حوار افتراضي بين مسلم حنيف وآخر معتزلي

الحنيف: المصدر التشريعي الديني هو القرءان فقط .
المعتزلي: مصادر التشريع أربعة: العقل والقرءان و السنة والقياس.
الحنيف: ماذا تعني بكلمة السنة؟
المعتزلي : السنة مصطلح معروف يشمل فعل وقول وإقرار النبي محمد.
الحنيف: وهذا المصطلح هل هو قرءاني ولساني ؟
المعتزلي: كلا، تصالح عليه جمهور العلماء ، ولا مشاحة بالاصطلاح.
الحنيف: وهل الاصطلاح على شيء يجعله علماً وحجة وملزم للآخرين؟
المعتزلي: لا يهم الأسماء المهم المضمون.
الحنيف: أي مضمون، إذا أدخلت تحت مفهوم السنة ما ليس منها ، فحكم الفعل غير حكم القول أو حكم الإقرار، وأثناء الدراسة والنقاش لابد من ضبط المفاهيم بشكل علمي مبرهن عليه وليس اعتباطياً وغير محدد ويحتوي كل شيء.
المعتزلي: أنا غير ملزم باصطلاحك وتعريفك للأمور.
الحنيف: أنا لا أصطلح شيئا ً أنا أعرض مفهوم قرءاني لساني وهو يلزمك ، هل السنة في القرءان أو اللسان العربي تتعلق بالقول والحديث أم بالفعل والطريقة الثابتة ؟
المعتزلي : لا تلزمني بطريقة للنقاش خاصة بكم.
الحنيف : وهل يوجد طريقة خاصة بنا وخاصة بكم ، هذا علم وبرهان وهو يلزمك.
المعتزلي: عندنا السنة هي فعل وقول وإقرار.
الحنيف: طيب، هل يمكن للمصدر التشريعي الديني أن يكون ليس وحياً من الله؟
المعتزلي: طبعاً، لا يصح أن يكون المصدر الديني ليس وحياً من الله .
الحنيف: هل أفهم من كلامك أن السنة بكل ما تحوي حسب تعريفك هي وحي إلهي؟
المعتزلي: كلا، السنة ليس وحياً إلهياً.
الحنيف: عجيب ، وكيف وضعتها مع القرءان كمصدر ثاني وهي ليس وحياً؟
المعتزلي: صح ليس وحياً ولكن مدعومة بالوحي وتحت المراقبة .
الحنيف: جيد، أنت أقريت أن فعل النبي وقوله وإقراره ليس وحياً، بمعنى أن السنة ليس وحياً، هذه نقطة ثبتها.
المعتزلي : أنا قلت ذلك قبل قليل فلم تأت بجديد.
الحنيف هل النبي يجتهد؟
المعتزلي: لا يصح على النبي أن يجتهد فهو مبلغ ومطبق للوحي.
الحنيف: ولكن قلت أن السنة ليس وحياً، وهذا يلزمك أن النبي يجتهد بفهمه ودراسته للقرءان .
المعتزلي: يمكن أن يجتهد ولكن لا يصدر منه الاجتهاد إلى الواقع قبل أن يصوبه الوحي له ، وإن صدر للواقع وكان خطأ فسرعان ما يصوبه الوحي، وهذا ما قصدته بكلامي السابق السنة ليست وحياً ولكن مدعومة بالوحي وتحت المراقبة ، فاجتهاد النبي هو مراقب بالوحي وموجه للفهم الصواب.
الحنيف: هل هذا المصدر المدعوم بالوحي والمراقب يؤسس حكماً شرعياً أو مفهوماً إيمانياً أو خبراً غيبياً خارج القرءان ودونه مستقلاً؟
المعتزلي : أكيد الجواب هو النفي ، فهذا المصدر يتعلق بالشرح والتفسير والتطبيق وليس بالتأسيس لشيء مما ذكرت .
الحنيف: يعني أن القرءان هو المصدر التشريعي الديني فقط، وما ذكرته حضرتك تجاوزاً السنة مصدر هو ليس مصدر تشريع وحكم إلهي وإنما فلنقل افتراضاً مصدر تعليمي عملي.
المعتزلي: لا مشاحة بالاصطلاح ، لا يهم التسمية المهم مصدر ديني.
