هل ذكر لسان العرب أن نساء جمع نسيء؟

سؤال للتدبر والدراسة للقراء

نسأ (لسان العرب)
نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً: تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه، وبَدَأَ حَمْلُها، فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ، والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ، وقد يقال: نِساءٌ نَسْءٌ، على الصفة بالمصدر. يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل: قد نُسِئَتْ.

ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه: أَخَّره؛ فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً، والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ.

قال الفرّاءُ: النَّسِيءُ المصدر، ويكون الـمَنْسُوءَ، مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ، والنَّسِيءُ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ، فهو مَنْسُوءٌ إِذا أَخَّرْته، ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسيءٍ، كما يُحَوَّل مَقْتول إِلى قَتيل.

ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً، على ما لم يُسمَّ فاعِلُه، إِذا كانت عند أَوَّل حَبَلِها، وذلك حين يتأَخَّرُ حَيْضُها عن وقته، فيُرْجَى أَنها حُبْلَى.
وهي امرأَة نَسِيءٌ.

يقال: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذا تأَخَّر حَيْضُها، ورُجِي حَبَلُها، فهو من التأْخير ، وقيل بمعنى الزيادة من نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذا جَعَلْت فيه الماءَ تُكَثِّره به، والحَمْلُ زيادةٌ.  انتهى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • اقرؤوا قول الفراء: ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسيءٍ، كما يُحَوَّل مَقْتول إِلى قَتيل.
  • واقرؤا قول ابن منظور: امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ، ونِسْوةٌ نِساءٌ ، فالمرأة الواحدة نسء ونَسوء ونسيء، والنسوة (جمع امرأة) نِساء.
  • والسؤال المطروح:
  • هل ذكر لسان العرب أن جمع كلمة نسيء عندما تتحول إلى منسوء هو نسأى مثل قتيل ومقتول؟ وهل ذكر أن جمع نسيء عندما تتعلق بوصف للمرأة النسيء هو نساء أم لا؟  وما هو وزن كلمة (نسيء و نِساء)؟

لاحظ عُلماء اللسان – فيما بعد – هذا التّفريق، فقاموا بعمليَّة السّبر والتّقسيم للمُفردات، وكيفيَّة استخدامها في الواقع، ووضعوا نظامًا له، يتمُّ – من خلاله – معرفة وزن الجَمْع، وكان ذلك بحُدُود وتعاريف مُنضبطة؛ فقالوا:

1 ـ كُلُّ كَلمة تأتي على وزن (فَعيل) تدلُّ على صفة فاعل لمُذكر عاقل بمعنى المَدْح أو الذَّمِّ تُجمَع على وزن (فُعلاء)؛ مثل:

فعيل…………….. فُعلاء

عليم…………….. عُلماء

بخيل…………….. بُخلاء

شريف……………. شُرفاء

حنيف………………. حنفاء

شهيد ……………….شهداء

2 ـ كُلُّ كَلمة تأتي على وزن (فعيل) وهي وَصْفٌ لفعل وَقَعَ على الإنسان بمعنى مفعول به، يأتي جَمْعها على وزن (فَعْلَى)، مثل:

فعيل ………………….. فعلى

قتيل (مقتول)…………. قَتْلَى

جريح (مجروح)…………. جَرْحَى

نسيء (منسوء)…….. نسأى

3 ـ الكَلمات التي تأتي – دائمًا – على وزن (فعيل) وعَيْنُها (واو) وصحيحة (اللاَّم) تُجمَع على وزن (فعال) دائمًا، مثل:

فعيل…………………. فعال

طويل………………… طوال

قويم………………….. قوام

4 ـ الكَلمات التي تأتي على وزن (فعيل) مُعتلَّة اللاَّم، أو مُضاعفة، وتدلُّ على صفة الشّيء تُجمَع على وزن (أَفْعلاء)؛ مثل:

فعيل…………….. أفْعلاء

نبي……………… أنبياء

وصي……………. أوصياء

شديد…………….. أشدَّاء

5 ـ كُلُّ كَلمة تأتي على وزن (فعيل)، وتدلُّ على اسم شيء بعينه تُجمَع على وزن (فُعْلان)، مثل:

فعيل……………… فُعلان

قميص…………….. قُمصان

رغيف…………….. رُغفان

قضيب…………….. قُضبان

6 ـ ما أتى من الكَلمات على وزن (فعيل) مُضاعفة اللاَّم تدلُّ على صفة تُجمَع على وزن (أفْعلة)، مثل:

فعيل………………….. أفْعلة

حبيب…………………. أحبَّة

قليل………………….. أقلَّة

ذليل………………….. أذلَّة

عزيز…………………. أعزَّة

7- الكَلمات التي تأتي على وزن (فعيل)، وتدلُّ على صفة، أو حال الشّيء، وصحيحة اللاَّم تُجمَع على وزن (فعال)، مثل:

فعيل…………… فعال

صغير …………. صِغار

قصير…………… قِصار

كبير…………….. كِبار

سمين…………… سِمان

نحيف…………… نِحاف

نسيء……………….؟؟

هذه هي أهمُّ أوزان جَمْع التّكسير لوزن (فعيل)، وهُناك كَلمات شواذّ عن هذه الأوزان، وهذا الشُّذُوذ لا يعني خطأ الكَلمة، وإنَّما يعني أنَّ الكَلمة لم تندرج تحت القواعد التي وضعها العُلماء، وذلك لأنَّ القواعد إنَّما وُضعت لتستوعب مُعظم حالات الكَلمة، وليس كُلَّ اللسان. فإذا تناولنا كَلمة (نسيء) نجد أنَّها على وزن (فعيل)، وإذا تناولنا كَلمة (نساء) نجد أنَّها على وزن (فعال)، هذا واقع موجود في اللسان لا مفرَّ منه، ووُجُود الكَلمة على وجه مُعيَّن هُو – بحَدِّ ذاته – دليل عليها؛ لأنَّ وُجُود الكَلمة أسبق من القاعدة، وما القاعدة إلاَّ لاحقة في الوُجُود للكَلمات، قد تتناول كُلَّ حالات الكَلمات، وقد تقصر عن حالات.

أمَّا مسألة استخدام العَرَب – سابقًا – للكَلمة على دلالة دُون أُخرى كَامنة في أصل دلالة الكَلمة؛ فلا يعني أنَّ ذلك مُلزم للمُجتمعات اللاَّحقة باستخدام الدّلالة المُختارة من قبَل المُجتمع السّابق، فلكُلِّ مُجتمع حُرِّيَّة التّفاعل والاستخدام لدلالة الكَلمة الأصل، حسب أدواته المعرفيَّة؛ نحو كَلمة (كَتَبَ)، فهي تدلُّ على مُجرَّد الجَمْع للشّيء المُتجانس، ولهذا الجَمْع صُور لا مُتناهية في الواقع، والقرءان نزل عَرَبيَّ اللسان، فلكُلِّ مُجتمع أنْ يفهم صُورة دلالة كَلمة (كَتَبَ) حسب أدواته المعرفيَّة، مادام أنَّ النَّصَّ القرءاني لم يُحدِّد صُورة مُحدَّدة لدلالة كَلمة(كَتَبَ) في الواقع.

فالحُجَّة في اللسان، وليس باستخدام مُجتمع مُعيَّن للسان على صُورة مُحدَّدة، فكُلُّ استخدام للسان إنَّما هُو مُرتبط بثقافة المُجتمع وأدواته المعرفيَّة، ويتَّسع دلالات اللسان حسب تطوُّر المُجتمع أدواتيًا ومعرفيًا،