نقاش رد بعض عباد المثناة على القرءانيين

إن أمر الله واضح وهو إطاعة الله – وإطاعة الرسول – ولكل منهما أثره – فطاعة الله القرآن الكريم وطاعة الرسول هو الحديث الشريف, وهذا ما أمر الله به وإلى قيام الساعة…

) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )

فأين يذهب المتقرئنون – الذين جعلوا القرآن عضين؟؟؟

نقاش هذه المقولة

هذه المقولة مليئة بالتناقض والجهل واغتيال العقل لنرى ذلك من خلال تحليلها:

1-   النقطة الأولى قوله: إطاعة الله ، وإطاعة الرسول.

فقد اعتمد على نصوص أتت بالأمر بالطاعة بشكل منفصل ومستقل لله كفعل طاعة وحده ، وفعل طاعة للرسول وحده، مثل: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ }المائدة92

وأهمل أو تغافل أو تجاهل النصوص التي أتت بأمر فعل طاعة واحد مشترك  لله و الرسول معاً،  أو لا يدري أصلاً بالفرق بين النصوص هذه، انظروا:

– {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }النساء13

-{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }النساء69

-{قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }آل عمران32

-{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ }النور52

-{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }آل عمران132

-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ }الأنفال20

-{وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }الأنفال46

هل جملة(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ) بفعلين مستقلين هي مثل دلالة جملة:( أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ) بفعل واحد؟

من جعل القرءان عضين؟ ومن يحرف كلام الله ويبني مفهوم من نص دون نص آخر؟

-2 النقطة الثانية قوله: وطاعة الرسول هو الحديث الشريف.

هذه المقولة باطلة لأن مفهوم الرسول هو التلاوة و التبليغ للرسالة وإلا انتفى عنه اسم الرسول، انظروا لمهمة الرسول في القرءان:

–       {مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }المائدة99

–       {وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ }الرعد40

–   {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ }النحل35

–       {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ }النحل82

–       {وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }العنكبوت18

–       {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }التغابن12

فإن قام الرسول نفسه بمهمة أخرى  لا يكون ذلك من مقام الرسول وإنما من مقام آخر مثل التعليم والدعوة فهذا من مقام النبوة.

فحديث الرسول هو القرءان ذاته وليس له حديثاً خاصاً به ، فإن كان لشخص الرسول حديث خارج الرسالة يكون من منطلق النبوة واسمه حديث نبوي وليس حديث الرسول، وهذا الحديث النبوي كونه خارج الرسالة فهو ليس كلام الله ، ولا بقوة الرسالة ولا مصدر تشريعي وغير ملزم مع الرسالة ، لأنه لو كان جزءاً لايتجزأ من الرسالة لنزل بها وصار من مقام الرسول وليس من مقام النبوة ، ولشمل هذا الحديث كل مواصفات الرسالة ابتداء من حفظه مع الرسالة ليتم الحساب على موجبه.

ولذلك لا نجد في القرءان إضافة كلمة السنة أو الحديث للنبي، وإنما يأتيان مضافين لله:

{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الفتح23

{اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء87

وحديث الله هو القرءان ذاته وهو حديث الرسول الذي أمره أن يتلوه على الناس

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ }الجاثية6

{أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ }الواقعة81

{فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ }القلم44

{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً }الكهف6

{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }الزمر23

{فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ }الطور34

فقوله: طاعة الرسول هو الحديث الشريف، مقولة باطلة كيف ما قرأتها، فطاعة الرسول متعلقة بطاعته فيما يتلو من رسالة ، والحديث الشريف هو كلام النبي من تأليفه ولا علاقة له بالرسالة ذاتها، ولذلك لا نجد في القرءان أمر الطاعة متعلق بالنبي قط، ولا أمر باتباعه كنبي، وإنما نجد أمر الطاعة والاتباع متعلقين بالرسول وهذا يعني أن الطاعة للرسالة و كذلك الاتباع لها.

3- النقطة الثالثة :وطاعة الرسول هو الحديث الشريف, وهذا ما أمر الله به وإلى قيام الساعة…

مقولة(ما أمر الله به وإلى قيام الساعة…) مقولة تنسب الظلم لله وتنفي عنه الحكمة لنرى ذلك:

عندما يأمرك الله بطاعة حديث النبي وإتباعه الشخصي ينبغي عليه أن يحفظ لك كلامه وأحاديثه حتى يحاسبك على موجبها ، وينبغي عليه أن يُبقي لك النبي حياً لتتبعه، وهذا من تمام الحكمة والرحمة، أما أن يترك حديث النبي للتحريف والضياع والكذب كما هو مشاهد في الواقع ، ويتوفى النبي ويموت، ومن ثم يأمرك أن تطيع حديث النبي الضائع المحرف ، وتتبع النبي الميت فهذا مناف للحكمة ، كيف يحاسبنا على شيء غير معروف ولا محفوظ؟

وهل يصح أن يترك حفظ حديث النبي للناس، ويتعهد هو بحفظ كلامه ورسالته فقط، ويجعلهما سواء بالحساب والمسؤولية والطاعة و الاتباع ؟.

{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9

{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144

{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }الزمر30

4- النقطة الرابعة: ) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا )

هل أحاديث النبي للناس جميعاً ؟

هل فعلاً كل المسلمين يؤمنون بأحاديث النبي بالمستوى ذاته ؟

أليس كل ملة بل كل مذهب له مرجعيته الحديثية الخاصة به؟

هل كلمة الرسول في النص يقصد بها شخص النبي وأحاديثه أم رسالة الله هي للناس جميعاً وهي المحفوظة؟

هل فعلاً القرءان ناقص وبحاجة لمن يكمله ؟

هل فعلاً القرءان قاصر عن البيان و التبيين رغم أن الله وصفه بالمبين والنور والهدى؟

هل الأمر بالتبيين للكتاب هو أمر بالشرح والتفسير أم أمر بتلاوته وإظهاره للناس وتبليغهم؟

أخيراً قوله: فأين يذهب المتقرئنون – الذين جعلوا القرآن عضين؟؟؟

ونقول: نحن لم نذهب خارج القرءان ولم نشرك معه المثناة (مااستكتب الناس من كلام وزاحموا به كتاب الله)، بل مازلنا مع القرءان ندور حيث دار، ونقف حيث يقف، ونتبع مفاهيمه وأوامره دون تفريق ولا تجزئة ، ونتبع الرسول ونطيعه فيما نزل عليه من الرسالة ، ونحترم النبي محمد ونجله كنبي خاتمي عظيم وله أحاديث وحِكم عظيمة نتعامل معها وفق منهج قرءاني علمي صارم، ونعدها تفاعل النبي كعالم مع القرءان وواقعه، ولا نعدها مصدراً تشريعياً قط، ونفرق بين مفهوم السنة ومفهوم الحديث النبوي، ونعد السنة ممارسة عملية دون انقطاع متواترة متعلقة بالصلاة والحج فقط ، وهما تنفيذ لأمر قرءاني لا يخضع للتطور و تغير الزمن، وليس تشريعاً مستقلاً عن الرسالة

وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ }يونس15

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ }الجاثية6