الإكراه والدين مفهومان متناقضان

{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة 256. (لا) حرف نفي ينفي جنس الإكراه في الدين، فلا إكراه في الدين، ولادين في الإكراه، فهما على طرفي نقيض لا يجتمعان.

والدين هو رؤية واعية للحياة والكون والموت والإنسان وعلاقتهم ببعضهم، والوصول إلى مفاهيم يراها الإنسان حقاً أو صواباً ويرتضيها لنفسه، ويُكيف سلوكه بحسبها، وبناء عليها يحمل المسؤولية في الوجود، {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً }الكهف29.

ومهمة الأنبياء أو الدعاة أو المصلحين إظهار أدلة الحق وبراهينه والدعوة إليه ليس إلا، وليس لهم حق إكراه الناس أو محاسبتهم على تصوراتهم آمنوا أو كفروا ، {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }يونس99 ،{ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ }الرعد40.

وعلاقة الناس ببعضهم قائمة على التعارف، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13، والتعارف بقصد التعاون والتعايش والاحترام والعمل على نهضة المجتمع والوطن الذي هو بيت الجميع، والأكرم هو الأتقى الذي يجتنب الظلم والإكراه والعنف والسوء والفساد في حركته الاجتماعية، والأحسن هو الأحسن للناس والأنفع لهم.

فالدين للناس متعلق بحريتهم، والدولة تمثل ثقافة المجتمع، والسلطة التنفيذية الإكراهية مقيدة بالدولة.