هلاك المجتمع أمر مرتهن بظاهرة الفساد والظلم
لماذا فضل الله بني إسرائيل على العالمين؟ ولماذا امتلأ النَّصُّ القرءاني بأخبارهم؟ ولماذا توجَّه الخطاب لهم مباشرة (يا بني إسرائيل) ؟ وكنا نظن أن بني إسرائيل هم اليهود، فَنُصاب بالحيرة، ونُخفي غَيظنا!، ولكن بعد أن عرفنا الحقيقة، وأننا نحن بنو إسرائيل، ونحن المعنيون بالتفضيل، زال العجب والاستغراب، وتغيَّرت دراستنا ونظرتنا للنص القرءاني، وعرفنا أمراً على درجة من الخطورة، وهو قوله تعالى:
{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً * عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} (الإسراء: 4 – 8).
وبسبب الظلم والفساد المشاهد في بلاد الشام الكبرى واليمن الكبرى (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) نابنا عذاب الله الشديد، فسلَّط علينا عباداً له (الرومان، والفرس، والمغول، والتتار، ثم الصليبيين، ثم بريطانيا وفرنسا، ثم أمريكا واليهود)، (فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ) فاغتصبوا الأرض، وسرقوا ثروات الوطن، وخربوا مقومات المجتمع، وقوَّضوا البنية التحتية، واستعبدوا الناس… إلخ.
انظر إلى الكوارث التي نزلت بفلسطين، والعراق، ولبنان، والسودان، والصومال، والأحواز وأفغانستان، وموريتانيا… إلخ، وإن بقيت الدول الأخرى على فسادها وعُلوِّها في الأرض، فسوف يشملها القانون الإلهي في تغيير المجتمعات، (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً).
والعباد المعنيُّون ليس بالضرورة أن يكونوا صالحين، فلا أمريكا، ولا المغول، ولا اليهود من الصلاح في شيء.
لذا، أقول: يا بني إسرائيل (العرب) شعباً وسلطة، (وهذا ينطبق على كل شعب) عودوا إلى دراسة تاريخكم على ضوء القرءان، واعلموا أنكم أنتم محل خطاب التفضيل في النَّصِّ القرءاني، وأنتم محل خطاب التهديد والوعيد، والأمر بيدكم إن اخترتم العُلُوَّ في الأرض، والفساد على صعيد البيئة والإنسان، فمصيركم الهلاك لا محالة، وسوف يتأذى المجتمع كله بشيوخه ورجاله ونسائه وشبابه وأطفاله، وإن اخترتم العدل والصلاح على صعيد البيئة والإنسان فسوف تنجون، وينجو المجتمع كله، فهل أنتم مستجيبون !.
وأقول لكم كما قال الله تعالى على لسان نبيه شعيب: {وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ} (هود 89).
وما فلسطين أو العراق أو سورية أو لبنان أو السودان أو أفغانستان. (منكُم بِبَعِيدٍ). !.
اضف تعليقا