الآيات الشيطانية
(النبي محمد يتَقوّل على الله عند أهل السنة)
القرآن قُدس أقداس الإسلام، وأساس الدعوة المكين، وهو كلام الله الذي أخذ مُنزّله على نفسه وعداً أن يحفظه،{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } الحجر 9، فكيف لنا أن نصدق أن النبي ينساق وراء الشيطان ويضيف إلى القرآن ما تهواه نفسه إرضاء لقومه, أو يلقي الشيطان على لسانه ما يريد، وهذا ما ورد حرفياً في كتب التراث التي تخبط خبط عشواء: ( لما رأى رسول الله تولي قومه عنه وشقَّ عليه ما يرى من مباعدتهم ما جاءهم به من الله تمنى في نفسه أن يأتيه من الله ما يُقارب بينه وبين قومه، وكان يسره مع حبه قومه وحرصه عليهم أن يلين له بعض ما قد غلظ عليه من أمرهم، حتى حدّث بذلك نفسه وتمناه وأحبه، فأنزل الله {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ، وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} النجم1-3 فلما انتهى إلى قوله: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} النجم19-20، ألقى الشيطان على لسانه لما كان يحدِّث به نفسه ويتمنى أن يأتي به قومه ( تلك الغرانيق العُلى، وإنَّ شفاعتهن تُرتضى) فلما سمعت قريش فرحوا وسرهم وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم فأصاخوا له، والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاءهم به عن ربهم ولا يتهمونه على خطأ ولا وهم ولا زلل، فلما انتهى إلى السجدة منها، وختم السورة سجد فيها، فسجد المسلمون بسجود نبيهم تصديقاً لما جاء به وإتباعاً لأمره، وسجد من في المسجد من المشركين من قريش وغيرهم لما سمعوا من ذكر آلهتهم، فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا وسجد إلاَّ الوليد بن المغيرة فإنه كان شيخاً كبيراً فلم يستطع السجود فأخذ بيده حفنة من البطحاء فسجد عليها، ثم تفرق الناس من المسجد، وخرجت قريش وقد سرهم ما سمعوا من ذكر آلهتهم يقولون قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر قد زعم فيما يتلو (إنها الغرانيق العلى وإن شفاعتهن تُرتضى). وبلغت السجدة مَن بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله ، وقيل أسلمت قريش، فنهض منهم رجال، وتخلف آخرون، وأتى جبريل رسول الله فقال: يا محمد ماذا صنعت؟ لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله وقُلتَ ما لم يُقَل لك!، فحزن رسول الله عند ذلك حزناً شديداً، وخاف من الله خوفاً كثيراً، فأنزل الله وكان به رحيماً يُعزّيه ويخفف عليه الأمر، ويخبره أنه لم يك قبله نبي ولا رسول تمنى كما تمنى، ولا أحب كما أحب إلاَّ والشيطان قد ألقى في أمنيته كما ألقى على لسانه فنسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم آياته، أي فإنما أنت كبعض الأنبياء والرسل فأنزل الله{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} الحج 52، فأذهب الله عن نبيه الحزن وآمنه من الذي كان يخاف ونسخ ما ألقى الشيطان على لسانه من ذكر آلهتهم (إنها الغرانيق العُلى وإن شفاعتهن ترتضى) بقول الله { أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ،وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى، تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى} إلى قوله: { وَكَم مِّن مَّلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَى} النجم26، أي فكيف تنفع شفاعة آلهتكم عنده؟ فلما جاء من الله ما نسخ ما كان الشيطان ألقى على لسان نبيه، قالت قريش: ندم محمد على ما ذكر من منزلة آلهتكم عند الله فغَيّر ذلك وجاء بغيره، وكان ذانك الحرفان اللذان ألقى الشيطان على لسان رسول الله قد وقعا في فم كل مشرك فازدادوا شراً إلى ما كانوا عليه، وشدة على من أَسلم واتبع رسول الله منهم، وأقبل أولئك النفر من أصحاب رسول الله الذين خرجوا من أرض الحبشة لما بلغهم من إسلام أهل مكة حين سجدوا مع رسول الله حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن الذي كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلاً فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار أو مستخفياً. تاريخ الطبري (2/ 75 -76)، والبزار
وأصل هذه القصة وردت في البخاري ومسلم، انظر:
1- عن ابن عباس قال:( سجد النبي بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس) فتح الباري في شرح صحيح البخاري رقم(4581).
عن ابن عباس قال:( أول سورة أُنزلت فيها سجدة (سورة النجم) فسجد رسول الله، وسجد مَن خلفه إلاّ رجلاً رأيته أخذ كفّاً من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قُتل كافراً، وهو أمية بن خلف). فتح الباري في شرح صحيح البخاري رقم(4582)، وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب سجود التلاوة رقم( 576).
أول سؤال ينبغي معرفة جوابه هو كم كان عمر “ابن عباس” في زمن حصول الحدث؟ وهل كان قد وُلد أصلاً؟
والسؤال المطروح للنقاش لماذا سجد المشركون؟ هل لمجرد سماع آيات من سورة النجم؟ أم فعلاً الآيات الشيطانية (إنها الغرانيق العُلى وإن شفاعتهن تُرتضى) موجودة في القصة فكانت سبباً لسجود المشركين!، وتم إغفال روايتها!.
وهذا الذي دفع ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري إلى القول:(أن كَثرة الطرق تدل على أن القصَّة لها أصلاً). وذلك في تعليقه تحت الحديث المذكور أعلاه، (1)فتأمل!.
هذه الرواية التي يتجلى فيها جهد التكلف تَحشر النبي في زمرة المتَقَوّلين على الله، وهو إثم عظيم ما بعده إثم , فرب العزة يقول: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِلَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ }الحاقة44- 46، وقصة مختلقة كهذه تُخرج النبي من دائرة أُولي العزم من الأنبياء؛ بل من النبوة كلها، فأين عزمه إذا كان الشيطان يُنطقه بما يشاء، وتَطعن في سلامة عقل النبي وصفاء ذهنه، وتُتيح لأعداء الإسلام فرصة النيل منه على مبدأ: من فمك أُدينك، وتتعارض مع النص القرآني الصريح بحفظ القرآن الكريم:
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9 .
بعد كل ذلك يأتي من يصَوِّب هذه الرواية ويتبناها دون أن يُعطينا سبباً واحداً يُبرر تثبيتها في تراثنا كحقيقة لا يرقى إليها شك، لمصلحة مَن يتم ذلك، ولماذا!؟.
أفلا تُفَكّرون!.
اضف تعليقا