مفهوم كلمة الناس في القرءان

      كلمة (ناس) أصلها من نوَس، وقلبت الواو إلى الف فصارت ناس ينوس نَوَسانًا،  والجمع لمن يقوم بفعل النَوَس هو الناس وهي تدل على الحركة المستورة المنضمة على بعضها بامتداد و منتهية بحركة حرة. وهذا الذي يحصل في العلاقات بين الناس من كونها تنوس نَوَسانًا مثل حركة نوَّاس الساعة مع تعدد احتمالات التنوس.

قال ابن منظور تحت مادة نوَس: الناسُ قد يكون من الإِنس ومن الجِنِّ وأَصله أَناس فخفف. (لسان العرب)

      وكلمة (إنس) من أَنِس يأنس إنسانًا، وهي تدل على الألفة والاستلطاف، والراحة وقَبول الآخر، والتعايش معه، والظهور، وضدها التوحش التي تدل على الطباع الغليظة والمنفرة والقاسية، وعدم التعايش، و رفض الآخر.

      دلالة كلمة الناس في القرءان عامة تشمل الذكور والإناث ، والكبار والصغار، والرجال والنساء، والمؤمنين والكفار، والإنس والجن على مختلف اللسان واللون.  ( قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس) سورة الناس، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13،{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1، {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }البقرة164، ولاشك أن النفع عام لكل الناس صغيرهم وكبيرهم والإناث والذكور ، والرجال والنساء ، والشيوخ والعجزة ،ومؤمنهم وكافرهم ، وإنسهم وجنهم، {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }آل عمران9، {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }المائدة32، {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }يونس24،  {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }يوسف49، { كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }الرعد17، {قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً }مريم10، هل إن كلَّم الأطفال الواعين مسموح له؟ {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }غافر57، هل كلمة ( خلق الناس) لا تشمل الأطفال؟ {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ }الشورى42، هل الأطفال لا يقع الظلم عليهم وخاصة اليتامى؟ {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ }المطففين2، ألا يمارس الأطفال فعل البيع و الشراء ويمكن أن يقع عليهم الظلم؟ {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ }المطففين6، السياق ومحل تعلق الخطاب في الواقع يحدد سعة مفهوم الناس واستغراقه للجميع أو لمجموعة غير محددة {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ }آل عمران173، ورغم أن الأطفال والمرضى من الناس بالمفهوم اللساني ولكنهم منطقياً يخرجون من الخطاب التكليفي بقرينة حال واقعهم من نفي القدرة العقلية أو الجسمية عنهم وعدم تفاعلهم مع الخطاب وتنفيذه.