تعريف الفاحشة و الزنى
قبل أن نعرف كُلاًّ منهما ينبغي الانتباه إلى مسألة مهمة ، وهي أن حكم التحريم تعلق بالفاحشة ، { وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } (الأنعام 151)،بينما العقوبة تعلقت بالزنى ، {الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُواْ كُلّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللّهِ } النور(2) ، والخيانة في العلاقة الجنسية الزوجية لكلا الطرفين، {وَالّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الصّادِقِينَ*وَالْخَامِسَةُ أَنّ لَعْنَةَ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ*وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ } (النور 6 -8).
الفاحشة : كلمة تدل على كل عمل أو سلوك قبيح أو مُخل بالآداب العامة والقيم .
والنص القرآني استخدمها بهذه الصور:
1-سلوك قبيح : قال تعالى : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مّنَ النّسَآءِ إِلاّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً } (النساء22).
2-السحاق : وهي علاقة جنسية مثلية بين أنثى وأنثى ، {وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنّ فِي الْبُيُوتِ حَتّىَ يَتَوَفّاهُنّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنّ سَبِيلاً} (النساء15).
3 –المثلية الذكورية: هي علاقة جنسية مثلية بين ذكر وذكر، {وَاللّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنّ اللّهَ كَانَ تَوّاباً رّحِيماً} ( النساء16)
4-علاقة جنسية بين عازبين ( ذكر وأنثى ) دون عقد موثق اجتماعياً يشملهما النص السابق بعموم دلالة كلمة (الفاحشة ) { وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ } (الأنعام 151)، {وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نّسَآئِكُمْ }{وَاللّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا} فالأنثى يتم الإشهاد عليها ، فإن شهد أربعة يعرفونها، وهذه دلالة كلمة (منكم) يتم تقليص حركتها الاجتماعية إلى الحد الأدنى، وبرفقة من يحميها إلى أن تتزوج، أو ينصلح حالها، أو يأتي أجلها ، أما الذكر فيتعرض إلى عقوبة مؤذية نفسية، أو مادية يحددها المجتمع، حتى يتوب وينصلح حاله، أويُصلح ما أفسد، فيتم الإعراض عنه ، ويُترك حراً .
ويندرج تحت مفهوم تحريم الفاحشة إتيان البهائم، و كل عمل مُخل بالآداب العامة والقيم، التي تصدر من الذكر أو الأنثى في المجتمع، فَيُعَرِّض نفسه للعقوبة التي يراها المجتمع رادعة بشرط أن لاتصل إلى القتل ، أو حد الزنى ( مئة جلدة).
5-الخيانة الزوجية: قال تعالى : { وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللّهِ إِنّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ } (النور 8)، ومحل الشاهد هو كلمة (العذاب) التي ترجع في دلالتها إلى حد عقوبة الزنى مئة جلدة ، فالمرأة أو الرجل إن مارسا الفاحشة (الخيانة الزوجية) وأثبت أحدهما ذلك من خلال الشهود الأربعة ، يُقام على الخائن منهما عقوبة مئة جلدة ، ويتم التفريق بينهما ، وتسقط حقوقه الزوجية والمالية .
الزنى : كلمة تدل على وجود طاقة داخلية تدفع الإنسان (الذكر أو الأنثى) إلى ممارسة العلاقة الجنسية بصورة دائمة ومتنقلة من جهة إلى أخرى (دعارة ) حيث يصير زاني أو زانية يعني استحق اسم الفاعل( الزانية والزاني)، حيث يشتهر عنه ذلك السلوك، ويُعرف في وسطه الاجتماعي، ويوصف به (الزاني أو الزانية)، أما إن مارس الفاحشة مرة (الإشباع الجنسي من خلال دُور الدعارة) دون امتهان ذلك أو الإدمان عليه، لا يكتسب اسم الفاعل ( الزاني)، وإنما يُقال : إنه يمارس الزنى كفعل، وبالتالي لا يُطبق عليه حد الزاني، وإنما يُطبق عليه عقوبة رادعة مؤذية يختارها المجتمع، وإن كان متزوجاً ، يُطبق عليه حد الخيانة الزوجية.
فالزنى هو فاحشة ، والعكس غير صواب، وحد الزاني( الدعارة) يُطبق كما أتى في النص بصرف النظر عن مكانة المرأة أو الرجل اجتماعياً ، وإن كانت المرأة متزوجة أو الرجل ، ومارسا الزنى فيُطبق عليهما حد الخيانة الزوجية حسب مكانتهم الاجتماعية (50-100-200) ، ويُضاف لها حد الزاني مئة جلدة مع إشهار ذلك اجتماعياً .
لذا ؛ العلاقة الجنسية بين العُزّاب (ذكر وأنثى) دون عقد مُوَثق اجتماعياً ، أو بحده الأدنى على صعيد أسرة المرأة، هي فاحشة ، والزواج الذي يقوم به الرجل المتزوج تحت اسم زواج المسيار أو غيره من الأسماء ، هو فاحشة تحت الغطاء الشرعي ، بمعنى آخر فاحشة مُقَنّنة يحميها المجتمع ، لأن المقصد من الزواج الدائم انتفى، وصار النكاح من حيث الواقع هو نكاح مأجور، الذي يُسمى نكاح المتعة، وهذا النكاح يحرم على المتزوج، لأنه مُحصن، ومَنع هذا النوع من النكاح (المسيار) مُناط بثقافة المجتمع و وعيه، لا علاقة للقانون به ، لأن القانون يتعلق بالشكل والظاهر، ولا يستطيع أن يتعلق بالمضمون أبداً ، والرجل المتزوج الذي يريد أن يتزوج من أخرى بنية الطلاق المبيتة سابقاً ، ولا يريد من الزواج الثاني إلا المتعة المؤقتة فقط ، يكون رجلاً كاذباً في علاقته الاجتماعية، وغاشّاً للمرأة وأهلها، ويكون قد وقع بالفاحشة والخيانة الزوجية، وإن كانت المرأة أو أهلها يعلمون ذلك مسبقاً ، فهم شركاء في الاحتيال على القانون ، وشركاء في الإثم ، لأنهم قاموا بتسهيل ممارسة الفاحشة ، وهذا بخلاف الرجل العازب إن أراد الزواج الدائم ؛ ولكن بشرط عدم تأمين السكن أو النفقة حالياً لمدة تطول أو تقصر ؛ (المسلمون عند شروطهم ، والعقد شريعة المتعاقدين )، فهذا زواج مشروع ولا غبار عليه ويدخل تحت هذا النوع من الزواج صور الزواج المعروفة باوربا باسم (السامبو والساربو)، ويمكن مع الزمن أن تزول هذه الموانع ويؤسس بيتاً وأسرة (1)
{ إِنّ الّذِينَ يُحِبّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الّذِينَ آمَنُواْ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدّنْيَا والآخرة وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } (النور19)
اضف تعليقا