الصراع العربي الإيراني

           يُعد الصراع العربي الإيراني واحدًا من أخطر الصراعات السياسية في الشرق الأوسط، حيث يمتد على مدى عقود طويلة ويأخذ أبعادًا دينية، جيوسياسية، واقتصادية. يهدف هذا الصراع بشكل رئيسي إلى بسط النفوذ السياسي لإيران على المنطقة العربية، وتوسيع رقعة سيطرتها الجيوسياسية لتصل إلى البحر المتوسط. إيران تستغل الدين والمذهب الشيعي كأدوات لتفتيت المجتمعات العربية وضرب وحدة أهل السنة. كما تقوم باستخدام رموز دينية مقدسة مثل المسجد الأقصى والقدس لتضليل الشعوب العربية والإسلامية، ودفعهم إلى التحرك ضد حكامهم.

أبعاد الصراع:

  1. البعد الديني والمذهبي:

يعتمد النظام الإيراني بشكل كبير على استغلال المذهب الشيعي كأداة لإثارة النزاعات داخل الدول العربية ذات الأغلبية السنية. تُظهر إيران نفسها كحامية للشيعة في المنطقة، وتعمل على تعزيز الانقسامات الطائفية التي تهدف في النهاية إلى زعزعة الاستقرار الداخلي في الدول العربية. يدّعي النظام الإيراني أن حركته تهدف إلى الدفاع عن “المستضعفين” وأنه يسعى لتحرير القدس والمسجد الأقصى، لكن في الواقع، الهدف الأساسي هو نشر النفوذ السياسي وتعزيز التحالفات الطائفية التي تخدم مصالحه الخاصة.

  1. البعد الجيوسياسي:

يهدف الصراع الإيراني العربي إلى تحقيق الهيمنة على منطقة الشرق الأوسط. إيران تسعى لتوسيع نفوذها الإقليمي من خلال دعم الجماعات المسلحة والمليشيات في سوريا، لبنان (حزب الله)، العراق، واليمن (الحوثيين)، وهذه القوى تشكل أدوات ضغط تمكن إيران من التأثير على السياسات المحلية والإقليمية. تسعى إيران من خلال هذا التوسع للوصول إلى البحر المتوسط، مما يمنحها نفوذاً استراتيجياً مهماً في مواجهة الدول العربية، خاصة في دول الخليج.

  1. البعد الاقتصادي:

إيران تستغل الثروات الطبيعية، وخاصة النفط والغاز، لبناء نفوذ اقتصادي يمكّنها من توجيه سياسات الدول التي تعتمد على إمدادات الطاقة. تُعد السيطرة على موارد الطاقة في المنطقة من الأهداف الأساسية لإيران، حيث تمنحها القدرة على التأثير على الأسواق العالمية وأيضًا ممارسة ضغوط اقتصادية على خصومها.

أسباب الصراع:

  1. التنافس التاريخي:

الصراع العربي الإيراني له جذور تاريخية تعود إلى الفتوحات الإسلامية الأولى والصراع بين الفرس والعرب. على مر القرون، كانت هناك فترات من التوتر والصراع بين الإمبراطوريتين الفارسية والعربية. ويظهر هذا التنافس الآن في شكل سياسي وطائفي في المنطقة.

  1. الرغبة الإيرانية في الهيمنة:

بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، تبنّت إيران سياسة توسعية تهدف إلى تصدير الثورة إلى الدول العربية والإسلامية. تعتبر إيران نفسها قوة إقليمية كبرى تسعى إلى ملء الفراغ السياسي الذي خلفه ضعف الدول العربية وتقويض نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

  1. استخدام الدين كأداة سياسية:

تقوم إيران بتسخير الدين والمذهب الشيعي كأدوات لتحقيق أهدافها السياسية. تستغل النظام الإيراني المناسبات الدينية الشيعية والإشارات إلى رموز مثل الإمام الحسين والمسجد الأقصى للتأثير على الجماهير العريضة، متهمة الحكومات العربية بالخيانة والتقصير في الدفاع عن القضايا الإسلامية الكبرى، خاصة قضية فلسطين.

استخدام رموز دينية مثل القدس والمسجد الأقصى:

إيران تستخدم قضية المسجد الأقصى والقدس بذكاء سياسي لتضليل الشعوب المسلمة. على الرغم من أنها تقدم نفسها كمدافع قوي عن القضية الفلسطينية، إلا أن هذه الاستراتيجية هي في الغالب وسيلة لتجييش الشعوب الإسلامية ضد الحكومات العربية، خاصة تلك التي تعارض النفوذ الإيراني في المنطقة. النظام الإيراني يحاول دائمًا إبراز نفسه كمدافع عن القضية الفلسطينية، بينما في الحقيقة يسعى لتوظيفها كوسيلة لزيادة نفوذه بين المسلمين، وضرب شرعية الحكومات العربية السنية التي ترفض الهيمنة الإيرانية.

توسيع النفوذ الإيراني:

إيران تسعى لبسط نفوذها في الشرق الأوسط من خلال إنشاء تحالفات مع الجماعات والمليشيات الشيعية في عدة دول. هذه السياسة تأتي ضمن استراتيجيتها للوصول إلى البحر المتوسط وتعزيز حضورها العسكري والاقتصادي. وهذا ما يظهر جليًا في دعمها لحزب الله في لبنان، الذي يشكل ركيزة أساسية لنفوذها في منطقة شرق المتوسط، وكذلك دعمها للحوثيين في اليمن، الذي يتيح لها التحكم في ممرات بحرية استراتيجية.

الخاتمة:

الصراع العربي الإيراني هو صراع معقد يعتمد على عوامل متعددة تشمل الدين، الجغرافيا السياسية، والاقتصاد. يسعى النظام الإيراني إلى الهيمنة الإقليمية من خلال استغلال القضايا الدينية والطائفية، مع توظيف رموز مثل القدس والمسجد الأقصى لتحقيق أهدافه. في النهاية، يتمثل هدف إيران الحقيقي في تحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية على حساب الدول العربية، وليس الدفاع عن الإسلام أو القضايا الإنسانية.