رسالة تواصل ودعم إلى د. محمد شحرور المحترم 2010
الدكتور محمد شحرور المحترم
تحية طيبة وبعد
لقد ترددت كثيراً في كتابة هذه الرسالة !، ولكن أخيراً عقدت العزم على كتابتها قناعة مني بضرورة الصراحة والنصيحة والتعاون للرقي بالمركز.
أستاذي الكريم حفظك الله، وأطال في عمرك كي تشهدَ نمو المؤسسة بشكل راقي ، وتُرسخ مدرسة في الفكر للأجيال اللاحقة.
أستاذي الكريم أكتب لك من دافع الغيرة على الفكر المعاصر، ومن حرصي على المؤسسة التي أحلم بها منذ مدة طويلة، فأنت تعرف الفرق بين العمل الفردي ، والعمل المؤسساتي، وعندما قمت حضرتك بتأسيس المؤسسة فرحت في نفسي كثيراً وقلت لابد أن أنضم إلى السرب والفريق كي تقوى الأبحاث، وتُحفظ من أن تذهب سدى، وإعطائها قوة وثقة، وسعة نشر في العالم العربي والإسلامي.
لذا؛ أرجو أن يتسع صدرك للنقد من ابنكم الذي يعد نفسه امتداداً لفكرك، ويحاول أن يضيف شيء جديد للفكر ويحافظ على حياة منهج الشحرور، كما يقال لي من مجموعة من المثقفين من حولي، إذ يعدون كتبي امتداداً لكتابك الأول وتمهيد له لمن يريد أن يقرأه، غير كتابي علمية اللسان الذي يعدونه موازياً لكتابك ومكمل له في الجانب اللساني، ليشكلا مع بعضهما منهج واحد يتصف بالمنطق والعلمية والالتزام بالقرآن.
أستاذي الكريم
كان الأولى أن تختار مجموعة كبيرة من الأبحاث الموجودة أصولها في كتابك الأول وتصل إلى عشرة أبحاث على الحد الأدنى، وتنشرها بوقت واحد، وتنزل بها إلى الطبقة الوسطى للمثقفين ليحملوها ويتفاعلوا معها ويصير ضجة إعلامية تدفع المشايخ للحوار والنقاش رغماً عن أنوفهم، وبذلك يكون قد أعلنت ميلاد مؤسسة الدراسة الفكرية المعاصرة في المجتمع بحدث عظيم واحتفال فكري واسع ،وربطت القارئ بها مباشرة، ويصير ينتظر إصدارات المؤسسة، وتكون أعطيته قوة فكرية يجابه بها المشايخ والفقهاء التقليديين، ومن خلال هذه الأبحاث الصغيرة من حيث الحجم والكبيرة مضموناً أوصلت للقارئ المنهج الذي تعتمده في الأبحاث، بمعنى أن الأبحاث تكون أفقية وموجهة إلى الطبقة الوسطى، لأنها هي محل التفاعل وهي التي تملك المستقبل، ومع ذلك العرض الأفقي تختار مواضيعاً مهمة تكون بشكل عامودي مُرَكّزة وموجهة إلى النخبويين من المثقفين، وبهذا العرض الأفقي والعامودي تكون قد صنعت مكتبة إسلامية معاصرة تغطي معظم ما يهم الإنسان من أفكار، وتصير مرجعاً للباحثين.
ولا أخفي عليك – أستاذي الكريم- أنك بدأت في البحث وعرضت أقوى ما عندك في كتابك الأول وأخذ حقه من التفاعل الاجتماعي والثقافي كما تعرف وشاهدت بنفسك تأثيره على الفكر الإسلامي عامة، وفعلت في كتاب واحد ما عجز عنه غيرك في عشرات الكتب وربما المئات، ولكن بعد ذلك اتجهت نحو دراسة أفقية لتوضيح بعض المفاهيم وفق منهجك، وأصدرت عدة كتب، التي آخرها الإرهاب الذي ظهر فيه الضعف في معالجة الفكرة وعرضها، غير الأمور التي تطرفت بها قليلاً، ولعل مردها لوجود آخرين كتبوا معك، أو غير ذلك. انظر تعليقي على كتابك “الإرهاب”، وبعد مضي عشرون عاماً كان ينبغي أن تعيد النظر والتحديث في المنهج الذي عرضته في كتابك الأول وترفع مستواه، ألم يتغير شيء في الواقع، ألم تتسع رؤيتك ، ألم تزداد تجربة وخبرة من خلال قراءتك لكبار المفكرين؟ فكان الأجدر أن ينزل منهجك الفكري بمعزل عن المسائل الفرعية مع التعديل والتحديث والتطوير له.
فأنا أرى – مع احترامي الشديد- أنك مُقل بالاطلاع على الكتب المهمة والجادة في البحث مثل:
- النظرية الموحدة لسبيط النيلي وكتبه الأخرى المتعلقة بدراسة اللسان العربي ومنهج القرءان.
