قاعدة مهمة لتدبر القرءان وولادة المسيح نموذجاً

حوار افتراضي لتبيين قاعدة منهجية في تدبر مواضيع القرءان كيف تتم من خلال توليف نصوص القرءان مع بعضها ومعالجتها بشكل منسجم ومنطقي وفق منظومة القرءان والواقع.
زيد: هل البغل يتكاثر؟
عمرو: هه هه هه هه هه منذ وعيت على الحياة الدنيا و أنا أسمع أن البغل لا نوع له ولا يتكاثر، فهو جنس مهجن من خلال لقاح حمار وأنثى الحصان، ويحضرني طرفة في هذا الصدد وهي: سألوا البغل من أبوك؟ فقال لهم: خالي حصان!
زيد: لنفترض أن أحدهم ذكر لك: إن البغل يمكن أن يحمل و يلد في حالة نادرة تحدث كل فترة زمنية طويلة ربما لا يعاصرها أجيال بكاملها ولكنها تحدث، ويتناقل الناس هذا الخبر في المجتمع الذي حصل به هذه الحادثة، ولكن لطول الزمن وبُعد الشعوب عن بعضها حينئذ يتم تناسي الأمر و يعود الناس لتكذيبها وإنكارها وخاصة أنها خلاف المألوف في سنة التكاثر التي تقوم على زواج الذكر والأنثى، فماذا تقول بذلك؟
عمرو: طبعاً أرفض تصديق هذا الحدث بناء على العلم أن البغل لا يلد ولا نوع له.
زيد: هل تعلم كل ما حصل في الماضي أو يحصل في الحاضر أو ما سوف يحصل في المستقبل بشكل إحصائي وشمولي، وبالتالي صار عندك معياراً لتحكم بناء عليه على صواب أو خطأ أي خبر جديد، أم علمك نسبي متنامي لا سقف له ؟
عمرو: سنة الخلق والولادة للكائنات الحية تقوم على الزواج واللقاح بين اثنين (ذكر وأنثى) وهذا يعني أن كل خبر يخالف هذه السنة هو كذب وخرافة.
زيد: وهل أحطت علماً بكل سنن الخلق والولادة أو التكاثر الموجودة في الكون؟
عمرو: لم أسمع بحياتي أنه حصل حمل و ولادة أو خلق كائن حي دون علاقة زوجية و لقاح بين ذكر وأنثى ؟
زيد: ألم تسمع باستنساخ النعجة دولي؟
عمرو: سمعت بذلك.
زيد: أليس هذا خلق لكائن حي بسنة غير سنة اللقاح والزواج بين ذكر وأنثى؟
عمرو: و لكن لم تنجح العملية ولم تحيى النعجة طويلاً.
زيد: ليس هذا موضوعنا ، المهم نجحت عملية الاستنساخ و تم خلق كائن حي بسنة غير سنة التكاثر المعروفة والسائدة .
عمرو: ولكن هذا لا ينقض سنة الحياة في التكاثر من ذكر وأنثى .
زيد: ومن نقض سنة التكاثر الزوجي من ذكر وأنثى أو نفى عنها أنها الأصل والعامة في التكاثر؟ نحن نتكلم عن سنة أخرى ليست عامة ولا سائدة ولا تنفي الأولى ، وإنما تعمل ضمنها بشكل نادر لظرف معين ومعطيات واقعية
عمرو: ألا تؤمن بالقرءان أنه كلام الله وهو حق وصدق؟
زيد: طبعاً أؤمن بالقرءان.
عمرو: حسناً، ورد في القرءان أن خلق الإنسان لا يكون إلا من خلال زواج ذكر وأنثى،{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13، ويوجد كثير من النصوص التي تثبت هذا الموضوع .
زيد: النص يتكلم على عموم خلق الجنس الإنساني ولم ينف حالات نادرة التي هي لندرتها تكون بحكم النفي ولكن هي موجودة وممكنة ولو كانت نادرة، اسمع الآن تتمة لما بدأت به حواري معك عن تكاثر البغل فهو يقرب الفكرة كثيراً لك.
