شجرة آدم وشجرة إبليس

وهذه القاعدة الاجتماعية؛ علمنا إياها رب العالمين منذ أبينا آدم الأول؛ عندما نهاه عن بناء علاقات مع مجتمع إبليس، بقوله تعالى :

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ } (الأعراف 19) ومن السذاجة أن نقصر دلالة كلمة (أكل) على الطعام، وإنما هي تدل على مطلق تناول الشيء وأخذه، انظر قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } (النساء 161 )، ولكن أبانا آدم؛ ضعف ونسي جراء وسوسة إبليس، وَوَعده له؛ بأنه إن قام بإيجاد هذه التَحالفات والتطبيع والعلاقات الاقتصادية، والسياسية، والثقافية، والاجتماعية مع مجتمع إبليس، فسوف يصيران مجتمعاً واحداً قوياً، وشديداً في اقتصاده، ومُلكه، وسوف يتوارث أبناؤهما ذلك الملك، بحيث لن يَهلك؛ أو يَبلى في المنظور البعيد، لأن أبانا آدم سوف يصيبه الموت لا محالة، وكذلك إبليس، واستمر إبليس في بَعث رسله، ووسوسته؛ إلى أن وقع آدم في حبائله، وأقام دعائم ذلك التحالف، والتطبيع، والوحدة بين المجتمعين !.

  والذي صار؛ أن مجتمع إبليس سيطر، وهيمن على مجتمع آدم؛ من خلال امتلاكه الاقتصاد؛ ونشر الفساد والرذيلة في مجتمع آدم؛ الذي سرعان ما استجاب للشهوات ووقع في المحظور الاجتماعي، فأدركته سُنة الله في المجتمعات، فأهلكته وأصابته اللعنة، ومن ثم تاب آدم، ولكن توبته لا تغير النتيجة على أرض الواقع، وتم تفكيك مجتمع آدم وإزالته، وظهر مجتمع إبليس،وبرز من سلالة آدم صالحون ذادوا عن الحق، وبدأت المعركة الكبرى، واستمر الصراع بين الحق والباطل إلى يومنا هذا.

لذلك ينبغي الحذر من الاقتراب من الشجرة الملعونة، أو إيجاد أي تحالف، أو تطبيع، أو علاقات معها، لأن الفساد سرعان ما ينتشر ويصيب المجتمع ويهلكه (عدوى اجتماعية)، وبالتالي يستحق اللعن.