الموت و الحياة

الموت في اللسان: فقدان قوة فاعلية الشّيء وصلاحيته.

ولمعرفة الفرق بين الموت، والحياة، لابُدَّ من إسقاط ذلك على الواقع ومشاهدة الفرق بينهما.

قال تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ}( يس 33)

الأرض الميتة: هي التّربة القاحلة الجدباء، التي لا نبْت فيها، ولا أثر لوُجُود أي كائن حي في داخلها، فإذا نزل الماء عليها، اهتزَّت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج.

قال تعالى: {وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} (النحل 65)، فعندما ينزل الماء، الذي هو أصل الحياة كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} (الأنبياء 30)، على التّربة الميتة،  تتفاعل التّربة مع الماء والضّوء والحرارة والرّطوبة، فتصير مُهيأة لأن تحتضن صُور الحياة في رحمها، ويخرج منها الكائنات الحية من نبات، وغيره.

إذًا؛ الأرض الميتة، هي التربة الساكنة على نظامها الرّحمادي، الحركي، الثّنائي، فتكون الأرض الحية، هي التربة الفاعلة، والمنتجة للكائنات الحية.

وبذلك نصل إلى تعريف الموت، والحياة.

الموت: هو فقدان الفاعلية والإنتاج.

الحياة: هي امتلاك صفة الفاعلية، والإنتاج بصُورة ذاتية.

وبناء على معرفة كل من الموت، والحياة نصل إلى تفسير مجموعة من الآيات القرءانية:

1- {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (آل عمران 185)، كلمة (ذوق) تدل على تناول بعض الشّيء لاختباره.

فيكون المقصد من النّص، أن تموت كل نفس، لفترة زمنية، طالت أو قصرت،  فليس الموت صفة ًدائمة ًللنّفس، وإنَّما هو صفة تَذَوُّقية (مؤقتة)، وكذلك ليس الموت نهاية الحياة بالنّسبة للإنسان، بل هو مرحلة انتظار للانتقال إلى الحياة الأخرى، التي تُوفى الأجور فيها حسب الجهد، والعمل في مرحلة الحياة الأولى.

2- {إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى} (طه 74)

فهذا المجرم الذي يدخل النّار، يفقد صفة الفاعلية والإنتاج،لأنه ملازم لحالة العذاب، فهو من هذا الوجه، ليس حيًا، حسب مفهوم الحياة، وليس ميتًا، حسب مفهوم الموت، لأنه يمتلك ـ في الأصل ـ صفة الفاعلية والإنتاج، ولكنها معطلة، فهو ـ المجرم ـ ليس بميت ولا حي، وكذلك ـ المجرم ـ في الحياة الدّنيا، إذا استخدم فاعليته وإنتاجه، في غير ما يصلح للنّاس من خير ونفع، فهو إنسان عاطل، ليس بميت، وليس بحي.

3- {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} (غافر 11).

لاحظ استخدام النص لكلمة {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} وهي غير كلمة (مرتين)، فعلى ماذا تدل كل منهما ؟

مرتين: كلمة تدل على تكرار الحدث، مع وجود فاصل زمني بينهما.

اقرأ قوله تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} (البقرة 229)

وقوله{وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} (الأحزاب 31).

وقوله: {أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ} (التوبة 126).

اثنتين: كلمة تدل على تثنية الأمر بزمن واحد أو بصورة متصلة متعاقبة.

اقرأ قوله تعالى: {… فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ…} (النساء 11).

وقوله{.. فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ..} (النساء 176).

{إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ } يس14

فمثلًا نقول: جئت لعندك مرتين بصحبة اثنين، ولا يصح أن نقول: جئت اثنتين، ونقول: طرقت الباب مرتين وفي كل مرة اثنتين، ونقول: خذ اثنين من المعز مرتين.

إذًا، النص ـ ابتداءًـ  لا يتكلم عن مراحل الموت أو الحياة بصورة منفصلة عن بعضهما، بل يتكلم عن مرحلة موتٍ أو حياة بصورتين متعاقبتين، فما هما هاتان الصورتان؟

بداية، ينبغي أن نستحضر المفهوم الثابت لدينا، المتعلق بالموت والحياة بصورتيه المادية والمعنوية، الذي هو دلالة النص القرءاني {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (البقرة 28)

1-(وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا) أي مواد ميتة، التي هي التراب والماء، اقرأ قوله:

{وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} (يس 33).

2-(فَأَحْيَاكُمْ) بدء عملية الخلق للبشر، ثم النَفْخُ فيه من الروح، ليضاف إلى حياة الجسم حياة النفس من خلال الوعي، والإدراك، والالتزام بالروح الكوني، والشرعي، وهاتان هما صورتي الحياة (المادية والمعنوية).

3-(§ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) موت الإنسان بخروج نفسه من جسمه، ويترتب على ذلك توقف فاعلية نفسه نتيجة هلاك جسمه.

