أنواع المواطن في المجتمعات العربية
تتسم المجتمعات العربية بتعدد أنواع ودرجات المواطنة، حيث تلعب الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية دوراً كبيراً في تشكيل العلاقة بين المواطن والدولة. يمكن تصنيف هذه الأنواع من “المواطنة” على النحو التالي:
1. المواطن المقهور: هو المواطن الذي يعيش تحت ضغط القهر والقمع المستمر من قبل الدولة أو المجتمع. يشعر بالعجز تجاه تغيير وضعه ويعيش في حالة من الاستسلام واليأس. هذا النوع من المواطنة يتصف بالخوف من التعبير عن الرأي أو المطالبة بالحقوق بسبب الخشية من الانتقام أو العقوبات.
2. المواطن الاحتياطي: يُعتبر مواطناً ثانوياً أو من الدرجة الثانية، يُستدعى فقط عند الحاجة، مثل الانتخابات أو في حالة الطوارئ، ولا يُعطى حقوقاً متساوية مع بقية المواطنين. يتم تجاهل احتياجاته بشكل عام إلا عندما تحتاجه السلطة لأغراضها الخاصة.
3. المواطن المقموع: يعيش تحت ظروف قاسية من القمع السياسي والاجتماعي. يتم تقييد حرية التعبير لديه، وتُمارس عليه ضغوط لمنعه من المطالبة بحقوقه. يشعر هذا المواطن بالغضب والاحتقان نتيجة للضغوط المستمرة.
4. المواطن المعتقل: هو الشخص الذي يتعرض للاعتقال بسبب آرائه السياسية أو نشاطه الاجتماعي أو حتى بسبب مواقفه الدينية. يكون عرضة للاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمة عادلة أو بدون محاكمة على الإطلاق.
5. المواطن السلبي: هو المواطن الذي اختار الانسحاب من المشاركة الفعالة في الشؤون العامة. يعيش حياته بشكل انعزالي ويكتفي بالاهتمام بشؤونه الخاصة، ويرى أن التغيير أمر مستحيل أو غير ذي جدوى.
6. المواطن الصامت: يختار الصمت تجاه الظلم والقهر، إما خوفاً من العقوبات أو نتيجة لفقدانه الأمل في التغيير. يمكن أن يكون هذا الصمت إجبارياً بسبب القمع، أو اختيارياً بسبب الاستسلام.
7. المواطن الموطوء للتحميل والخدمة: يُستغل لتحقيق مصالح الطبقات الحاكمة أو الفئات الأكثر نفوذاً. يتم تحميله أعباء اقتصادية واجتماعية تتجاوز قدرته، مثل الضرائب المرتفعة، أو العمل بأجور منخفضة، أو الخدمة العسكرية الإجبارية.
8. المواطن المُخزن: هو الشخص الذي يُحتفظ به في وضعية مؤقتة، بحيث يمكن تفعيل مشاركته أو إخماد صوته حسب الحاجة السياسية. يتم استخدامه كأداة لتحقيق استقرار نسبي أو لإظهار الدعم في مناسبات محددة.
9. المواطن النازح: هو المواطن الذي أُجبر على ترك بيته أو منطقته بسبب النزاعات أو الكوارث أو الاضطهاد السياسي. يعيش في ظروف غير مستقرة ويعاني من فقدان الإحساس بالانتماء.
10. المواطن المهجر: يتعرض للتهجير القسري من بلده لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية. يعيش بعيداً عن وطنه ويواجه صعوبات في الحصول على حقوقه كمواطن في دول الاستقبال.
11. المواطن مغسول العقل: هو الشخص الذي تعرض لعملية غسيل دماغ متعمدة من خلال الدعاية السياسية أو الدينية. يؤمن بفكرة أو أيديولوجيا معينة بشكل أعمى، ويكون غير قادر على التفكير النقدي أو التشكيك فيما يُلقن له.
12. المواطن المصفق والمطبل: يكون هذا المواطن داعماً للسلطة بشكل أعمى، سواء لأسباب مادية أو بسبب الخوف من العقوبات. يميل إلى التصفيق والتأييد لكل قرارات السلطة، حتى وإن كانت ضده أو ضد مصالحه.
13. المواطن أداة الحرب والقتل: هذا النوع من المواطنين يُستخدم كأداة لتنفيذ أعمال العنف والصراعات المسلحة، سواء من قبل الدولة أو الجماعات المسلحة. يتم تجنيد هذا المواطن غالباً بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، أو الإيديولوجيات المتطرفة، أو بسبب الانتماء القبلي أو العشائري. يُستغل في النزاعات لتحقيق مصالح القوى الحاكمة أو لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية، وغالباً ما يكون ضحية لحرب لا ناقة له فيها ولا جمل.
14. المواطن دين وعبادة: هو المواطن الذي يتم استغلال تدينه أو تدينه المظهري لأغراض سياسية أو اجتماعية. يُستخدم الدين كأداة للسيطرة عليه وتوجيهه، سواء عبر الخطاب الديني المؤيد للسلطة أو من خلال تحريكه للمشاركة في مظاهرات وفعاليات ذات طابع ديني. يمكن أن يُستغل لتعزيز الشرعية السياسية أو لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، وقد يُدفع أحياناً للقيام بأعمال تتسم بالتعصب أو التطرف الديني.
هاتان الفئتان تمثلان حالات يتم فيها توجيه المواطن واستغلاله لخدمة أجندات سياسية أو دينية، مما يزيد من القيود المفروضة على حريته ويجعله جزءاً من آلة تستخدم لتلبية احتياجات الآخرين بدلاً من أن يكون حراً يفكر ويختار مصيره.
15- المواطن الكونترول: هو المواطن الذي ينفذ الأوامر دون تفكير أو وعي حقيقي بالعواقب، مبرراً أفعاله بأنه “مجبر” أو “ينفذ التعليمات”. هذا النوع من المواطنين يكون أداة في يد السلطة أو المؤسسات، يُستخدم لتنفيذ سياسات أو قرارات قد تكون ظالمة أو مضرة دون أن يتساءل عن شرعيتها أو أخلاقيتها.
يتنصل من المسؤولية عن أفعاله بحجة أنه مجرد منفذ، وبالتالي لا يرى نفسه مشاركاً في صنع القرار أو متحملًا لعواقب ما ينفذه. يمكن أن يشمل ذلك موظفي الدولة، أفراد الجيش أو الأمن، وحتى المدنيين الذين يبررون مواقفهم بتبعية عمياء للأوامر أو القوانين. هذا السلوك يعكس غياب الوعي النقدي وعدم القدرة على رفض الأوامر غير العادلة أو المنافية للقيم الإنسانية.
كل هذه الأنواع من المواطنة ( وهي ليست للحصر) موجودة في المجتمعات العربية، وتشير إلى غياب المواطن الحرّ الذي يفكر بحرية ويعيش بكرامة. التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية تساهم في خلق هذه الأنماط المختلفة، وغالباً ما تكون نتيجة لنظم سياسية تفتقر إلى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، مما يؤدي إلى تقييد حرية التفكير والتعبير وحرمان المواطن من كرامته الحقيقية.
اضف تعليقا