دين الإسلام
١- الدِيْن: { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ }يوسف76، تدل على النظام أو القانون، وثقافة هي: الرؤية العامة المعرفية للكون والحياة والموت والإنسان وعلاقتهم ببعض تقوم بالأجوبة على الأسئلة الثلاثة (كيف وجدنا، لماذا وجدنا، أين نذهب) ينبثق منها نظام للإنسان ككائن اجتماعي.
2- الإسلام : من الفعل الرباعي أسْلَمَ يُسلم إسلاماً فهو مُسلم، جذرها (سلم)، وتدل على الطاعة والانقياد بحرية بشكل سلمي.
مفهوم الإسلام: لهذه الكلمة مستويات في المعنى متداخلة ببعضها،{إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ }آل عمران19
- الإسلام الكوني:{أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ }آل عمران83
وهذا الإسلام تمثل بعدة مستويات:
– إسلام طوعي: وهو الانقياد لنظام الله السنني بعلم ووعي وحرية.
– إسلام إنساني: تمثل بانقياد الإنسان ككائن اجتماعي للمفاهيم الإنسانية ومنظومة القيم والأخلاق بوعي وحرية
– إسلام كَرهي: تمثل بانقياد الإنسان للنظام الكوني والنظام الاجتماعي نتيجة صرامة السنن وسلطة المجتمع.ومن هذا الوجه أتى إسلام الأعراب بنص: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14، إسلام أعرابي (كلمة أعراب نقيض كلمة عرب، وهي تعني خلاف الحق والصواب والطهارة والنقاء والاستقامة) نتيجة قوة السلطة الاجتماعية وصرامة السنن الكونية.
– إسلام لله: وهذا دين النبيين كلهم منذ بدء الوعي الإنساني وأركانه ثلاثة فقط: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62
وتمثل بانقياد الإنسان ككائن اجتماعي للمفاهيم الإنسانية ومنظومة القيم والأخلاق بوعي وحرية مدعومة بمفاهيم إيمانية غيبية.
{إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }البقرة131، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً }النساء125.
– إسلام قرءاني: وهو استمرار للإسلام الإلهي وتمثل بانقياد الإنسان ككائن اجتماعي للمفاهيم الإنسانية ومنظومة القيم والأخلاق بوعي وحرية مدعومة بمفاهيم إيمانية غيبية مؤمناً بالقرءان ككتاب جامع لما سبق من الكتب ومُكمل لها.
ودين الإسلام الكوني بمستوياته الثلاثة هو الحد الأدنى الذي ينبغي أن يؤمن الإنسان به ليكون إنساناً صالحاً في المجتمع، وفي حال خالفه لن يقبل المجتمعات الإنسانية منه ذلك،{وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} آل عمران 85 ، ونقيض الإسلام هذا هو الإجرام. {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ }{مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }القلم35- 36
أما الإسلام الإلهي والقرءاني فهو ارتقاء إيماني يضاف للإسلام الكوني
والقاعدة للنجاة يوم القيامة هي: مدى فاعلية الإنسان سلمياً وعمله الصالح لنفع المجتمع والنهضة به، وليس على التصورات الذهنية.
{ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}النحل32،{فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ}{وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}الزلزلة7- 8
3- الإيمان: من الأمن والأمان، وتدل على الانقياد والطمأنينة والاستقرار النفسي والانضباط السلوكي وفق مفاهيم معينة ينبثق منها سلوك اجتماعي، وهذا الإيمان متعدد المستويات:
– إيمان إنساني: وهو ارتقاء بالإسلام الكوني التفاعلي إلى حالة الإيمان الفاعل في المجتمع كمواطن صالح يساهم في نهضة المجتمع وتنميته.
– إيمان بالله: وهو ارتقاء بالإسلام الإلهي (والقرءاني) التفاعلي إلى حالة الإيمان الفاعل في المجتمع كمواطن صالح يساهم في نهضة المجتمع وتنميته وفق مفاهيم إيمانية غيبية.
– إيمان بالطاغوت: وهو انتكاس بحالة الإسلام الكوني ونقض مفاهيم السلم والسلام واتباع أئمة الكفر بإجرامهم وعدوانهم و موالاتهم. {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256 ،{ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }العنكبوت52
مفهوم المؤمن: اسم فاعل يدل على الارتقاء من حالة الإسلام التفاعلية إلى حالة الإيمان الفاعلية في المجتمع، وتمثلت بنوعين:
- مؤمن إنساني: فعَّل مفهوم السلم والسلام وارتقى به إلى الفاعلية الاجتماعية وفق منظومة القيم والأخلاق والعمل الصالح. وقد أتى في القرءان ذكر المؤمن إنسانياً كحال وسلوك.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء136، الخطاب(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ) عام يشمل المؤمنين إنسانياً والمؤمنين بالله من أتباع النبيين السابقين.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62، ودلالة كلمة (الذين آمنوا) في النص تعني المؤمنين إنسانياً.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ }محمد2، دلالة كلمة (الذين آمنوا) في النص على عمومها تدل على المؤمن إنسانياً والمؤمن بالله من أتباع النبيين السابقين.
{رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً }الطلاق11
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً }النساء92، دلالة كلمة (مؤمن) على عمومها تشمل المؤمن الإنساني والمؤمن بالله.
– مؤمن بالله: وتمثل في أتباع النبيين السابقين، وأتباع النبي محمد الخاتمي الذين يتبعون القرءان، والواجبات في القرءان تتعلق بهم.
ومن هذا الوجه صار في واقع الحال، كل مسلم لله هو مسلم كوني ضرورة والعكس غير صواب، وكل مؤمن بالله هو مؤمن إنساني ضرورة والعكس غير صواب، والمؤمن القرءاني هو مؤمن بالله والعكس ليس صواباً.
ونقيض الإسلام عموماً هو الإجرام، ونقيض الإيمان عموماً هو الكفر والعدوان.
القرءان (المصحف) هو كتاب الله الذي أنزله على النبي محمد للناس، وهو الكتاب الجامع والمكمل لما سبق من الكتب الإلهية ، وهو كتاب أوسع من الدين لاحتوائه القصص و الكونيات فقد بلغ عدد نصوصه 6348 آية، ونصوص الدين جزء منه لا يتجاوز 500 آية ، وهي مُحكمة في مفهومها وتحت متناول إدراك كل الناس على اختلاف ألسنتهم وقدراتهم الفهمية ولا تحتاج علماً وتفكيراً لفهمها، وهذا يعني أن المسلم لا يحتاج لكهنوت ليفهموه أمور دينه، وأن الاختلاف في فهم النصوص غير الدينية هو اختلاف خارج دائرة الدين وهو يقبل التنوع والتعدد في الأفهام أو التوقف، ولا علاقة للكفر أو الإيمان بها، وهي أمور لاتهم الإنسان العادي ولا يحتاجها في أمور دينه وهي تتعلق بالعلماء والباحثين والمفكرين.
4- المنهج الحنيف: وهو حركة تصاعدية نامية وفق الثابت و المتغير ، ويتعلق بمجالات عدة:
– الكون و الحياة والإنسان: يكون من خلال دراسة الشيء كيف كان وسار وصار واكتشاف السنن التي تحكمه ليصير عندنا مصدر علمي نعتمد عليه في الدراسة.
– التاريخ: يكون من خلال دراسة الأحداث التاريخية على مختلف وسائل وصولها إلينا، دراسة عبرة وعظة وملاحظة العاقبة لاكتشاف سنن التغيير الاجتماعي وموت وحياة الأمم، والتاريخ مصدر معرفي وليس مصدرًا دينياً.
– الدين: يكون من خلال مصدره الواقع والقرءان، ويتم دراسته وفق مفهوم المقاصد والمنافع للناس وفق مفهوم الرحمة والأحسن للناس، وتمثل ذلك بإسقاط النص على محله من الخطاب وفق منهج منطقي قرءاني و مفاهيم وضوابط اللسان العربي المبين.
وقام بناء الدين الإسلامي على أركان ثلاثة: الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح.
- الإيمان بالله: وتمثل ذلك المفهوم بوحدانية الله وتعظيمه وتوحيده بالمشاعر والشعائر التعبدية وطاعته فيما أمر.
- اليوم الآخر: هو إيمان بوجود حياة بعد الموت تكون حياة دائمة يتعلق بها المسؤولية والحساب عما اقترفه الإنسان في الحياة و الدنيا إن كان خيرا ً فهو خير له وإن كان شراً فهو شر له وذلك وفق مفهوم الحكمة والرحمة الإلهية.
- العمل الصالح: هو كل عمل يتم على موجبه إصلاح شؤون الناس ومساعدتهم ودعمهم وفق منظومة القيم والأخلاق الحسنة.
الشرع الإسلامي: قام على مفهوم الحدودية.
- النظام الاجتماعي قام على الحد الأدنى وترك للمجتمع تجاوزه صعوداً وفق المستجدات بما يحقق له الأحسن والأفضل له.
مثل محارم النكاح، والمطعومات…، وما سوى ذلك هو تشريع إداري وتنظيمي وتوجيهي أو أحكام طوارئ ظرفية ليست مُلزمة بذاتها ، مثل المواريث والتعدد في النكاح والقتال…
- نظام العقوبات قام على الحد الأعلى وترك للمجتمع تجاوزه نزولاً نحو الرحمة والإنسانية.
الوصايا العشر هي الحد الأدنى لحماية المجتمع واستقامة الحياة وصلاحيتها، وهي عقد اجتماعي توافقي محمي بالسلطة القانونية.
الشعائر التعبدية الصلاة والصيام والحج، هي شعائر فردية واجبة تمارس اجتماعياً، ولكل ملة شعائرها الخاصة، أما الزكاة فهي حكم اجتماعي لأنها تتعلق بالتفاعل مع المجتمع ومساعدته بمختلف الوسائل الممكنة مادياً أو معنوياً.
– العلاقة بين الناس تقوم على الإسلام الكوني وفق مفهوم التعايش والتعارف والتعاون ، ونرفع شعار الحياة حق للناس ولا إكراه لأحد والحرية للجميع، والعلم والأخلاق أساس للنهضة والعمران
اضف تعليقا