حصل الحادث في المغرب بمدينة مراكش
الطبيب البيطري الذي أشرف على العملية، وفي تصريحه لهسبريس، أكد أنه “استغرب في البداية لبروز الكيس من الرحم، قبل أن يتبين أن الأمر يتعلق ببقايا مشيمة تضم جنينًا ذَكَرًا، تُوفي قبل مدة داخل رحم البغلة”، مضيفًا أن “وزن الجنين النافق لا يتجاوز كيلوغرامين اثنين، كما أن البغلة تبدو في حالة صحية جيدة”، ومشيرا إلى أن “هذه الحالة تبقى غريبة ونادرة رغم أن مناطق أخرى شهدت نفس الحالة في أوقات سابقة”.
جدير بالذكر أن هذه الحالة النادرة أثارت استغراب بعض سكان أولاد افرج، واعتبرها البعض الآخر “نذيرَ شُؤمٍ وواحدةً من علامات الساعة التي تُعلن اقتراب يوم القيامة”، في حين تعامل معها البقية بنوع من اللامبالاة وعدم التصديق، حيث اعتبروا “حملَ وولادةَ البغلة أمران مستحيلان ولا يمكن حدوثهما بأي حال من الأحوال”.
التحاليل الطبية تثبت ولادة بغلة في المغرب لمهر
لندن: «الشرق الأوسط»
أعلن أطباء بيطريون أن التحاليل الطبية للحامض النووي «دي ان ايه» أثبتت أن بغلة في منطقة أولمس الأمازيغية بجبال الأطلس في المغرب، هي التي أنجبت بالفعل مهرًا، تبين أن والده كان حمارا. ويتحدى هذا البرهان العلمي النظريات السائدة التي تقول أن البغال، التي تولد بتناسل الحمير مع الخيول، تكون عقيمة ولا تلد. وأظهر المهر خصائص شبيهة بمهر الحمار وكذلك بمهر البغل، ودلت تركيبته الجينية أن ربعه من الحصان وثلاثة أرباعه من الحمار! ولاقى هذا الإعلان شكوكًا من قبل علماء بريطانيين، إذ صرح جون رايكوك الاختصاصي في تناسل الخيول في كلية الجراحين البيطريين الملكية، أن هذه الولادة مستحيلة، اللهم إلا إذا تم زرع بنجاح لجنين داخل رحم البغلة. وكان فريق من الأطباء البيطريين في جمعية حماية الحيوان في شمال أفريقيا، قد زاروا البغلة التي يبلغ عمرها 14 عامًا (انظر «الشرق الأوسط» 3 أكتوبر 2002)، واستخلصوا عينات من دمها. ونقل موقع «بي بي سي» الانجليزي الانترنتي عن جيجي كاي رئيس الجمعية أن «الاختبارات أكدت إن أم المهر بغلة حقًا لأن دمها يتكون من مجموعات دم الخيل والحمير.. أما دم المهر الوليد فأكدت التحاليل أن أباه حمار، كما انتقلت إليه أيضًا خصائص دم الحمير والخيول من أمه».
عمرو: ولكن هذه القصة على فرض صحتها تتعلق بالبهائم ولا تشمل الناس.
زيد: أليس الكائن البشري هو من فصيلة الحيوانات الثدييات وينطبق عليه ما ينطبق عليها خلقاً وتميز عنها بنفخة من الروح فيه فصار إنساناً؟
عمرو:ولكن النص القرءاني واضح أن الخلق للناس من ذكر وأنثى ولم يستثن أحد.
زيد: المشكلة ليس في النص فكلانا يعتمد عليه ويؤمن به، المشكلة في طريقة تعاملك مع النص بمعزل عن المنظومة القرءانية ككل وعدم إسقاط النص على الواقع محل الخطاب، ولبناء مفهوم علمي ينبغي أن تنطلق من الواقع، فمجرد حصول الحدث بحد ذاته هو برهان على حصوله وأن ذلك حصل وفق سنة ضرورة سواء أعلمتها أو جهلتها، ومهمتك دراسة الحدث واكتشاف السنة التي تحكمه وحصل على موجبها ، ومن الخطأ أن تغمض عينيك عن الواقع وتبني مفهوماً من أهداب نص لساني بمعزل عن محله من الخطاب وتجمد على ظاهره بشكل سطحي وتنفي الواقع الذي حصل.
