هل كل نطق النَّبيِّ وحي؟

الشبهة الثانية:  استدلالهم بقوله تعالى:  {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم3-4]. على أنَّ كل ما ينطقه النَّبيُّ هو وحي من الله.

إنَّ لفهم النص ينبغي إرجاعه إلى مكانه ضمن سياقه الذي أتى فيه، والتفريق بين كل من (اللفظ، والقول، والحديث، والكلام، والنطق).

اللفظ:  هو خروج أصوات من الفم لا معنى لها نحو التأوه والأنين.

القول:  هو لفظ ذو معنى ودلالة يخرج من الإنسان ويدل على حاله.

الحديث:  هو قول جديد.

 الكلام:  هو قول يترك أثرًا في سامعه.

النطق:  كلمة تدل على القوة الكامنة في الإنسان فيزيولوجيًا ونفسيًا لاستصدار مجموعة من الأصوات بقانون فيزيائي ضمن نظام معين، ولذلك سُمِّي الإنسان حيوانًا ناطقًا.

والإنسان محاسب على أقواله، وليس على ألفاظه {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18].

 إذن؛ النطق هو عملية آلية واعية يتم استخدامه في الكلام والحديث والقول.

والنص القرءاني المعني بالشرح, يتكلم عن مادة الوحي, التي يتلوها الرسول على الناس, وليست هي إلَّا القرءان، وهذا واضح من سياق النص مع النصوص الأخرى، فالرسول ليس له من تدخل في أمر مادة الوحي، سوى أنَّ الله يستخدم جهاز نطق الرسول لتلاوة النص القرءاني.

وهذا دليل على أنَّ النص القرءاني من الله مبنى وصياغة لسانية، وبالتالي لا يصح الاستدلال بهذا النص على عموم نطق النَّبيِّ من كلام، وقول، وحديث؛ لأن ذلك باطل من حيث الواقع, ولا يقول أحد من العقلاء بذلك، فهذه الأمور هي من تأليف النَّبيِّ، وتفاعله كنبيٍّ وبشر. والمقصود بالنص هو كلام، وقول، وحديث الله عز وجل فقط.