تدبر الآية {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ } [البقرة: 210]

الآية الكريمة {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ} من سورة البقرة، تحتوي على معانٍ عميقة تحتاج إلى تدبر وتفسير دقيق. هذا المقال يتناول تفسير دلالة “في” و”من”، وفاعل الإتيان، ومحل تعلق فعل الإتيان، مع الاستشهاد بنصوص قرآنية مشابهة لتوضيح فعل الإتيان.
دلالة حرف الجر “في”
في هذه الآية، يستخدم حرف الجر “في” للدلالة على الحال أو الظرف الذي يحدث فيه فعل الإتيان. بمعنى أن الإتيان يحدث في حالة وجود ظلل من الغمام. هذا الاستخدام يوضح أن الفعل مرتبط بحدث كبير يقع في ظروف مهيبة تشمل الغمام.
دلالة حرف الجر “من”
حرف الجر “من” في هذه الآية يدل على البيان، أي أن الظلل مكونة من الغمام. الظلل هنا تشير إلى شيء يوفر الحماية أو التغطية، وبالتالي فإن الغمام هو المصدر الذي تتكون منه هذه الظلل.
فاعل الإتيان
فاعل الإتيان في الآية هو الله، والفعل “يأتيهم” يعود إلى الله، ولكن ليس بمعنى أن الله يتحرك أو يأتي بنفسه، بل أن الله هو الذي يأتي بشيء إلى الناس في حال وجود ظلل من الغمام. هذا الشيء قد يكون قضاءه أو أمره.
محل تعلق فعل الإتيان
فعل الإتيان يتعلق بشيء (محل الإتيان) الذي سيوجده الله في ظلل من الغمام. يمكن فهم هذا على أنه ظهور أمر إلهي أو قضاء محتوم يحدث في ظروف مهيبة تشمل الظلل من الغمام.
استشهاد بنصوص مشابهة
لتوضيح مفهوم فعل الإتيان بشكل أكبر، نستشهد بالآية {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ} [القصص: 71]. في هذه الآية، فاعل الإتيان هو الله، والفعل “يأتيكم” يتعلق بالضياء الذي يأتي به الله. هنا أيضًا، الله هو الفاعل، ولكنه يأتي بشيء (الضياء) للناس.
خلاصة
الآية {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ} تتحدث عن إتيان شيء عظيم من عند الله في حال وجود ظلل من الغمام. دلالة “في” هي الحال، و”من” للبيان. وفاعل الإتيان هو الله، ولكن ليس الله نفسه هو الذي يأتي، بل فعل الإتيان يتعلق بشيء يجلبه الله في ظلل من الغمام، مثل قضاءه أو أمره. هذا الفهم يتسق مع منظومة أسماء الله الحسنى التي تنزه الله عن الحركة المادية.