مفهوم الإخوة في القرءان

كلمة أخ تدل على ظهور ارتخاء ولين في شيء، ومنه الصوت حين الألم أو الشدة، وسُمِّيت العلاقة بين الاثنين أُخُوَّة لوجود حالة الرفق والاهتمام والرابطة بين الطرفين وتكون على مستوى الدم وهي أُخُوِّة النسب، وتكون على مستوى الفكر والتوجه وهي أُخُوِّة الإيمان.

وكلمة الإخوة أو الإخوان في القرءان عندما تأتي بسياق الأحكام الشخصية والنكاح والمواريث والقرابة فيقصد بها أخوة النسب،{ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ }(النساء11).

{وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ} (يوسف58)

{لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ} (الأحزاب55)

وعندما تأتي بسياق الفكر والعمل الصالح والنظام والانتماء… فهي أخوة الإيمان والدين{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات10)

{فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } (التوبة11)

وتُجمع كلمة أخ على إخوة أو إخوان، وكلاهما استخدمهما القرءان بدلالة النسب والدم، لنقرأ:

{وَجَاء إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } (يوسف58)

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (التوبة23)

واستخدمهما أيضًا بدلالة العلاقة الإيمانية والدين {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات10)

{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (الأحزاب5)

ودلالة كلمة إخوة أو إخوان بصيغة الجمع تتناول الفرد منهم ضرورة  بصرف النظر عن النوع التناسلي، بمعنى قد يكون في الواقع أخ  واحد أو أخت واحدة  أو كلاهما ويشملهما النص والحكم، فمثلًا تحريم نكاح الإخوة يتضمن ضرورة تحريم نكاح الفرد منهم، وحتى ولو كان لا يوجد غير واحد في الواقع، وذلك كمثل دلالة كلمة أبناء فهي تشمل الجمع منهم بصرف النظر عن نوعهم سواء أكانوا كلهم ذكورًا أو إناثًا أو كلاهما أو كان ابنًا واحدًا، فهذا داخل في دلالة كلمة أبناء، وهي صيغة جمع تغطي كل الاحتمالات الممكنة في الواقع، من كان عنده ابن واحد أو ابنة واحدة أو كلاهما، أو اثنان ذكورًا، أو اثنتان إناثًا، أو جمع منهم …إلخ، فكلهم تشملهم دلالة كلمة أبناء، ولا يستثنى منها نوع إلا بقرينة، لنقرأ:

{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }(البقرة146)

دلالة كلمة أبناء في النص عامة تشمل النوعين الذكور والإناث، ولا يحتاج الحدث والمضمون لتحديد نوع منهما؛  لأن أي نوع يوصل المطلوب من مفهوم النص سواء أكان الأبناء ذكورًا أم إناثًا أو كلاهما.

وهذا أسلوب القرءان في الخطاب يستخدم دلالة الكلمة بالمفهوم اللساني العام، وعندما يريد تحديد نوع من دلالة الكلمة يأتي بقرينة تدل على النوع أو يستخدم الصيغة المؤنثة، وكل ذلك يدرَك من خلال السياق ومحل تعلُّق الخطاب من الواقع .

فلا يأتي أحدكم ويتحَكَّم بدلالة قرءانية بمعنى هو أسَّسَه مسبقًا لتقوية رأيه أو مذهبه أو ملته!

وهكذا كلمة إخوة وإخوان سواء التي تتعلق بالنسب أو تتعلق بالدين فهي بدلالتها العامة تشمل الذكور والإناث منفردين أو مجتمعين، وعندما يتعلَّق الحكم بالنوع ينتقل المشرع إلى الصيغة الأنثوية (أخوات)  {لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} (الأحزاب55)، ذكر كلمة (إخوانهن) وذكر كلمة( أخواتهن)، ولعل أحدهم يقول: طالما دلالة كلمة (إخوانهن) عامة وتشمل النوعين لماذا ذكر المشرع الصيغة المؤنثة؟

وهذا سؤال مشروع ومنطقي، والجواب هو: إن دلالة كلمة (إخوانهن) لا شك أنها عامة وتشمل النوعين مع بعض  كما رأينا ذلك في النصوص السابقة، ولكن يمكن أن تنفرد بنوع الذكر أيضًا، كما في النص ذاته (أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ) فلرفع الالتباس والاحتمال في المعنى، وخاصة في مجال التحريم العيني لا بُدَّ من إحكام النص ونفي أي احتمال.

