الذرة والمجرة يسبحون في رق منشور ( المادة المظلمة)

إن من المعلوم أن الكون في حالة امتداد وتباعد عن بعضه في جميع الاتجاهات . قال تعالى:  [والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون ] الذاريات 47

والكواكب تدور حول نفسها ، وحول الشمس بحركة اندفاعية حلزونية  ليشكلوا مع بعضهم منظومة متكاملة تتحرك باتجاه معين في سرعة مذهلة , حتى قال أحد العلماء : إن الأرض تنطلق مثل صاروخ يوشك أن ينفذ وقوده . إشارة إلى أن الكون يسير إلى نهايته الحتمية .

والأرض محاطة بغلاف جوي يحافظ على وسط غازي يلف الأرض كلها, ويحتوي على مجموعة من الغازات التي من أهمها الأوكسجين والهيدروجين لتأمين الهواء للكائنات الحية . وهذا الهواء يملأ سطح الأرض ويرتفع عنها إلى بضع كيلو مترات، ويمنع الغلاف الجوي تسربه أو تلاشيه . والكائنات الحية تعيش ضمن وسط غازي ( الهواء ) لا يعيق حركتها ولا تراه مع أنه يملأ الوسط المعيشي .

فهل الكون بمجراته يتحرك في وسط معين مثل الوسط الغازي الذي يلف الأرض ,أم أنه لا يوجد شيء بين المجرات والنجوم والكواكب وتتحرك في خلاء فارغ لاشيء فيه!!؟

لننظر إلى القرآن ونرى ماذا يخبرنا عن ذلك الأمر قال تعالى : [ والطور ، وكتاب مسطور ، في رق منشور ، ….] الطور 1-2-3

1- الطور : كلمة تدل على امتداد سواء في الزمان أم المكان . ومن هذا الوجه أطلقت على الجبل لامتداده ارتفاعاً وعرضاً .

2- الكتاب : كلمة تدل على الأشياء المجموعة مع بعضها وفق نظام معين ومن هذا الوجه نقول : كتاب البحار ، كتاب الفضاء ، كتاب الفقه ، كتاب الطب ، كتاب الرياضيات …..الخ

3- المسطور : من سطر وهي تدل على حركة متصلة غير محددة مندفعة باستمرار وتكرار مثل أسطر الصفحة سواء أكانت عمودية أم أفقية .

4- الرق : كلمة تدل على تكرار متوقف بشدة . وتحقق ذلك بصورة القماش الذي لا سماكة له (رقيق ) . وهذا يدل على الخفة و الليونة .

5- النشر : كلمة تدل على ستر تفشى وانتشر منته بتكرار تلك العملية . وتحقق ذلك بعملية نشر الخشب بالمنشار .

– بعد معرفة دلالة كلمات النص لغة من خلال إسقاطها على الواقع نأتي الآن لتشكيل الفهم الكلي للنص .

يذكر الله عز وجل امتداد الزمان والمكان ( الطور ) ويخبرنا بوجود مجموعة من الأشياء المتلازمة مع بعضها ضمن نظام معين ( كتاب ) وهذه الأشياء قائمة على صفة الحركة المتصلة دون تحديد مع استمرار وتكرار ذلك (المسطور) وحركة هذه الأشياء تتم في وسط مادي خفيف ولين يملأ ما بين المجرات بنجومها وكواكبها ( في رق منشور ) . إذاً من الخطأ القول أنه لا يوجد شيء بين النجوم والكواكب . لأن مادة الرق تملأ الوجود وهي أشبه بالوسط المائي بالنسبة للأسماك . فالأسماك تتحرك ضمن هذا الوسط المائي بخفة وليونة وسرعة دون أن تشعر أن هناك شيء تتحرك فيه وكذلك الوسط الغازي ( الهواء ) بالنسبة للكائنات البرية فهم لا يشعرون به ولا يعيق حركتهم . وهكذا الوسط الرِّقي فإنه ممتد ومنتشر وتتحرك فيه جميع النجوم والكواكب دون أن يعيق حركتهم ، كما أن الضوء والموجات بكافة أنواعها تتحرك فيه دون أن يعيق حركتها , ومادة الرِّق أطلق عليها بعض الفلاسفة اسم الأثير، وحديثًا أطلقوا عليها المادة المظلمة والطاقة المظلمة.

فالوجود كائن ممتد زماناً ومكاناً لا يوجد فيه خلاء أو فراغ  لاشيء . وجميع الكائنات من الذرة إلى المجرة تتحرك وتسبح في وسطه [ كل في فلك يسبحون ] والسباحة تقتضي ضرورة مادةً يتم فيها عملية السباحة ، فنحن نسبح في الماء ونسبح في الهواء ، وهكذا الوجود في ذراته ومجراته يسبحون في مادة الرق المنشور .