الإسلام: دين الله ومصدره القرآن، ولا علاقة له بالطوائف
أنزل الله الإسلام إلى الناس كافة، ويمثل القرآن الكريم النص الأساسي لهذا الدين. يتميز الإسلام بنقائه التوحيدي المبني على الإيمان بالله واليوم الآخر، والعمل الصالح. ومع مرور الزمن، ظهرت طوائف متعددة داخل الإسلام وكل منها تحتكر تمثيل الإسلام بطائفتها، وكل منها طورت مفاهيمها الخاصة بناءً على اجتهادات وتفسيرات بشرية. رغم تنوع هذه الطوائف ومذاهبها، يبقى الإسلام في جوهره دينًا شاملاً مستقلًا عن تلك الطوائف، ولا يمكن اختزاله أو تحديده بمفاهيم أو عقائد أي منها.
الإسلام والقرآن: المصدر الأوحد
القرآن الكريم هو المصدر الأساس للإسلام، وكما ورد في الآيات القرآنية:
“إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (سورة الحجر: 9).
القرآن هو الكتاب المحفوظ، المرسل من الله للناس جميعًا ليكون دستورًا للحياة، ومنه يتم استنباط القيم والأخلاق والتشريعات. أي انحراف عن هذا المصدر من خلال اجتهادات أو إضافات خارجية مثل كتب التراث أو الروايات لا يمثل النص القرآني ذاته، بل يمثل تفسيراً بشرياً قد يصيب وقد يخطئ.
من هنا، من يكفر بعقائد مرتبطة بتفسيرات معينة، سواء كانت تخص فئة أو طائفة، لا يعني أنه كفر بالإسلام كدين. على العكس، هو لا يزال مسلمًا مادام يؤمن بالله واليوم الآخر ويعمل صالحًا.
الطوائف: تجليات بشرية للفهم الديني
الطوائف في الإسلام هي تجليات بشرية للفهم الديني. فالسنة والشيعة والإباضية وغيرها من الطوائف تطورت عبر الزمن بناءً على تأويلات وتفسيرات لنصوص دينية وتاريخية، وأحيانًا بناءً على ظروف سياسية واجتماعية. هذه التأويلات أدت إلى نشوء عقائد ومفاهيم خاصة بكل طائفة، ولكنها ليست جزءًا من النص الإسلامي الأساسي (القرآن) بل هي إضافات فكرية وتاريخية متعلقة بتلك الطوائف.
مثلاً، الشيعة الإمامية يعتقدون بعصمة الأئمة وضرورة وجود الإمام الغائب (المهدي) الذي سيعود ليقود الأمة في المستقبل. ومن يكفر بهذه العقيدة ليس كافرًا بالإسلام، بل هو كافر بهذه الطائفة ومعتقداتها. فلا يمكن أن يُقال عنه أنه خارج عن الإسلام مادام متمسكًا بالإيمان بالله واليوم الآخر ويعمل الصالحات.
“مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ” (سورة البقرة: 62).
الأمثلة على مفاهيم طائفية ليست من الإسلام:
- عصمة الأئمة وولاية الفقيه (الشيعة الإمامية):
من لا يؤمن بعقيدة عصمة الأئمة أو ولاية الفقيه عند الشيعة الإمامية، مثلًا، لا يُعتبر شيعيًا، ولكنه لا يزال مسلمًا. لأن هذه العقائد مرتبطة بتفسير خاص للطائفة وليس بالدين الإسلامي ككل. فالذي يكفر بعصمة الأئمة لا يخرج من الملة الإسلامية، وإنما يُعتبر كافرًا بالعقيدة الشيعية الإمامية فحسب.
- رفض كتب التراث واعتماد القرآن فقط:
بعض المسلمين، يرفضون الاستناد إلى كتب التراث والحديث ويركزون على القرآن وحده كمصدر أساسي للدين. وفقًا لتوجه القرءان ذاته، وأنه لا يجب أن يتجاوز الفهم الإسلامي حدود النص القرآني. هؤلاء قد يُكفّرون من بعض أهل السنة أو يُعتبرون خارجين عن مذهبهم، لكنهم لا يزالون مسلمين. وهم كافرين بطائفة أهل السنة، فطالما أن إيمانهم بالله واليوم الآخر موجود، فهم يعتبرون أنفسهم جزءًا من الأمة الإسلامية.
الكفر بالطائفة لا يعني الكفر بالإسلام
الإسلام أوسع بكثير من أي طائفة أو مذهب. وما يتفق عليه المسلمون جميعًا هو الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح. أما الاختلافات العقائدية الأخرى فهي نتاج اجتهادات بشرية ولا يجوز أن تُستخدم لتحديد إيمان شخص ما أو تكفيره بالإسلام ذاته.
“لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ” (سورة البقرة: 256).
التعددية الفكرية داخل الإسلام يجب أن تُحترم، ولا يجب أن تُستخدم الاختلافات العقائدية في الطوائف للتشكيك في إسلام أحد. الطائفة قد تعبر عن تفسير معين للدين، ولكن الدين في أصله هو الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح، كما حدده القرآن الكريم.
الخلاصة
الإسلام دين الله الذي يمثله القرآن، ولا يمكن تحديده أو احتكاره من قبل أي طائفة أو مذهب. من يكفر بعقيدة معينة تتبع لطائفة معينة لا يُعتبر كافرًا بالدين الإسلامي، بل كافرًا بتلك الطائفة أو المذهب. المهم هو الإيمان بالله واليوم الآخر، وهذا هو جوهر الدين الذي لا خلاف عليه. الاختلافات العقائدية يجب أن تُناقش بوصفها اجتهادات بشرية وليست جزءًا من أساس الدين الإسلامي.
اضف تعليقا