ولذلك أفرد المشرع في خطابه صيغة التأنيث حتى يُحْكِم المعنى، أما في حال العموم دون قرينة عقلية أو نقلية في النص ذاته تبقى دلالة الكلمة على عمومها، وتكون معنية من قبل المشرع.

وهذا الكلام قاعدة عامة تنطبق على كل الكلام في القرءان مثل كلمة الأبناء والأولاد والآباء والأمهات، غير خواص بعض الكلمات في شمول النوع الآخر أو المقام في دلالتها، وهو تضمن ثقافي مثل دلالة كلمة (الشيوخ) على الذكر الكبير في السن والمرأة الكبيرة في السن.

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }(غافر67)

مع العلم أن القرءان حين الإفراد أطلق على المرأة الكبيرة في السن كلمة (عجوز) وعلى الذكر الكبير في السن كلمة (شيخ).

{قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } (هود72)

وكذلك كلمة (الأبوين) أطلقها على الأب والأم مجتمعين، لنقرأ:

{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ} (يوسف99)

{ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ }(النساء11)

فكلمة (أبويه) تعني الأب والأم، وكلمة( ليس له ولد) تنفي جنس الولد كله سواء أكان واحدًا أو اثنين أو ثلاثة، كما أنها تنفي النوعين من الأولاد الذكر أو الأنثى أو كلاهما.

(وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ) (النساء11)

هل يفهم أحد أن كلمة (إِن كَانَ له ولد) تعني ولد واحد فقط أم هي صيغة مفرد والمراد منها جنس الأولاد بمعنى لا يهم عدد الأولاد سواء أكان واحدًا أم أكثر، وكذلك جملة (فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ) لا يفهم أحد من الجملة نفي الولد الواحد ويمكن أن يكون له ولدان أو ثلاثة، فالمعنى هو نفي جنس الأولاد كلهم بصرف النظر عن عددهم أو نوعهم.

ويمكن أن تأتي دلالة كلمة (الأبوين) على الأب والجد {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (يوسف6)

وعندما لاحظ أصحاب القواميس اللسانية  هذه الحركة والاستخدام لدلالة صيغة الجمع( إخوة) وأنها يمكن أن تشمل الاثنين بصرف النظر عن نوعهما، قال ابن منظور في لسان العرب:

( أما قوله عز وجل: فإن كان له إخوة فلأمه السدس، فإن الجمع هاهنا موضوع موضع الاثنين؛  لأن الاثنين يوجبان لها السدس).

وما ذكره ابن منظور هو كلام عام يتضمن الأخ أو الأخت منفردين أو مجتمعين، فدلالة كلمة( إخوة) غطت الاحتمالات في الواقع  كلها ابتداء من أخ أو أخت أو كلاهما أو جمع منهم مختلف النوع، فكل هذه الصور الاحتمالية داخلة في دلالة كلمة (إخوة)، لنقرأ:

{لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون } (النور61 )

لاحظ صيغ الجمع لكل من: آبائكم، أمهاتكم، إخوانكم، خالاتكم، أعمامكم…إلخ، هل يفهم أحد أنه إذا كان يوجد له أخ واحد أو عم واحد لا يجوز له أن يأكل من بيته؟ أم يفهم أن صيغة الجمع في هذا السياق أتت بمعنى الحال للواقع وغطت الاحتمالات كلها عدديًّا ابتداء من الفرد إلى المثنى والثلاثة فصاعدًا.

