بدء سن الرشد أربعين عام أم أربعين سنة
يُعتبر سن الرشد من المراحل الأساسية في حياة الإنسان، حيث يكتمل فيها النضج العقلي والجسدي وتبدأ مرحلة المسؤولية الاجتماعية والدينية. النص القرآني الذي يتحدث عن بلوغ الإنسان {أربعين سنة} يُعتبر مرجعًا مهمًا لفهم هذه المرحلة. ومع ذلك، عند النظر في النصوص القرآنية بدقة، خاصة من خلال الفرق بين “السنة” و”العام”، نجد أن الأربعين سنة لا تعني أربعين عامًا زمنية مجردة، وإنما تشير إلى مفهوم يعتمد على الأحداث والمواسم، مما يجعل الإنسان يبلغ سن الرشد عند 20 عامًا، استنادًا إلى الواقع وفعل الله.
الفرق بين “السنة” و”العام”:
إن التفريق بين “السنة” و”العام” هو المفتاح لفهم النصوص القرآنية المتعلقة بالزمن والأحداث. العام يشير إلى وحدة زمنية مجردة تستخدم في الحساب دون ارتباط بحدث معين، كما يظهر في قوله تعالى: {فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (التوبة: 28)، وهذا العام مؤلف من 12 شهر قمري {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة36، في المقابل، السنة تُستخدم في سياق مرتبط بالأحداث والمواسم، كما في قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا} (يوسف: 47)، حيث ترتبط “السنين” هنا بالزراعة، مما يعني أن “السنة” تشمل أحداثًا أو مواسم متعددة.
القرينة: الفرق بين “السنة” و”العام” ودلالته على سن الرشد:
عند النظر إلى النص {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} (الأحقاف: 15)، فإن الأربعين “سنة” لا تعني بالضرورة أربعين عامًا من الزمن التجريدي، وإنما تشير إلى أربعين موسمًا أو حدثًا يحصل خلال الأعوام، وبالتالي فالعام قد يحتوي في داخله عدة سنوات. ومن خلال فهم طبيعة الإنسان وتطوره النفسي والجسمي، حيث أن الإنسان يبدأ في تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات في سن 20 عامًا، وهو السن الذي يتوافق مع النضج الجسدي والعقلي الذي أشار إليه القرآن. وبذلك، فإن أربعين “سنة” تعني في هذا السياق عشرين “عامًا”، وهو العمر الذي يصل فيه الإنسان إلى الرشد ويصير مسؤولًا.
الدراسات النفسية والبيولوجية حول سن الرشد:
تشير الدراسات النفسية والبيولوجية إلى أن الإنسان يصل إلى مرحلة النضج العقلي والجسدي في سن يتراوح بين 18 و20 عامًا. أبحاث علم الأعصاب تشير إلى أن نمو الدماغ يكتمل في هذه المرحلة، خاصة الجزء المتعلق باتخاذ القرارات العقلانية وحل المشكلات. هذا يؤكد أن سن 20 عامًا هو السن الذي يبدأ فيه الإنسان تحمل المسؤولية الكاملة.
الفلسفة وسن الرشد:
تناولت الفلسفات القديمة والحديثة مفهوم الرشد والمسؤولية في الإنسان. الفلاسفة مثل أفلاطون وأرسطو أكدوا أن الإنسان يصل إلى النضج العقلي في أوائل العشرينيات. هذا ينسجم مع الفهم الذي يشير إلى أن سن 20 عامًا هو البداية الحقيقية لتحمل المسؤولية الاجتماعية والفكرية.
الخاتمة:
من خلال التدقيق في الفرق بين “السنة” و”العام”، وبالنظر إلى الواقع وفعل الله في خلق الإنسان، يتبين أن سن الرشد يبدأ عند الإنسان في سن 20 عامًا، وهذا ما تبناه معظم قوانين المجتمعات، وليس كما ادعى بعضهم أربعين عام وبالتالي أسقط عن الإنسان قبل ذلك المسؤولية . والأربعين سنة المذكورة في النص القرآني لا تشير إلى أربعين عامًا زمنية، بل إلى أربعين حدثًا أو موسمًا، وهو ما يعادل 20 عامًا من العمر. هذا الفهم يتماشى مع الدراسات النفسية والبيولوجية التي تؤكد أن الإنسان يكتمل نضجه الجسمي والعقلي في هذه الفترة، مما يجعله قادرًا على تحمل المسؤولية واتخاذ القرارات الناضجة.، ولو أنه يغلب عليه عنفوان الشباب وفورته، ولذلك لايصلح على الغالب لتسلم مراكز قيادية ومسؤولية، وليس إسقاط عنه المسؤولية و الحساب.