عمرو: هب أني وافقت على كلامك هل ثبت لديك بالخبر القطعي ولادة إنسان دون زواج بين ذكر وأنثى ؟
زيد: أحسنت فيما قلت، فلنبحث مع بعض ونقرأ النص القرءاني كونه محل صدق وثبت لدينا أنه من لدن عزيز حكيم.
اقرأ معي هذه النصوص وقل لي ما مفهومها؟
1- {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }آل عمران45
أتت البشرى لمريم ولم تأت لرجل ذكر كما في نص النبي زكريا{فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ }آل عمران39، والبشرى للرجل تعني ضرورة أن الحمل والولادة يكون لزوجته وليس له بينما البشرى للمرأة يكون الحمل والولادة لها.
زيد: كما فهمت حضرتك أن البشرى للرجل تقتضي وجود المرأة كونها محل للحمل والولادة أيضاً افهم أن البشرى للمرأة تقتضي اللقاح من ذكر، فهذه أخت تلك.
عمرو: كلامك صواب عموماً، ولاشك أن ولادة المرأة وحدها دون لقاح من ذكر يحتاج لقرينة قطعية تثبت أنها ولدت دون لقاح.
زيد: هل عندك نص قرءاني قطعي الدلالة يثبت أن السيدة مريم ولدت دون لقاح من ذكر؟
عمرو: اقرأ هذا:
– {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ }آل عمران47
كلمة (مس) تعني ممارسة العلاقة الجنسية مع المرأة التي يترتب عليها اللقاح وبالتالي إمكانية الحمل.
والسيدة مريم نفت عنها نفسها المس من أي بشر، ولذلك استغربت هي كيف تحمل لأنها تعرف مثلك ومثل سائر الناس أن الحمل والولادة لا يكون إلا من خلال مس للمرأة كما هو معروف في الواقع، فأتاها الجواب أن الله يخلق ما يشاء بالسنة التي يريدها فهو فعال لما يريد.
وبناء على نفي المس للسيدة مريم من قبل أي رجل وولدت صارت محل للظن و الاتهام وحزنت السيدة مريم من هذا الحدث وتمنت الموت{فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }مريم23
وعندما أتت قومها: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً }مريم27، ولو كانت متزوجة لما استغرب قومها من ولادتها ولما استنكروا عليها فالزواج حقها الطبيعي، والولادة أمر فيزيزلوجي نتيجة اللقاح.
ولذلك نسب الولد لأمه (عيسى بن مريم) تأكيداً لنفي حصول المس وغياب العنصر الذكري من اللقاح
وكون الأمر كذلك أتى كلام المسيح بذكر والدته بالبر دون ذكر والده{وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً }مريم32
وذكر القرءان أن خلق المسيح كخلق آدم{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ }آل عمران59
أليس هذه النصوص قطعية الدلالة في ولادة المسيح دون وجود والد ذكري له؟
عمرو:ربما تعد هذه النصوص قرينة قوية، ولكن مازال في نفسي شيء من المفهوم .
زيد: الحكم للأدلة وليس للشعور أو الاستغراب النفسي فهذا يحتاج لوقت ليزول .
هل عرفتم ما هي القاعدة المنهجية؟
– عدم العلم بالشيء لا ينفي وجوده.
– العلم عموماً هو نسبي ولم يصل إلى سقف الأمور.
– حصول الشيء بالواقع هو برهان على وجوده.
– لا يصح تشكيل مفهوم من أهداب نص واحد
– لا يصح تشكيل مفهوم من ظاهر النص بمعزل عن الواقع.
– لا يصح استخدام عموم النصوص لنفي ما يثبت بنص عيني خاص بالشيء
– ما ثبت بشكل قطعي الثبوت و الدلالة نؤمن به
– نفي التصور للشيء أو الرغبة و الشعور والدهشة ليس برهاناً لإثبات أو نفي شيء
– سنن الله في الخلق متعددة ويوجد منها عام ويوجد منها خاص، والله فعال لما يريد
– يوجد ظواهر أو أحداث تحصل مرة واحدة خلال فترة طويلة من الزمن لا يمكن برهنتها للأجيال اللاحقة إلا بالخبر عنها القطعي.