّجُل.
وتقول: هذا رَجُلٌ أَي راجل، وفي هذا المعنى للمرأَة: هي رَجُلة أَي راجلة
ويقال امرأَة رَجُلة إِذا تشبهت بالرجال في الرأْي والمعرفة
وذكر ابن فارس في مقاييس اللغة :
رجل
الراء والجيم واللام مُعظم بابِه يدلُّ على العُضو الذي هو رِجْلُ كلِّ ذي رِجْل.
ويكون بعد ذاك كلماتٌ تشِذُّ عنه. فمعظم الباب الرِّجل: رِجْلُ الإِنسانِ وغيره.
والرَّجْل الرَّجّالة.
وربما قالوا للمرأة الرَّجُلَة.
أما كلمة النساء فهي جمع نسيء لساناً من جنس أحرفها وهذا ماذكره ابن منظور في لسان العرب فقال:
نسأ
نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها، فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ، والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ، وقد يقال: نِساءٌ نَسْءٌ، على الصفة بالمصدر. يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل: قد نُسِئَتْ.
ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه: أَخَّره؛ فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً، والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ.
ونَسَأَ اللّهُ في أَجَلِه، وأَنْسَأَ أَجَلَه: أَخَّره.
يقال: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذا تأَخَّر حَيْضُها، .
هل لاحظتم أن كلمة نساء كيف أتت صفة للنسوة ، وبمعنى التأخر والظن بحملها ؟
وكلمة نساء جمع نسيء من جنس أحرفها ، وجمع المرأة على كلمة نساء لعدم وجود جمع لمفردة امراة ولتحقق دلالة النسء بنوعها غالباً في الحياة الاجتماعية فهي دائماً تقف خلف الرجل الذكري وتتأخر عنه في الاقدام على مصاعب الحياة، وهذا يرجع لطبيعة المجتمع وثقافته فهو مسؤول عن صيرورة المرأة في مقام الرجولة أو بقائها في مقام النساء، غير أن صفة النساء تلازمها غالباً من كونها تحيض وتحمل وتلد وتلك الوظائف تجعلها متأخرة عن الاقدام في مجال الحياة وتطورها على الغالب لتشرف عليها ، وتحقق فيها معنى المستجد والإضافة من حيث رفد المجتمع بالأطفال، وكل هذا مرتهن بثقافة المجتمع وظروفه فهو المسؤول عن توزيع دور مقام الرجولة بين الذكر والأنثى.
رغم أن المسلم به عند أهل اللسان ان كلمة النساء لاتطلق على الأطفال البنات وإنماهي جمع امرأة فقط ، وهي جمع لها من غير جنسها لعدم وجود جمع لكلمة امرأة من جنسها .
وماذكره ابن منظور وابن فارس يعني أن كلمة رجل ليست صفة جنس أو نوع للكائن الإنساني، بمعنى لاتدل على ذكر أو أنثى ، وإنما هي صفة اكتسابية متحركة بين الذكر والأنثى، ومعلوم أن العرب تستخدم غالباً كلمة رجل على الإنسان البالغ الراشد ولاتشمل الأطفال الذكور رغم أن لهم عضو تناسلي ذكري!! وكذلك بالنسبة للمرأة التي تصير رجلاً( لايعني انها تتحول إلى ذكر) لاتشمل الطفلة الأنثى صاحبة الجهاز التناسلي الأنثوي، وهذايعني أن كلمة رجال وكلمة نساء مقام اجتماعي وليس وصفاً جنسياً أو نوعياً.
وبناءعلى قول أهل اللسان يصير معنا:
كلمة الرجل تدل على مقام اكتسابي يتعلق بالإنسان البالغ الراشد المنتج والمستقل معيشياً سواء أكان من نوع الذكور أو من نوع الإناث.
كلمة النساء جمع نسيء وتطلق على كل ما يتحقق به صفة التأخر والإضافة من كل انواع الناس ( شيوخ وعجزة وأطفال وكهول وشباب وصبايا ) إن تحقق بهم صفة التأخر والإضافة في معيشتهم للرجال .
