الليل والنهار خلق مادي أم ظاهرة
الليل والنهار هما من الظواهر الطبيعية الأساسية التي تؤثر على حياتنا اليومية. من منظور قرآني، يمكن إثبات أن الليل والنهار هما خلق كظاهرة وعرض، وليس لهما وجود مادي مستقل مثل الشمس والقمر. سنستخدم نصوصًا قرآنية ومفهوم “خلق” في اللسان العربي لدعم هذا الفهم.
مفهوم الخلق في اللسان والقرآن
في اللسان العربي ، تعني كلمة “خلق” الإيجاد والإنشاء. في القرآن الكريم، وردت كلمة “خلق” بمعاني متعددة، منها الإيجاد والتصوير. على سبيل المثال، في قوله تعالى: “تَخْلُقُونَ إِفْكًا” (العنكبوت: 17)، تعني “تخلقون” هنا تصنعون أو تدعون شيئًا ليس له وجود حقيقي، مما يشير إلى دلالة معنوية للخلق. وأيضًا في قوله تعالى: “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ” (الملك: 2)، يُظهر الخلق هنا كظاهرة معنوية تهدف إلى اختبار البشر.
الأدلة القرآنية
يذكر القرآن الكريم خلق الليل والنهار بجانب الشمس والقمر في عدة مواضع، منها قوله تعالى: “وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” (الأنبياء: 33).
وأيضًا في قوله تعالى: “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ” (الملك: 2).
تحليل النص القرآني
النص القرآني يذكر خلق الليل والنهار مع الشمس والقمر، مما يثير تساؤلات حول طبيعة وجود هذه العناصر. الشمس والقمر هما كيانان ماديان لهما وجود ملموس، بينما الليل والنهار هما ظاهرتان ناتجتان عن حركة الأرض بالنسبة للشمس. وبالمثل، يذكر النص القرآني خلق الموت والحياة كجزء من النظام الكوني الذي وضعه الله لاختبار البشر، مما يشير إلى أنهما ظاهرتان عرضيتان وليسا كيانات مادية مستقلة.
الفرق بين الظاهرة والوجود المادي
بعض الآراء تقول إن فعل “خلق” يشمل كل ما ذكر بعده ولا يصح التفريق بين خلق الليل والنهار كظاهرة والشمس والقمر كوجود مادي. لكن بالنظر إلى طبيعة هذه العناصر، يمكننا استنتاج أن الخلق يشمل الظواهر الكونية (الليل والنهار والموت والحياة) والكيانات المادية (الشمس والقمر). الليل والنهار والموت والحياة هي نتائج لحركة ونظام معينين، مما يثبت أنها ظواهر عرضية.
القرينة التي تحدد الفرق بين الدلالة المادية والمعنوية
القرينة التي تحدد الفرق بين دلالة كلمة “خلق” المادية أو المعنوية هي محل تعلق الخطاب من الواقع. فإذا كان الخطاب يشير إلى كيان مادي ملموس مثل الشمس أو القمر، فإن دلالة “خلق” تكون مادية. أما إذا كان الخطاب يشير إلى ظاهرة أو حالة عرضية مثل الليل والنهار أو الموت والحياة، فإن دلالة “خلق” تكون معنوية. هذا هو الميزان والمعيار الذي يحدد توجه كلمة “خلق” من الدلالة المادية إلى المعنوية.
الخاتمة
تحليل النصوص القرآنية ومفهوم كلمة “خلق” يظهر أن الليل والنهار والموت والحياة هي ظواهر كونية عرضية، وليست كيانات حقيقية قائمة بذاتها. هذه الظواهر هي نتيجة لحركة ونظام معينين وضعهما الله في الكون، وهما آيات دالة على قدرته وعظمته. هذا الفهم يعزز من تقديرنا لعظمة الخلق ويدعونا للتفكر في آيات الله في الكون.
اضف تعليقا