الفضل مفهومه لسانًا وقرآنيًا
الفضل في اللسان العربي يشير إلى الزيادة، الكرم، والتفوق. عندما يُنسب الفضل إلى الناس، فإنه يعبر عن تفاضلهم في النعم أو القدرات أو العلم. أما عندما يُنسب الفضل إلى الله، فالمفهوم يتطلب توضيحًا مختلفًا لأنه ليس مرتبطًا بحاجة أو نقص، بل هو تعبير عن كمال الله وحكمته. في هذا السياق، سنستعرض مفهوم الفضل لسانًا وقرآنيًا، مع الانتباه إلى أن فضل الله لا يُمنح اعتباطيًا، بل وفق حكمته وعلمه.
1- الفضل بين الناس: الزيادة والتفاضل
عندما يُنسب الفضل إلى الناس، يُفهم على أنه زيادة في الرزق أو التفوق في العلم أو العمل. هذا الفضل يأتي كنتيجة لجهود الشخص وسعيه. يقول الله تعالى:
{وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ} (النحل: 71)
في هذه الآية، “الفضل” يشير إلى التفاضل في الرزق بين الناس، والذي يأتي نتيجة تفاوت القدرات أو الجهد أو الحكمة الإلهية في توزيع النعم.
2- الفضل عندما ينسب إلى الله: الكمال والعطاء عن علم وحكمة
عندما يُنسب الفضل إلى الله، فهو لا يعني زيادة فوق حاجته، لأن الله غني كامل لا يحتاج إلى شيء. فضل الله هنا يعبر عن عطائه الذي يأتي من علمه وحكمته. الفضل من الله ليس مجرد زيادة مادية، بل هو نعمة توزع وفق حكمته المطلقة. قال تعالى:
{ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (الحديد: 21)
فضل الله هنا ليس عشوائيًا أو اعتباطيًا، بل هو نتيجة لحكمة الله وعلمه. الله يعلم أين يضع فضله، ويمنحه لمن يستحقه بناءً على استحقاقهم أو اختبارهم.
3- الفضل مرتبط بالجهد والعمل
الله لا يمنح فضله دون حكمة أو استحقاق. رغم أن الله قد يفيض بنعمه، فإنه لا يضيع أجر من يحسن عمله، ولا يُعطي فضله لمن لا يستحقه إلا لحكمة معينة. قال تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} (الكهف: 30)
هذا يدل على أن فضل الله يأتي بناءً على الجهد والعمل الصالح، ولا يكون دون استحقاق أو جهد.
4- فضل الله ليس اعتباطيًا
بما أن الله عليم وحكيم، فإن الفضل الذي يمنحه لا يكون بدون هدف أو قصد. فضل الله دائمًا يأتي وفق علمه الواسع وحكمته البالغة، ولا يُعطي الفضل لمجرد العطاء دون سبب أو حكمة. يقول تعالى:
(اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (الأنعام: 124)
هذا يؤكد أن فضل الله، سواء كان ماديًا أو علميًا، يكون وفق تدبير إلهي محكم.
5- الحكمة في توزيع الفضل
الله يعلم أين يضع فضله، سواء كان ذلك في الرزق أو العلم أو القوة، ولا يُعطيه لمن لا يستحقه أو بدون سبب. يقول الله تعالى:
{وَيَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (البقرة: 212)
هذا الرزق يأتي وفق الحكمة الإلهية ومرتبط بالمشيئة وهي تتعلق بالاحتمالات الممكنة القابلة للتغير، ويخدم هدفًا أعلى، قد يكون ابتلاءً أو اختبارًا أو مكافأة، ولا يُعطى بدون حكمة أو تدبير.
خاتمة
فضل الله ليس اعتباطيًا أو عشوائيًا. كل نعمة وعطاء من الله يأتي بناءً على حكمته وعلمه. سواء أكان الفضل في الرزق، العلم، أو الصحة، فإن الله يمنحه وفقًا لاستحقاق الشخص أو لتدبير إلهي يتجاوز تصورات البشر. الفضل بين الناس يعبر عن التفاضل في النعم، أما فضل الله فيعبر عن كرم إلهي محكم وحكمة عليا.