الحيوانات لا نفوس لديها

نفس كلمة تدل على أمر مستور يُفتح منضماً منتهي بحركة حرة.وظهر ذلك في عملية التنفس من كونها تبدأ بدخول أو خروج من ستر وتفتحه بعد ذلك وتحركه بحرية، وظهر ذلك بحركة الصبح: {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ }التكوير18، لاحظ خروج الصبح من الليل وتفتحه بهدوء وحركته الحرة في أبعاد الليل.فالنفس في الإنسان هي شيء دخل في جسمه وتفتحت داخله وتحركت بالجسم بشكل حر على أرض الواقع.إذاً، النّفس أشبه ما تكون بنظام برمجي معلوماتي، وُجدت في الكائن البشري، نتيجة النفخ فيه من الروح، وترتب على ذلك، تفعيل المراكز الثّلاثة لجهاز التّمييز ( السّمع والبصر والفؤاد).وهذه النّفس موجودة في الكائن الإنساني فقط، أي لا يصح أن نطلق كلمة نفس على الكائنات الحيوانية، كما أن مراكز النّفس الإنسانية في التّواصل مع الواقع والتي هي السّمع والبصر والفؤاد، لا يصح إطلاقها على الكائنات الحيوانية أيضاً. فالحيوانات لها حواس، هي الأذن و وظيفتها لقط الأصوات، والعين و وظيفتها نقل الإحساس بالصّور، والأنف ووظيفته لقط الرّوائح، وهكذا باقي الحواس، تقوم بعملية لقط الإحساس بالواقع ونقله إلى الدّماغ، فيقوم الدّماغ بطبع هذه الإحساسات، والتّعامل معها، بصُورة غريزية غير واعية، ويمكن أن يسترجع الحيوان هذه الانطباعات، إذا أثير في الواقع من خلال عرض الشّيء عليه مرة ثانية، فيقوم بعملية الاستجابة لهذا المؤثر حسب الانطباع الأول، أي بصُورة غريزية، دون وعي أو ربط بين الأحداث والأشياء؛ وتجربة العالم بافلوف الشّهيرة، خير مثل على ذلك؛ حيث قام بوضع كلب في مكان مغلق، وبدأ بإطعامه وجبات بصُورة منتظمة، ومع كل وجبة طعام كان يقرع جرساً، وكرر هذه العملية مرات ومرات ليعزز هذا السلوك، ثم قام بقرع الجرس بعد ذلك دون إحضار الطّعام، وراقب الكلب، فرآه قد سال لعابه؛ نتيجة تأثره بالحس المطبوع سابقاً بين وقت الطّعام وصوت الجرس.فهذه التّجربة، تدل على أنَّ الحيوان، لا يُوجد لديه ربط واعي للأحداث، كما أنه لا يُوجد عنده تفاعل مع الواقع، بل هي حالة انفعال، وتأثر بالإحساس المطبوع في دماغه، ويتعامل مع هذا الإحساس، دون ربطه بواقعه.ولقد أجرى العلماء تجربة أخرى، شبيهة بالسّابقة ولكن مع القرود؛ وذلك عندما شاهد العلماء في حديقة الحيوان، أنَّ القرود تتواصل مع بعضها بالأصوات والحركات، وذات يوم، نزل المطر؛ فقام قرد بإصدار صوت معين، كان نتيجته أنَّ القرود سارعت كلها للاختباء من المطر؛ فسجل العلماء هذا الصّوت، وفي يوم صحو، وكانت الشّمس ساطعة، و القرود في الخارج كعادتها، قام العلماء بإصدار هذا الصّوت المسجل؛ فشاهدوا أن القرود تسرع في عملية الاختباء تحت الأسقُف.وقام العلماء بتجربة أخرى مثيرة لصد هجوم قطيع من الفيلة على بعض القرى ، فسجلوا صوت زئير الأسود، وعندما هجم الفيلة على القرية وضعوا الزئير على مكبرات الصوت ، وأسمعوه للفيلة فوقفوا في مكانهم مباشرة وسارعوا بالهرب والرجوع من حيث أتوا!وهذا يُؤكِّد ما ذكرته آنفاً، من أنَّ الحيوانات ليس عندها ربط بين الأشياء بصُورة واعية، بل عندها انفعال، وتأثر بإحساسها المطبوع سابقاً، ولا تتعامل مع الواقع، بل مع إحساسها السّابق بصُورة انفعال.إذاً، النّفس أمر خاص بالإنسان، كما أنَّ السّمع والبصر والفؤاد ـ أيضاً ـ خاص بالإنسان، فالحيوانات لا تسمع ولا تبصر، لأنَّ السّمع هو قراءة للموجات الصّوتية بصُورة واعية، وكذلك الإبصار أيضاً، والحيوانات لا تقرأ إحساسها، بل تنفعل معه غريزياً، والصّواب أن نقول، عن وظائف حواس الحيوان، أنها ناقلة أو لاقطة للإحساس، ونسمي علم دراستها علم سلوك الحيوان، واجتناب الكلمات التي تدل على الوعي مثل: التعليم، الشعور، التفاعل، الحزن..الخ، ونستخدم عوضاً عنها تدريب، انفعال، انطباع، استرجاع، ردة فعل..الخ، وذلك للدّقة في البحث، وعدم الخلط مع المصطلحات الخاصة بالإنسان، وقتل الحيوانات ليس قتل نفس بغير حق، وقتلها دون مبرر هو من الإفساد في الأرض.