الحنيف: نحن بصدد نقاش ودراسة علمية أصولية وليس حديثاً عامياً شعبياً ، ولذلك يوجد فرق بين المصدر التشريعي والمصدر العملي.
المعتزلي: لا تلزمني بطريقتك وتقسيماتك و اصطلاحاتك.
الحنيف: طيب، هل يمكن للمصدر والحجة أن يكون ظني الثبوت؟
المعتزلي: المصدر والحجة و البرهان ينبغي أن يكون قطعي الثبوت لأنه سوف يتم البناء عليه .
الحنيف: هل مصدرك المدعوم بالوحي قطعي الثبوت ؟
المعتزلي: يغلب على السنة ظنية الثبوت، ولم يصح عندنا أكثر من 150 حديث حسب ما ذكر أحد الأئمة.
الحنيف: هل يمكن للمصدر أن يكون معظمه ظني الثبوت، ويخضع للتصحيح والتضعيف والقبول والرفض، وهل هذه الأحاديث 150 التي ثبتت عند أحد أئمتكم ملزمة للمسلمين أم هي رأيه وربما عند المعتزلة ذاتهم لم تثبت وربما يأتي آخر فلا يثبت عنده شيء ، فيستمر المصدر المدعوم بالوحي بالتقلص حتى يختفي؟ وحسب ما أعلم ان كتاب المعتزلي هذا لم يصل إلينا ولايعرفه أحد كما قال ابن النديم !!!!
المعتزلي: أنا أثبت السنة كمصدر من الناحية المبدئية وليس العملية و التفصيل، ولا أدافع عن كتب الحديث كلها وعلى رأسها البخاري ومسلم والكافي فهي جهد بشري …
الحنيف: أفهم من كلامك أن مفهوم مصدرية السنة عندك هو حالة ذهنية عاطفية فقط وليس لها ترجمة على أرض الواقع؟المعتزلي: لا تقولني ما لم أقل، وأنا غير ملزم بكيف تفهم.
الحنيف: هل كلمة السنة و الحديث أتت بالقرءان مع كلمة النبي أو كلمة محمد أو حتى الرسول؟
المعتزلي: الأمور ليست بهذا الشكل ولا تلزمني بطريقة دراستك ونقاشك ، ليس من الضروري أن تأتي الكلمة مقترنة بكلمة النبي أو الرسول ولكن أتت بالمعنى و المفهوم عندما أتى نص بأمر طاعة الرسول.
الحنيف: هل أتى بالقرءان أمر الطاعة مقترن بكلمة النبي أو كلمة محمد؟
المعتزلي: رجعت للأسلوب ذاته ، أنا غير ملزم بطريقة نقاشك فلا تلزمني بها ، ألم يأت أمر الطاعة مقترن بالرسول،؟
الحنيف: هل أفهم من كلامك أن دلالة كلمة النبي ودلالة كلمة الرسول وفي أي سياق أتيا يكون المعنى واحد، بمعنى أطيعوا الرسول يعني أطيعوا النبي ؟
المعتزلي: هذه أمور خاصة بكم لاتهمني ولا تلزمني بمصطلحات أنتم وضعتموها، والتفريق بين النبي والرسول.
الحنيف: أليس عندك الخطاب القرءاني خطاب حق ومحكم وصدق ومنزه عن الحشو والعبث؟
المعتزلي: أكيد الخطاب القرءاني محكم وحق وصدق.
الحنيف: ألا يلزمك هذا القول بالإقرار بقاعدة إذا اختلف المبنى اختلف المعنى، وهي قاعدة منطقية علمية قرءانية لسانية وليست خاصة بنا ؟
المعتزلي: القاعدة صواب ولكن تطبيقها من قبلكم خطأً.