ولذلك نلاحظ أنه لا يوجد في النص هذا ما يحدد نوع دون الآخر أو عدد معين، ومثلها أيضًا دلالة كلمة ( أولادكم) في نص{وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا } (الإسراء31)، فدلالة الكلمة عامة تشمل الولد الواحد سواء أكان ذكرًا أم أنثى أم كلاهما أم جمعًا منهم مختلف النوع، ولا يحتاج مفهوم النص لتحديد نوع معين، بل يقصد المشرع النوعين واستخدم صيغة الجمع ليغطي كل الاحتمالات التي يمكن أن تحصل في الواقع، وهذا ما نستخدمه في حياتنا المعيشية بسؤال أحدهم: هل عندك أولاد؟  فيقول: نعم عندي أولاد، فنقول له: كم ولد عندك؟ فيقول: ولد واحد، أو اثنين، ولا نستطيع أن نعرف نوع الولد إلا إذا سألنا مرة أخرى، هل هو ولد ذكر أم ولد أنثى، أو نقول: هل هو ولد أو بنت؟

ونكون قد استخدمنا كلمة الولد بالمعنى الخاص وليس بالمعنى العام، والقرينة هي كلمة بنت في كلامنا، ومثل هذا نقول: هل عندك إخوة؟ والجواب نعم؛ عندي إخوة، ونعود ونسأل: هل هم ذكور أم إناث؟ فيرد علينا: يوجد اثنان ذكورًا وثلاث  إناثًا، وبصرف النظر عن عمرهم أو مقامهم الاجتماعي. وربما يكون الجواب نعم؛ عندي إخوة، وعندما نسأله عن عددهم؟ يقول: أخ واحد أو أخت واحدة أو أخوان أو أختان … وجوابه صواب.

لنقرأ النص هذا ونطبق الكلام عليه:

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (النساء176)

لاحظ جملة (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ) نفي جنس الولد كله بأي صورة كان عدديًّا ( واحدًا واثنين وثلاثة) أو نوعيًّا ( ذكرًا أو أنثى أو كلاهما) ولا يوجد في النص أي قرينة عقلية أو نَصِّية تحدد أن دلالة كلمة (ولد) تعني واحدًا أو اثنين… أو ذكر أو أنثى… فالنص نفي لجنس الولد كله، وتابع النص وذكر كلمة (وله أخت) وقطعًا لا يقصد مفهوم الأخت دينيَّا أو إيمانيًّا، وإنما يقصد دلالة الأخت نسبًا من الدم، ولم يحدد هل هي أخت من أم أو أب أو من كليهما؛ فالأخت؛ أخت، وتابع النص وذكر كلمة(وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) استخدم دلالة كلمة (إخوة) بمعنى أخوة النسب والدم، وتركها عامة لتغطي كل احتمالات حصول علاقة الأخوة من طريق الأم أو الأب أو كلاهما، وبصرف النظر عن مقامهم الاجتماعي أو نوعهم، وعندما ذكر صفة مقامهم الاجتماعي ( رجالًا ونساء) دل على أن المعني بكلمة (إخوة) هو الجمع من ثلاثة فصاعدًا، وليس وجود أخ أو أخت واحدة، بينما نجد  استخدام كلمة (إخوة) في نص آخر رغم أنها أتت بصيغة الجمع فهي تدل منطقيًّا وواقعيًّا على مجرد وجود الأخ أو الأخت، ولو كان واحدًا { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ }(النساء11)، بمعنى مقام الإخوة سواء أكان له أخ واحد أو أخت أو عشرة إخوة ذكور أو إخوة إناث ينزل نصيب الأم إلى السدس.

لذا؛ من الخطأ الفاحش أن يقوم باحث ويتحكم بدلالة كلمة (ولد) في نص المواريث ويحدده بنوع الذكر دون أي برهان من الله، وكذلك لا يصح التحكم بدلالة كلمة (إخوة) وحصرها بالذكور ونفي عنها شمول الأنثى، أو يفهم من كلمة (إخوة) بمعنى الجمع الذي هو من ثلاثة فصاعدًا حسب دلالة استخدام صيغة الجمع اللسانية المشهورة والمستخدمة في خطاب الناس ويسحبها على أي نص وردت فيه كلمة (إخوة)، وذلك حتى ينصر فهمه ورأيه أو يقرر قاعدة  وضعها مسبقًا يحكم بها  الخطاب القرءاني.

النص القرءاني يحكم فهمنا ولا نحكمه، ونستدل به ولا نستدل عليه، وهو برهان بحد ذاته وحجة ومصدر ولا يحتاج إلى من يقول بقوله، فهو حجة على القواميس والثقافة الشائعة بين الناس واصطلاحاتهم القومية، ونزل بلسان عربي مبين، وتعلَّق خطابه بالمنطق والواقع، وليس بالشائع على ألسنة الناس وما تعارفوا عليه.