- تجربة مركز ابن خلدون في مصر.وعلى رأسها الباحث “جمال البنا”
- إصدارات جمعية التجديد الثقافية كلها كتجربة ثقافية جادة معاصرة لمشروعك الفكري.
- كتابات” سمير إبراهيم حسن” كلها، ومعرفة المنهج الذي يحاول أن يقدمه.
- تجربة منتدى” أهل القرآن” لمؤسسه الدكتور “أحمد صبحي منصور”
- كتابات الباحث ” أبو القاسم”
- كتابي” علمية اللسان العربي” ، وكتابي ” دراسة إنسانية في الروح والنفس والتفكير” ، وكتابي “اليهودية انغلاق فكري وإرهاب اجتماعي” وغيره التي صدرت من طالبكم وابنكم.
وهذه ليست للحصر، وإنما نموذج يستحق أن يُقرأ ويُدرس.
ومن خلال مقابلتي لك شعرت كأنك تُعطي الكتب لغيرك ليقرؤوها ويعطوك رأيهم بها!.
أستاذي الكريم
هل تعلم أني – رغم أني دونك في المستوى العلمي والثقافي- لا أرضى برأي أي أحد في كتبي، ولا في غيرها، كتقويم لها دون برهان، وأقصد بقولي المثقفين الكبار والحائزين على الشهادات، ولابد أن اقرأ بنفسي، مع العلم أقبل برأي أي أحد مهما كان شأنه إن دعم رأيه بالبرهان والدليل، وذكرت لك سابقاً رفضي لرأي الدكتور “زكار” والدكتور ” بهجت القبيسي” في كتابي ” اليهودية”، رغم أنهما عالمين في اختصاصهما ويُشار إليهما بالبنان، وكان الدكتور القبيسي يريد أن يقدم كتابي” اليهودية” ولكن حصل اختلاف بيننا في أحد الندوات لا علاقة له بكتابي ، ولكن أخذ موقف مني فرفض أن يقدمه!!.
لذا؛ أرجو- إن سمحت – أن تقرأ بنفسك كتبي، فرأيك مهم عندي وأثق به.
فأرجو من سيادتك أن تقرأ بنفسك الكتب التي ذكرتها لك، لأنها جديرة بالاطلاع، وخاصة كتبي لأنها تخص مدرستك، وإنتاج طالبك العلمي وابنك!!.
وأريد أن أسأل هل تريد باحثين أم ناسخين؟ هل تريد مبدعين أم مسايرين؟ هل تريد الاستمرار لمؤسستك بعدك _ مع التمني بالعمر الطويل لك_ فأنا أرى من حولك ناسخين أو مسايرين، وليس باحثين، ولا أقصد الجميع وإنما الذين شاركوا في القصص القرآني، والإسلام السياسي ، مع احترامي للجميع ، رغم أنهم يملكون صفة الباحث، ولكن ينقصهم الصقل الفكري وصفة المناضل الثقافي الذي يحمل مسؤولية الأمة، ولابد لهم من ضبط المفاهيم والمصطلحات القرآنية، وترى ذلك واضحاً في تعليقي على كتاب ” القصص” وتعليقي على كتاب ” الإرهاب”.
وكنت ومَن حولي ننتظر صدور باكورة أبحاث المؤسسة المتميزة، ولكن تفاجأنا عندما صدر كتاب القصص بحلته وعرضه المتواضع جداً، و ترى ذلك في تعليقي عليه، وكذلك كتاب ” الإسلام السياسي”.
لذا؛ أقترح التريث في إصدار الكتب اللاحقة من القصص القرآني وغيره من الكتب؛ ريثما يتم دراسة مجموعة من المفاهيم المهمة من قبل الباحثين عندك مثل:
1- المنهج الذي عرضته في كتابك الأول “الكتاب والقرآن” والكتب الأخرى .
2-الفرق بين اللسان العربي، واللغة العربية.
3- دلالة الأصوات العربية.
4- نشأة اللسان العربي وأنه علمي وأصيل وأم اللغات كلها.
5- الترادف ، والمجاز، ونظام استخدام الضمائر، ونفي الكلمات الأعجمية في القرآن.
6-بنو إسرائيل هل هم من العرب أم لا؟
7- الفرق بين بني إسرائيل واليهود.
8- الفرق بين اليهود والذين هادوا.
9 إسرائيل هل هو يعقوب أم لا؟
10- الفرق بين النصارى والمسيحيين.
11- موطن النبي إبراهيم وأسرته.
12- موطن النبي إسحاق ويعقوب.
13- أين المسجد الأقصى؟
14- القبلة الأولى والثانية.
15- مفهوم الإكمال للدين، ومفهوم الخاتمية للنبيين.
16- مفهوم الجن في القرءان.
17- مفهوم السحر والعين في القرءان
18- مفهوم فناء النار وصدور العفو الإلهي العام عن الجميع.