إذًا، لا يمكن للإنسان أن يموت اثنتين بصورة الموت الجسمي، مما يؤكد أن دلالة (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ) متعلقة بالجسم؛ وبشيء آخر غيره، في وقت واحد، ولدى الدراسة، نجد أن صورة الموت الثانية، هي موت نفس  الإنسان، وكلمة الروح يدل على أمر الرب، وفي الواقع، هو مجموعة السنن والقوانين التي تحكم الوجود كله (الروح الكوني)؛ ويدل على أمر الرب الشرعي؛ الذي تمثل برسالته للناس، اقرأ قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}  (الشّورى 52)، ليصيرا روحًا واحداً منسجمان مع بعضهما بعضًا ـ الروح الكوني، والروح الشرعي ـ، ويجب على الإنسان أن يلتزم بهما معًا، ويتحرك في الكون وفق روحه (سنن وقوانين)، ويتحرك ـ اجتماعيًا ـ وفق روح المجتمع، المنضبط بروح الشرع الإلهي، فيصير هذا الإنسان حيًا في جسمه، وحيًا في نفسه، أمّا الذي يكفر ويُفسد في الكون، ويكفر بشرع الله؛ فيصير حيًا في جسمه، وميتًا في نفسه، التي يعقبها موت جسمه نهاية بصورة متصلة، وهذه هي دلالة (أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ).

أما دلالة) أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ)، فالحياة الأولى للجسم، وتكون من خلال البعث والحياة في الآخرة، والثانية الملتصقة بها، هي حياة النفس عند الكفار، لمّا يدركون الحقيقة بأم أعينهم، ويتطهرون من شركهم وأوهامهم بواسطة النار، لذلك قالوا: {.. فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} (غافر 11).

أمّا المؤمنون فلا يذوقون إلا الموتة الأولى؛ التي هي الموت الجسمي بعد حياتهم في الدنيا، {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} (الدخان 56)، فالمؤمنون يحيون في الدنيا اثنتين؛ حياة الجسم، وحياة النفس (فاعلية وإيمان وانسجام مع الكون)، ويموتون موتة واحدة (موت الجسم)، ليحيون بعدها في الآخرة اثنتين؛ حياة الجسم، وحياة النفس(فكرًا وتأملًا وسعادة وسرورًا) اقرأ قوله تعالى:

{إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيى}  (طه 74)،  فالكافر لا يموت في النار من الناحية الجسمية، فهو حي، وليس هو حيًا من الناحية النفسية، فهو الميت الحي، وما أكثرهم في الحياة الدنيا.

فيكون المؤمنون قد عاشوا حياتين فاعلتين سعيدتين، في الدّنيا، من خلال الالتزام بالرّوح الذي أنزله الله (القرءان)، والروح الكوني، وفي الآخرة، من خلال فوزهم بالجنة، ورضوان الله عليهم.

قال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (الأنعام 122).

وقال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} (الشّورى 52).

وقال: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (النّحل 97).

4-{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عمران 169).

وهؤلاء اسمهم المقتولون الأحياء عند ربهم.

إن الإنسان الذي يُقتل في سبيل الله (الحق)، سواء أكان نتيجة عمله في الفكر والثّقافة، أم نتيجة سقوطه في المعركة، أم غير ذلك، ممَّا هو متعلق بسبيل إعلاء كلمة الحق، إن هذا الإنسان لا يموت، بل يمر بصُورة ومضة تقتضيها عملية الانتقال من جسم إلى آخر، لأن حياة النّفوس مُرتبطة بالأجسام(1)، ويستمر في حياته الجديدة، وفق نظام آخر، خارج الحياة الدنيا وخارج المقبرة البرزخية للنفوس الميتة، إلى أن يصدر القرار الإلهي بإنهاء الحياة الدنيا عامة فيتم توفي نفوس الأحياء حينئذ ومنهم نفوس الذين قتلوا في سبيل الله، ويذوقوا جميعًا الموت {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (العنكبوت57)، وعندما تقوم السّاعة؛ يبعث الله النفوس من قبورها البرزخية؛ فترجع نفوسهم إلى أجسامهم  الجديدة، ويستمرون بالحياة من خلالها؛ وهذا جواب على سؤال هل يوجد قتلى غير أموات؟ والجواب ذكرناه؛ نعم يوجد، فليس كل مقتول ميت، مع وجود قتلى في الأموات وهم المقتولين في سبيل الباطل و الجرائم والكفر والعدوان!.

ومن هذا الوجه، تبين ـ لي  ـ صواب حديث النّبي عمومًا كمفهوم بصرف النظر عن صحة الألفاظ حرفيًا الذي يقول فيه:

(لما أُصيب إخوانكم بأحد جعل الله تعالى أرواحهم (نفوسهم) في أجواف طير خضر ترد أنهار  الجنة  وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله تعالى لنا).  أخرجه الإمام أحمد وغيره عن ابن عباس.

