قصة حصلت في فرع تحقيق المخابرات الجوية

عندما كنت في فرع التحقيق في فرع الأمن الجوي حينما اعتقلنا في عام 1999، كان يمارس علينا الضرب بكبل الكهرباء أو العصا ، المهم كان زميل لي يتعرض للضرب فصار ينادي أحد أحد، أحد أحد، مما أثار قوله هذا موجة كبيرة من الضحك و السخرية بين السجانين والقائمين على الضرب والتعذيب، وقال أحدهم: صار عندنا بلال الحبشي، وصرخ بصوت منكر على زميلي بالشتم واللعن وقال له : هل تظن إننا اعتقلناكم من أجل دينكم أو صلاتكم أو إيمانكم يا كذا وكذا وكذا وكذا …..
طبعاً ، سبب الاعتقال كان التواصل أو الانضمام لحزب محظور يهدف الانقلاب على النظام الحاكم وهو حزب التحرير.
المهم في الحدث هو أن الشباب كانوا يظنون أن عملهم هو من الدين وهم كأفراد مثل الصحابة ، والفتنة التي يتعرضون لها هي فتنة متعلقة بإيمانهم بالله العظيم ، بينما كان الطرف الآخر( النظام ) ينفي ذلك ويقول إن السبب ليس هو الدين بدليل الاعتقال للشيوعيين بالتهمة ذاتها ، ومعظم الشعب دينه الإسلام والمساجد منتشرة بكثرة وكذلك المصلون .
هذه ظاهرة وأزمة في الثقافة الإسلامية منتشرة بين الشباب عندما جعلوا الدولة لها دين وأسلموها، رغم ان الدولة هي شخصية اعتبارية لادين لها ، ولو أن الدين يؤثر بها عندما يكون ثقافة يحملها المجتمع ، ولو كان قضية الأحزاب كلها العدل والظلم، الحرية والاستعباد، والشورى والاستبداد، وينادون بمجتمع مدني ودولة إنسانية علمية تقوم على المواطنة بدعوة سلمية لرأيت كل الأحزاب تقود الأمة وتمثلهم وتتعاون الأحزاب مع بعضها مترادفة ورديفة تدعم بعضها ، ويصير الأمر حرباً فكرية سلمية بين الحق والباطل ، بين العدل والظلم ، بين الحرية والاستعباد، ومن يُعتقل تكون تهمته المطالبة بالحرية والمواطنة وسيادة القانون و الإنسانية لكل أفراد المجتمع وليس حرباً دينية ولاطائفية ولاعرقية ولايوجد تهمة الإطاحة بالنظام القائم أو المؤامرة والخيانة للدولة و المجتمع، أو الإرهاب.