19- مفهوم الشرك به، والشرك معه.
20 مفهوم الكفر.
وغيرها من المفاهيم ليتم استخدامها أثناء البحث والدراسة، وتخرج الأبحاث منضبطة فكرياً مع المفاهيم القرآنية،
و تضبط الدراسة كلها وتوجهها، إضافة لدراسة المنهج عموماً بالنسبة للباحثين عندك حتى تصدر الدراسات منسجمة مع بعضها.
ويوجد عندي اقتراحات حول الأبحاث التي تريد أن تصدرها وأطلعتني على بعضها، نحو وضع أو تصنيف المحكم والمتشابه في القرءان على النص القرآني ذاته بالألوان، فأنا أرى أن لا تقترب من النص القرآني، واتركه كما هو. واكتب كتاباً في المحكم والمتشابه وحده يحتوي أمثلة كثيرة من كل صنف حيث يصير مَلكة عند القارئ ويُصنف وحده الآيات، لأن عامة المسلمين لايعرفون ذلك أو لايهمهم من القرآن إلا تلاوته فقط، ولو رأوا الألوان والشرح والتفصيل للآيات لايفهمون من ذلك شيئاً، وسوف يتم مقاطعة هذا المصحف الشحروري من غالب الناس في مشارق الأرض ومغاربها، وتكون خسرت الجهد والمال المصروف عليه إعداداً وطباعة، وجلبت لنفسك شبهاً وتهماً أنت في غنى عنها من قبل الهامانات، فلا الشيعة تقبل به، ولا الأحمدية يقبلون به، ولا أهل السنة بجماعاتها يقبلون به، فلمن سوف تنشره؟ لأقلية مثقفة تعرف التفريق بين المحكم والمتشابه من خلال دراستهم لمنهجك سواء وافقوك في رأيك أم خالفوك. وصراحة أنا واحد منهم؛ لايفيدني هذا المصحف شيئاً. ولن يضيف للمكتبة الإسلامية أي شيء، ومن الخطأ قياسه على المصاحف التي اهتمت بالحالة الفنية للرسم القرآني من تلاوة وغيره، فهذه لها رواج هائل بين المسلمين كلهم كما شاهدت بنفسك في مصحف التلاوة الذي صممه المهندس صبحي طه، وربح من ذلك مئات الملايين وربما الآلاف!!!!.
وكذلك كتاب أصول فقه القرآن الذي أخبرتني عنه بمراحله الثلاث: أصول الفقه السائدة (سنة وشيعة)، ثم نقده ، ثم عرض أصول جديدة وبديلة عنه.
أستاذي الكريم
هذا الأسلوب كان متبعاً في ما مضى من الزمن، عندما كان نشر الكتاب صعب جداً، وغير متوفر للناس، فاضطر الباحثون سلوك هذا الأسلوب ليعرضوا كتب الآخرين ويوصلوها للناس مثل مقاصد الفلاسفة للغزالي، ونقده فيما بعد بكتابه تهافت الفلاسفة.
أما الأمر الآن فيختلف تماماً، فكتب أصول الفقه السني ميسرة للصغير قبل الكبير، وكذلك أصول الشيعة، وغيرهم تملأ المكاتب وتحت متناول يد الجميع!!.وأنت نفسك كنت تقول : لا أترك العزف على قيثارتي، وأذهب للرد على فلان وغيره!!! لأن ذلك ضياع للوقت وذهاب للجهد في غير مكانه، والعمر لايتسع للرد عليهم.
لذا؛ أرى الصواب أن تبدأ مباشرة بدراسة أصول فقه القرآن من وجهة نظر معاصرة، والمثقفون وحدهم يقومون بالمقارنة مع الأصول التراثية لمعرفتهم بها وتوفرها بالأسواق والنت، وعرض الأصول القرآنية واللسانية كفيل بدحض الأصول الباطلة، وذلك مثل وضع الخط المستقيم أمام الخطوط المعوجة أو المنحنية.
وبالنسبة لكتاب الباحث أبو القاسم رحمه الله الذي تريد أن تنشره لم أطلع عليه ولا أعرف مدى عمق دراسته، ولكن أقترح دراسة الكتاب والاستفادة منه والزيادة عليه وتجاوزه، ووضع كتاب آخر يعالج ذات الموضوع باسم المركز، ويكون كتاب أبو القاسم أحد أو أهم مراجع البحث ويشار إليه وإلى أهميته، وخاصة أنه يوجد مَن يهتم بنشر تراث أبو القاسم ولهم موقع على النت.
أرفقت جدولاً كتداعي للمقترحات في الأبحاث التي تصلح للدراسة والنشر للاطلاع عليها.
وأكرر اعتذاري على طريقة نقدي أو تجاوزي، فالعين لا تصعد فوق الحاجب.
وأنتظر رأيك المهم بالنسبة لي
ابنكم سامر
16\4\2010
اضف تعليقا