الرد على شبهة أن الدين الإسلامي دين قتل وقتال وحرب

أيها الأخوة الأفاضل
نصف الكلام لا جواب له ، وهذا معروف بين الناس ولا يوجد استثناء لهذه القاعدة ولو كان كلام الله نفسه، فلا يصح اقتطاع نص قرءاني من سياقه وفهمه بمعزل عن منظومته ومحل الخطاب مثل جملة ( فويل للمصلين) أو جملة ( ولا تقربوا الصلاة ) أو جملة ( فاقتلوهم حيث ثقفتموهم) أو جملة ( فانكحوا ما طاب لكم)…الخ، ومن يقوم بذلك هو شيطان يريد أن يشوه المعنى ويؤسس لمفهوم شيطاني خلاف المفهوم القرءاني، ويستغل الكلام القرءاني بذلك وقداسته عند المسلمين ويمرر مفهومه الشيطاني ويخدع الناس .
وللأسف الغرب يقوم بتلك العملية التجزيئية ويقتطع جمل من النص القرءاني ويعزلها عن سياقها ومنظومتها ويبني عليها مفهوم شيطاني مخالف للقرءان وينقض القرءان ويتهمه بناء على مفهومه الشيطاني ويلزم القرءان بمفهومه كونه أتى بهذه الجملة المقتطعة من النص والسياق.
ومفهوم الأمر بالقتل والقتال هو من هذا الباب، فيجب فهم نصوص الأمر بالقتل والقتال وفق السياق الذي أتت به والمنظومة التي ينتمي إليها الأمر.
المنظومة العامة الثابتة التي تحكم علاقات الناس ببعضهم والشعوب هي قاعدة السلام والتعايش والتعارف والتعاون{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13، { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }المائدة2
والإثم والعدوان محرم ، هذا أصل ثابت وهو المنظومة العامة التي تحكم حركة المسلم والمجتمع السلمي، وهذا لا يعني أن المجتمع يسمح للآخرين بالاعتداء عليه واحتلاله واستعباده وسرقة ثرواته، فهذا الاعتداء من الآخرين لابد له من مجابهة وتوقيف لهم عند حدهم لذلك أتى الأمر القرءاني بقتال الذين يقاتلوننا{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ }البقرة190، فنحن لم نبدأ القتال وإنما رددنا العدوان عن أنفسنا من هؤلاء المجرمين الأوغاد، فهم المعتدون علينا والدفاع عن أنفسنا هذا حق لنا شرعاً وقانوناً وعرفاً ومنطقاً عند كل العقلاء والمجتمعات الإنسانية، وكل نصوص القتال أو الأمر بالقتل هي متعلقة بمعركة وحرب دائرة بين المجتمع السلمي و المجتمع المعتدي أو المحارب لنا ، وفي كل دساتير المجتمعات الإنسانية يوجد أحكام طوارئ متعلقة بالحرب والدفاع عن المجتمع والمشاركة بالقتال حين الاعتداء عليهم ، وهذه الأحكام هي أحكام طوارئ مؤقتة ظرفية وليست دائمة ولا أصل في العلاقات الإنسانية مع بعضهم، ولا يصح رفع هذه الأحكام شعارات ومبدأ للمجتمع لأنها غير ثابتة ولا أصل بخلاف السلام والتعايش والتعاون فهو مبدأ وأصل ثابت فهو يرفع كشعار ومبدأ للمجتمع السلمي .
لذلك؛ لايصح كل هذه الافتراءات على الإسلام أنه دين القتل والرعب والإرهاب والقتال فهذه الأمور كلها كذب وافتراء واقتطاع جمل من القرءان وعزلها عن سياقها وبناء مفاهيم شيطانية عليها خلاف القرءان والواقع.
وشكراً لحسن إصغائكم بسلام ووعي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجزء الرابع من المحاضرة التي كان ينبغي إلقائها في المركز الثقافي المصري في يوم السلام العالمي 21/9/2014