(نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )

إن حكم إتيان المرأة في قبلها بأي وضع كان هو أمر معلوم بالضرورة للناس والشارع قد تضمن هذا المعنى عندما حصر عملية النكاح أن لا تكون إلا في القبل وذلك بقوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }البقرة 222
فكل إنسان يفهم أن له الحرية بأن يختار الشكل والوضع الذي يريد بشرط أن يكون النكاح في القبل حصراً، ولا حاجة لنزول أية آية وراء الآية التي تضمنت هذا الحق لأن ذلك يُعّدُّ تكراراً وعبثاً والقرآن منزه عنه. مما يدل على أن الحديث باطل في متنه والآية المعنية بالنقاش لا علاقة لها بموضوع النكاح وإنما هي تنص على موضوع آخر وهو ما سنعرفه من خلال تتمة الآية نفسها. {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } البقرة 223
نلاحظ في النص ثلاثة أفعال متلازمة مع بعضها وهي: [ فأتوا، قدموا، اتقوا ].
فكيف نأتي حرثنا ونقدم لأنفسنا ونتقي الله؟
فالملاحظ أن النكاح لا علاقة له بالنص أبداً، وإنما يتكلم النص عن إتيان الحرث وعدَّ ذلك تقديماً للنفس وطلب من الإنسان أن يتقي الله ربه ويعلم أنه سوف يلاقيه وسوف يجزي كل واحد كما قدم لنفسه.
فمفتاح فهم النص هو كلمة [ نساؤكم ] ولما أن النكاح ليس هو المقصود في النص ولا علاقة للنص بموضوع الإناث مما يؤكد أن كلمة النساء هنا لم تأت بجمع كلمة [ امرأة ] وإنما أتت بجمع كلمة [ نسيء ] التي تدل على التأخر والتقدم أو أحدهما فقط. وفي النص أتت كلمة [ نساؤكم ] بمعنى المتأخرين منكم الذين لا يستطيعون ضرباً في الحياة الدنيا ابتداءً من آبائكم وأمهاتكم وزوجاتكم وأولادكم وأقاربكم ومعارفكم إلى باقي أفراد المجتمع فهم حرث لكمفأتوهم بالصلة والمساعدة على نوائب ومصاعب الحياة بالشكل الذي تريدون، فهؤلاء هم المكان الخصب للعمل الصالح وبالتالي هم مكان الحرث الذي تقدمونه لأنفسكم يوم القيامة وهذا العمل الذي يوف تجنونه من عملية إتيان الحرث، وأخيراً اتقوا الله واخشوه وآتوا حرثكم وصلوا نساءكم من المجتمع واعلموا أنكم ملاقوا الله وسوف يجازيكم على عملكم الصالح بأحسن الجزاء.