تحليل

                               ظاهرة داعش

    مقدمة

كلمة داعش هي مجموع الأحرف الأولى من كلمة (الدولة الإسلامية في العراق والشام) وصارت رمزاً سياسياً معروفاً لكل حركة دينية متشددة ومتطرفة وعنيفة تقوم على الإقصاء والإكراه، وتعد واحدة من أكثر الظواهر ترويعًا في العالم الحديث. تتسم بفكر متشدد يعتمد على تفسيرات متطرفة للإسلام، مما أدى إلى أعمال عنف وقتل وتدمير. سنستعرض فكر داعش مع تبيان مخالفتها للقرآن الكريم، وأسباب نشوء هذه الظاهرة، ونناقش سبل علاجها.

 

       يقوم فكر داعش على مجموعة من الأصول والمفاهيم التي تؤطر فكرهم وحركتهم وطريقة دراستهم للدين.

  1. التفسير الحرفي المقتطع من سياقه ومنظومته للنصوص الدينية:
  • تعتمد داعش عموماً في فكرها على تقليد الآباء ” السلفية” وعلى تفسير حرفي مقتطع للنصوص الدينية خارج سياقها ومنظومتها، مما يؤدي إلى استنتاجات وأحكام قاسية وغير منطقية ومخالفة لروح الإسلام.، مثل ” فويل للمصلين”
  1. إعلان الخلافة:
  • تعتبر داعش نفسها خلافة إسلامية شرعية وتدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم إلى مبايعة الخليفة والانضمام إلى دولتهم.
  1. التكفير:
  • تكفير المسلمين الذين لا يوافقون على تفسيراتهم واعتبارهم مرتدين، بما في ذلك الحكومات الإسلامية الحالية وعامة المسلمين الذين لا يتبعون فكرهم.
  1. الجهاد”القتال” المسلح:
  • الدعوة إلى الجهاد المسلح ضد الحكومات الإسلامية التي يرونها غير شرعية وضد الدول الغربية التي تعتبرها أعداءً للإسلام.
  1. العنف والترويع:
  • استخدام العنف والترويع كوسيلة لتحقيق أهدافهم، بما في ذلك الهجمات الانتحارية والقتل الجماعي واستهداف المدنيين.
  1. الشريعة وتطبيق الحدود:
  • تطبيق تفسيراتهم الجاهلية المتطرفة للشريعة الإسلامية بما في ذلك الحدود (العقوبات الجسدية) على الجرائم.
  1. الاقتصاد والتمويل:
  • الاعتماد على نهب الموارد المحلية، والأقليات بحجة الجزية، والخطف وطلب الفدية، والاتجار بالبشر لتمويل عملياتهم، والعمالة المأجورة لجهات معينة لتنفيذ أجندة خاصة.
  1. الإعلام والدعاية:
  • استخدام وسائل الإعلام والدعاية بفعالية لتجنيد الأتباع والترويج لفكرهم، من خلال إصدار مقاطع فيديو ومنشورات دعائية توظف الدين لذلك.
  1. التجنيد:
  • تجنيد المقاتلين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك عبر الإنترنت ومن خلال شبكات التجنيد الدولية.
  1. المناهج التعليمية:
  • فرض مناهج تعليمية تروج لفكرهم وتلغى أي مواد تعليمية تعتبرها غير شرعية أو غير إسلامية.

      أسباب نشوء ظاهرة داعش

  1. الفراغ السياسي:
  • نشوء داعش جاء في أعقاب الفراغ السياسي والأمني الذي خلفته الحروب والاضطرابات في العراق وسوريا.
  1. الفقر والبطالة:
  • استغلال داعش للفقر والبطالة في جذب الشباب المحبطين بوعدهم بحياة أفضل وأهداف نبيلة.
  1. التهميش الاجتماعي:
  • التهميش الاجتماعي والسياسي لبعض الفئات في المجتمعات العربية جعلها عرضة لتأثير الأفكار المتطرفة.
  1. ضعف التعليم:
  • ضعف النظام التعليمي وعدم التركيز على تعليم القيم الإسلامية الصحيحة سهل انتشار الفكر المتطرف.
  1. الأزمات الاقتصادية:
  • الأزمات الاقتصادية المتكررة دفعت البعض للبحث عن مصادر بديلة للدخل، مما جعلهم يقعون في فخ داعش.
  1. الدعاية الإعلامية:
  • الاستخدام الفعال للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في نشر الفكر المتطرف وتجنيد الأتباع.

 

    مخالفة داعش للقرآن الكريم

         مفهوم السلم والسلام

  • اسم الله السلام ، {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23
  • القرآن يدعو إلى السلام والعيش في دار السلام. يقول الله تعالى: “وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” (يونس: 25).

{يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }المائدة16

  • أيضًا، يشدد القرآن على أن الدين عند الله هو الإسلام الذي يقوم على السلم النفسي والاجتماعي بطواعية وحرية: “إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ” (آل عمران: 19).
  • والتحية في الجنة، التي هي دار السلام، هي السلام: “تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ” (إبراهيم: 23).

مفهوم الحرية

{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256

{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29

{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }يونس99

  مفهوم التعايش بين الناس

  • يشير القرآن إلى أهمية التعارف والتعايش بين الناس: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (الحجرات: 13)

والتعارف ينتج عنه التعايش الذي ينتج عنه التعاون وبالتالي يسود السلام والاحترام ويحصل النهضة في المجتمعات.

        علاج ظاهرة داعش

  1. تعزيز التعليم:
  • تحسين الأنظمة التعليمية للتركيز على تعليم القيم الإسلامية الصحيحة والتسامح والتعايش السلمي.
  1. التوعية الدينية:
  • نشر التوعية الدينية الصحيحة اعتماداً على القرءان فقط وبمنهج قرءاني، من خلال علماء الدين المعتدلين لتوضيح التعاليم الحقيقية للإسلام.
  1. التنمية الاقتصادية:
  • العمل على تحسين الظروف الاقتصادية وتوفير فرص العمل للشباب لتقليل فرص استغلالهم من قبل الجماعات المتطرفة.
  1. تعزيز الحوار:
  • تعزيز الحوار بين مختلف الفئات والطوائف لتقوية التعايش والتفاهم بين الناس.
  1. محاربة الدعاية المتطرفة:
  • استخدام وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لنشر الفكر المعتدل ومحاربة الدعاية المتطرفة.
  1. التعاون الدولي:
  • تعزيز التعاون الدولي لمكافحة التمويل والدعم اللوجستي للجماعات المتطرفة.

 

     خاتمة

ظاهرة داعش تمثل انحرافاً خطيراً عن تعاليم الإسلام الحقيقية التي تدعو إلى السلام والتعايش والرحمة، وبذلك تشكل عائقاً كبيرًا تمنع من فهم الدين الإسلامي وتستعدي كل المجتمعات على الدين الإسلامي ومن يحمله، ولذلك لابد من نشر الوعي والتنوير و التعليم الديني الصحيح وفق منهج القرءان وتعليمهم التفكير المنطقي الحر، والعمل على مواجهة الفكر المتطرف، والعمل على بناء مجتمعات أكثر استقراراً وسلماً.

أعلى النموذج

أسفل النموذج