مفهوم وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا

         ينبغي استبعاد المعنى الشائع المستخدم بين الناس أن كلمة أزرق تعني لون معين فهذا اصطلاح وليس دلالة كلمة (زرق)، وأن لا نأخذ ما هو بالقواميس على أنه الحق المطلق فهي كتب جمعت على الغالب المعاني المستخدمة حينئذ.

الجذر “ز- ر- ق” وتحليل أصواته:

  1. الصوت الأول: (ز)

هذا الصوت يشير إلى ظهور أو بروز

  1. الصوت الثاني: (ر)

حرف “ر” يدل على التكرار أو الاستمرارية

  1. الصوت الثالث: (ق)

 حرف “ق” يعبر عن انقطاع حاد أو توقف فجائي

الفهم اللساني للجذر “ز- ر- ق“:

الجذر “ز- ر- ق” يعبر عن حركة ديناميكية تتضمن ظهورًا متزايدًا لحالة معينة، مع استمرار أو تكرار هذه الحالة، وصولًا إلى انقطاع أو تحول نهائي حاد. .

هذه الأصوات تعطي معنى تطور الحالة بشكل تدريجي حتى تصل إلى نقطة مفصلية.

زرق” في النص القرآني: التعبير عن حالة الفزع والهلع والخوف النفسي الذي يظهر على الوجه واضطراب في السلوك والجسم.

“يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا” (طه: 102 )

كلمة “زرقًا” هنا لا تصف لوناً، بل تعبر عن حال مرتبطة بالفزع الشديد والخوف،. الحشر في هذا اليوم العظيم يتميز بتغير حالة المجرمين إلى حالة من الاضطراب، التي تتجلى في ظهور علامات الخوف على وجوههم وأجسادهم.

الشواهد الشعرية على استخدام كلمة “زرق

في الشعر الجاهلي، تم استخدام كلمة “زرق” للإشارة إلى معاني مرتبطة بالخوف أو القوة المدمرة. على سبيل المثال، صحار العبدي شبَّه عيني شخص بالزرقة المرتبطة بالجن، في إشارة إلى الشر والاضطراب:

لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر… كذا كل جنيّ من اللؤم أزرق

هنا، زرقة العينين تعكس صورة مرعبة وغير طبيعية، تتوافق مع حالة الفزع أو الشر الذي يصيب المذموم.

كذلك استخدم امرؤ القيس الكلمة في سياق وصف الأسلحة الحادة في قوله:

ومسنونة زرق كأنياب أغوال

هذا الاستخدام للزرقة في وصف الأسلحة يعكس مدى الخطورة والقوة التي تحملها تلك الأسلحة، مما يعزز شعور الخوف والتهديد، وهو مشابه لاستخدام كلمة “زرق” في القرآن الكريم للتعبير عن حالة الفزع الكبير.

    الخاتمة

     “زرق” في النص القرآني تعبر عن حالة تتجاوز المعنى اللوني إلى تعبير عن حالة فزع مستمر ومتزايد، يعكس التحليل الصوتي للجذر “ز- ر- ق” فكرة تحول هذه الحالة إلى شيء مرئي وواضح على المجرمين، يصل ذروته في الحشر يوم القيامة. الشواهد الشعرية من صحار العبدي وامرؤ القيس تعزز هذا الفهم من خلال ربط كلمة “زرق” بالخوف والاضطراب أو الخطر الداهم