الحنيف: طبقها أنت على مفهوم السنة و الحديث، ومفهوم النبي والرسول؟
المعتزلي: الموضوع كبير وقد بينت لك الفكرة وأقمت عليك الحجة بأن السنة مصدر ديني ملزم لنا وهو مكمل للقرءان في التفاصيل العملية، وإلا كيف تصلي وتحج وتزكي؟
الحنيف: لا تنزل للفروع طالما أن الأصل لم يثبت ، ونحن نفرق بين مفهوم السنة ومفهوم الحديث كما أتى التفريق بالقرءان واللسان العربي، فالصلاة نزل حكمها بالقرءان وهيئتها العامة وأتى بالسنة كطريقة عملية ممارسة التفصيل العملي لها الملحق بالحكم القرءاني، واستمرت بالأمة تتابعاً دون سند ولا عنعنة ولا علاقة لها بالحديث قط، وما أتى من أذكار وأدعية في الصلاة بالحديث هو على سبيل الاختيار النبوي ولا يفيد الإلزام به. وكذلك الحج.
المعتزلي: أنتم تناورون بالألفاظ وتستخدمونها حسب مزاجكم وما تريدون .
الحنيف: طيب، أنا فهمت من كل كلامك، التالي:
1- السنة ليس وحياً إلهياً.
2- السنة مصطلح ليس قرءانياً ولا لسانياً هو خاص بما وضعه العلماء قول وفعل وإقرار النبي.
3- السنة مصدر عملي وتعليم وشرح وليس مصدراً تشريعياً
4- القرءان هو المصدر التشريعي فقط
5- المصدر ينبغي أن يكون قطعي الثبوت
6- مصدر السنة يغلب عليه ظنية الثبوت
7- لم يثبت عندكم أكثر من 150 حديث وربما أقل، ولم يصل الكتاب لكم وغير معروف!!!
8- السنة لا تؤسس حكماً تشريعياً ولا مفهوماً إيمانياً ولا تثبت خبراً غيبياً
9- وضعها مع مصدر القرءان تحت عنوان مصادر التشريع هو وضع مجازي فهي ليست من مصادر التشريع .
10- السنة اجتهاد النبي ولكن مدعومة بالوحي كمراقبة .
11- السنة غير محفوظة ولم يتعهد الله بحفظها يمكن أن لا تصل إلينا
12- لا يهمكم كل كتب الحديث المعروفة من كل الملل وهي جهد بشري
13- لا تفرقون بين مفهوم السنة ومفهوم الحديث.
14- لا تفرقون بين مفهوم مقام النبي ومقام الرسول.
15- لا تفعلون القواعد اللسانية المنطقية أثناء دراسة القرءان مثل قاعدة : إذا اختلف المبنى اختلف المعنى.
16- تقيدون أنفسكم بالمصطلحات ولو خالفت القرءان و اللسان العربي .
17- تضعون السنة كمصدر مع القرءان رغم أنه لا يصح وضعها معه تحت عنوان مصادر التشريع .
18- السنة فرع وليست أصلاً، ولا تقوم بذاتها ولا حجة ولا برهان
19- تستخدمون كلاماً كبيراً ومبالغ فيه وخطأ عندما تقولون: إن مصدر السنة هو مكمل لمصدر القرءان .
20- القرءان هو المصدر المحفوظ والمستمر في الأمة وهو مستغن عن غيره وكامل في تشريعه
ما رأيك بهذا الكلام المختصر لفكرك وقناعتك عن مفهوم مصدر السنة وحجيتها هل هو غير صواب؟
المعتزلي: ليس كله صواباً وبهذا التفصيل، والمهم نحن نثبت مصدر السنة مبدئياً دون تفاصيل وهي مكملة للقرءان.
الحنيف : موقفكم وقولكم بمصدرية السنة رغم اضطراب التعريف العلمي لها والخلط مع مفاهيم أخرى هو حالة ذهنية لا واقع لها ، وتخبط علمي خطير في مادة الأصول، ومناورة و ربما مسايرة لعامة الناس، ويترتب عليه ضلال وضياع،وترسيخ مصدر السنة بمعنى الحديث في الأمة والإشراك به مع كتاب الله وهو ليس مصدراً تشريعياً باعترافكم، ولا ينطبق عليه مفهوم المصدر أو الحجة والبرهان.
والغريب أنكم تطعنون بمن يتبع القرءان ويقول إنه المصدر التشريعي الديني فقط رغم أنكم تقولون بذلك القول، وتتهمونهم بالسطحية وعدم العلم مع أن الواضح أنكم لا علم لديكم وتتخبطون تخبطاً بالمصطلحات التي تقدمونها على كتاب الله والمنطق واللسان العربي .