وهذا الحديث، هو تقريب  لمفهوم أن الشّهداء(2) الذين  يُقتلون في سبيل  الله (الحق) -لأنه يُوجد شهداء لا يُقتلون، وإنَّما يموتون ميتة طبيعية- لا تموت نفوسهم، وإنما ينتقلون من جسم هلك إلى جسم جديد في بُعد آخر غير البُعد الدنيوي، وغير المقبرة البرزخية، وذلك حتَّى تقوم السّاعة، ويبعث الله الأجسام الجديدة المنسجمة مع الوضع الجديد مرة أخرى؛ ليعودوا إليها.

وهذه الأجسام الجديدة، للشّهداء المقتولين، تخضع لنظام آخر لا نشعر نحن به، ولكن هم يستمرون في الحياة، عند ربهم يُرْزَقون، تعويضًا لهم عن تضحيتهم وشجاعتهم، وبذل أثمن ما عندهم في الحياة الدّنيا، بخلاف نفوس الآخرين؛ فإنها عندما تنفصل عن أجسامها (تموت) أي تُحفظ في مستودع ومستقر، تُعيد صور الحياة التي كان يعيشها في الدنيا مع بث حالات في نفسه تتناسب مع سيرته الحسنة أو السيئة، سرورًا أو شقاء، وهذا ما يُسمى عذاب القبر(1){النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيًا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر46)،  إلى أن تُبعث أجسامها يوم القيامة فتدخل كل نفس في جسمها الجديد، ويبدأ الحساب.

إذًا، التّراب والماء كائنات ميتة، لا تتصف  بالحياة، رغم وُجُود الرّوح الذي يُسَيِّرُ المادَّة فيها، وعندما خُلقت الكائنات الحية، كان ذلك، من جراء إيجاد بنية متطورة بروحها عن الذرة، وليست هي إلاَّ الخلية، فكانت اللّبنة الأولى، التي خُلقت الكائنات الحية منها، فروح الذرة غير روح الخلية، رغم أنَّ الأولى هي الأساس للوُجُود، والفرق بينهما هو:

الذرة: كائن رحمادي حركي، ثنائي (متعدد العناصر) غير فاعل، وغير منتج لطاقته بذاته.

الخليةكائن رحمادي حركي، ثنائي زوجي فاعل، ومنتج بذاته لطاقته، واستمراره في الحياة.

إذًا، الذرة والخلية، كلاهما مُسَيّران بالرّوح، وتمتاز الخلية عن الذرة بامتلاكها صفة الحياة، أما موت هذه الخلية؛ فيكون بتوقيف روح الحياة من فاعليتها، وإرجاعها إلى روح الذرة؛ فترجع الكائنات الحية إلى التّراب، وتتحلل إلى عناصرها الأولى، نتيجة اضطراب أو استهلاك في بُنية الخلية على صعيد روحها(قانون التناقض الذاتي)، أو جسمها، مِمَّا يؤثر على حركة المنظومة الكُلِّيَّة التي تنتمي إليها الخلية، فتصيبها بالاضطراب في روحها  بصُورة كُلِّيَّة تَسير بها نحو الموت والهلاك.

فالكائنات الحية لديها أرواح تحكمها، وهي مُسَيَّرة بحسبها، وهو (الرّوح) النّظام السّنني، الذي يحكم حياتها، ومن ثمَّ، مَن يعلم النّظام (الرّوح) يستطيع أن يُطيل حياتهم، وهذا معلوم، ومشاهد على أرض الواقع؛ فالإنسان يقوم بإطالة أعمار الكائنات الحية، من خلال دراسة أرواحها، ومحاولة إصلاح ما فسد منها، أو هلك، لتستمر في الحياة، إلى أن يصلوا إلى عمرهم الافتراضي، وما مسألة الاستنساخ، إلا مسألة متعلقة بمعرفة روح الخلية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سوف نتعرض لتلك المسألة لاحقًا في فصل النّفس.

(2) كلمة شهداء جمع شهيد وهي صفة مشبهة باسم فاعل، وتدل على الحضور الواعي، بينما كلمة شاهد اسم فاعل وجمعها شاهدون وتدل على من يدلي بشهادته سواء أكان حاضر الحدث بعلم و وعي فيكون شهيدًا، أو غير حاضر الحدث ويدلي بشهادة خبرة وعلم مثل شهادة الشاهد في قصة النبي يوسف {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا} يوسف26. ولذلك لا نجد في أسماء الله الحسنى اسم الشاهد لأنه حاضر لا يغيب أبدًا، بينما نجد صفة الشهيد {إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً}النساء33

(1) يوجد فرق بين الدفن والقبر، فليس كل ميت يدفن في التراب لاحتمال حرقه أو غرقه أو فقدان جسده لظرف ما، بينما كل ميت لابد من قبر نفسه ضرورة، ويكون ذلك في المقبرة البرزخية، وهي مستودع للنفوس، ومفهوم عذاب القبر لا يتعلق بالجسد الترابي وإنما يتعلق بالنفس، وهو حالة معنوية تشبه حالة النائم الذي يحلم.

من كتابي دراسة إنسانية