وهذا يعني أنه ليس كل رجل ذكر ، ولا كل ذكر رجل.
ويعني ان ليس كل امرأة من النساء بالمعنى اللساني العام.
وهذا يعني ان فهم النص لايكون من أهدابه وسطحية ألفاظه او استحضار فهم عامة الناس الشائع بينهم حسب مستواهم العلمي مثل بواب العمارة أو بائع البطاطا، بل لابد من دراسة النص بالمستوى اللفظي اللساني أولا وتحديد المفهوم اللساني لكل كلمة او مفاتيح النص ومن ثم قراءة شمولية للنص كله وفهم علاقته بمحل الخطاب لنصل إلى معرفة المعاني للالفاظ في هذا السياق، وينبغي ان نعلم أن نصف الكلام لاجواب له، ولايصح دراسة كلمة أو نص بمعزل عن السياق ومنظومتها التي تنتمي إليها والواقع محل الخطاب
وماذكرته عن مفهوم الرجال والنساء ليس لاقناع أحد بذلك وإنما ضرب نموذج على الطريقة المنهجية اللسانية المنطقية التي نعتمدها في الدراسة وأن ذلك ليس اعتباطاً وعبثاً وجهلاً وتحريفاً للنص ولوي عنق الكلمات كما يظن بعضهم جهلاً من عند أنفسهم.
وشتان مابين عرضنا ودراستنا للمسألة وعرض الآخرين ظنا منهم أنهم يدرسون ويتدبرون فلا هم فهموا المنهج الذي نعرضه ولاهم اتبعوا التراث والمراجع النقلية، ولذلك تجدهم يتخبطون ويخلطون ويخبطون خبطاً عشوائياً، فماذا يريدون منا إذا لايفهمون المنهج اللساني ولايتبعون المراجع النقلية والتراث؟ ويصرون على الكتابة والنقاش والغمز واللمز بمنهجنا القرءاني الحنيف!
وقولي بنفي الفهم عنهم لايعني أنه لايملكون عقلاً وفهماً بالمطلق وإنما بهذه المسالة والمنهج لايفهمون وهذا شيء طبيعي فلايوجد إنسان يفهم بكل شيء فهاهو النبي داوود لم يفهم مسألة عرضت عليه وفهمها ابنه النبي سليمان ولم ينقص من قدر النبي داوود شيء{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ }الأنبياء79
ولايقل أحدكم وهل فهم الدين حكرا ً على فئة معينة .
اعلموا هذه الامور ليست من الدين ، الدين هو الإيمان بالله و اليوم الآخر والعمل الصالح والوصايا العشر والحرام والحلال والواجب، وكل هذه الأمور معروفة لكل الناس مهما اختلف مستواهم العلمي والفهمي أو اختلفت ألسنتهم ،أما هذه الأمور فهي لسانية منطقية اجتماعية يحتاج فهمها لعلم وأدوات معرفية مثلها مثل أي علم ، هل كل إنسان يستطيع فهم الرياضيات والفيزياء؟
وطبيعي في حال حصل نقاش بين إنسان عادي وآخر عالم بالرياضيات لايفهم الإنسان العادي شيء عليه من دقائق الرياضيات وقوانينه ومعادلاته، وطبيعي ان يقول عالم الرياضيات للشخص هذا: انت لاتفهم هذه الأفكار لأنك لاتملك المنهج الرياضي، وهذا ليس ذما أو قدحاً بالشخص فهو بالمقابل يفهم بأمر آخر لايفهم فيه عالم الرياضيات، والتعلم ليس حكراً على أحد فيمكن لأي شخص أن يتعلم ويصير يفهم بالرياضيات ويناقش فيها ! ولكن من المعيب أن يبقى جاهلاً ويريد ان يناقش في الرياضيات ولايتعلم ولايقرأ ويدعي أن فهمه هو مقابل فهمك!! وفهمه السطحي راي معتبر وهو يزاحم فهمك! بل؛ ويتهمك بالتكبر والغرورر أيضاً وعدم احترام الناس ويصر على النقاش بشكل عجيب وغريب! وعنزة ولو طارت!
ودمتم بفهم ووعي ورقي وحرية