تحليل الصراع الأمريكي الروسي وأيهما أشد خطرًا على المنطقة العربية
يعتبر الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا من أهم الصراعات الجيوسياسية التي تؤثر على العالم العربي بشكل عام وسوريا بشكل خاص. تتباين استراتيجيات كل من القوتين العظميين في المنطقة، ويؤدي تدخل كل منهما إلى آثار مختلفة على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية للدول العربية. هذا الصراع له جذور تاريخية وعلاقات متعددة الأبعاد تمتد لعقود، لكنه تجدد بشكل ملحوظ مع بداية الأزمة السورية في عام 2011.
المحاور الأساسية للدراسة:
- الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في العالم العربي وسوريا
- أهداف الولايات المتحدة في المنطقة:
- الحفاظ على التفوق العسكري والسياسي في المنطقة لحماية مصالحها الحيوية، مثل تأمين تدفق النفط وحماية حلفائها، مثل إسرائيل ودول الخليج.
- مكافحة الإرهاب والتطرف في المنطقة، وهي سياسة انطلقت بشكل كبير بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.
- الحد من نفوذ روسيا وإيران في المنطقة.
- دور الولايات المتحدة في سوريا:
- الولايات المتحدة تدعم بشكل رئيسي القوى الكردية في شمال شرق سوريا ضمن استراتيجيتها لمحاربة تنظيم “داعش”.
- فرض عقوبات اقتصادية على النظام السوري بهدف الضغط عليه للتوصل إلى حل سياسي.
- معارضة الوجود الإيراني في سوريا وتقديم الدعم لإسرائيل في عملياتها ضد الأهداف الإيرانية وحزب الله في سوريا.
- الأهداف الاستراتيجية لروسيا في العالم العربي وسوريا
- أهداف روسيا في المنطقة:
- تعزيز وجودها العسكري والسياسي في الشرق الأوسط لتعويض نفوذها الذي تراجع منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
- حماية حلفائها الإقليميين، مثل النظام السوري، الذي يُعتبر مفتاحًا لنفوذ روسيا في المنطقة.
- الوصول إلى المياه الدافئة من خلال قواعد عسكرية مثل قاعدة طرطوس البحرية.
- مواجهة النفوذ الغربي الأمريكي وتحقيق توازن قوى مع الولايات المتحدة.
- دور روسيا في سوريا:
- روسيا تدخلت عسكريًا في سوريا عام 2015 لدعم نظام بشار الأسد ضد المعارضة المسلحة. هذا التدخل جاء ليعيد توازن القوى على الأرض لصالح النظام، وساهم بشكل كبير في منع سقوط دمشق.
- روسيا تسعى للحفاظ على قواعدها العسكرية في سوريا (مثل قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية)، مما يعزز من وجودها الإقليمي.
- من خلال تدخلها في سوريا، تسعى روسيا أيضًا لتعزيز نفوذها الدبلوماسي في الشرق الأوسط والحفاظ على مصالحها في المنطقة.
- التأثير الأمريكي والروسي على العالم العربي:
التأثير الأمريكي:
- إيجابي:
- تقديم دعم عسكري واقتصادي لدول مثل السعودية والإمارات ودول الخليج في مواجهة تهديدات إقليمية مثل إيران.
- مساعدة بعض الدول في مكافحة الإرهاب، مثل دعم التحالف ضد تنظيم “داعش” في العراق وسوريا.
- سلبي:
- التدخلات العسكرية الأمريكية في العراق عام 2003 وما تبعها من فوضى سياسية وأمنية تعتبر من أكبر الكوارث في المنطقة. أدى هذا إلى تفكيك النظام العراقي وإدخال البلاد في دوامة من العنف الطائفي والدمار.
- الانحياز الدائم لإسرائيل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أثار استياء العرب وأضعف الثقة في الولايات المتحدة كوسيط نزيه.
التأثير الروسي:
- إيجابي:
- روسيا تعتبر شريكًا أساسيًا لبعض الدول العربية التي تعارض السياسات الأمريكية في المنطقة، مثل سوريا، وتوفر دعمًا عسكريًا وسياسيًا في مواجهة الضغوط الغربية.
- تقدم نفسها كوسيط في بعض النزاعات الإقليمية وتحاول تعزيز دورها كلاعب دبلوماسي في حل الصراعات.
- سلبي:
- التدخل العسكري الروسي في سوريا أدى إلى زيادة المعاناة الإنسانية. الضربات الجوية الروسية استهدفت العديد من المناطق المدنية والبنية التحتية، مما زاد من دمار البلاد.
- تعزيز نفوذ روسيا في سوريا وأماكن أخرى في المنطقة يعزز من قبضة الأنظمة الاستبدادية ويدعم استمرارها.
- أيهما أشد خطرًا على العرب وسوريا: الولايات المتحدة أم روسيا؟
الولايات المتحدة:
- السياسة تجاه سوريا:
- رغم تدخل الولايات المتحدة في سوريا عبر دعم القوات الكردية وضرباتها الجوية ضد “داعش”، إلا أن وجودها في سوريا محدود نسبيًا مقارنة بروسيا. الدور الأمريكي تركز أكثر على الحد من النفوذ الإيراني ومنع التنظيمات الإرهابية من التوسع.
- الولايات المتحدة سعت لعزل النظام السوري سياسيًا عبر فرض عقوبات اقتصادية صارمة، لكن هذه العقوبات أثرت بشكل كبير على الشعب السوري وأدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.
- التأثير على العرب:
- الولايات المتحدة تدعم عددًا من الأنظمة العربية الحليفة، مثل السعودية والإمارات، لكنها تتعرض لانتقادات بسبب تدخلاتها العسكرية السابقة في العراق وغيرها، والتي أسفرت عن نتائج كارثية في بعض الأحيان.
- موقفها المنحاز بشكل دائم لإسرائيل يجعلها أقل مقبولة في نظر العديد من الدول العربية والشعوب.
روسيا:
- السياسة تجاه سوريا:
- روسيا هي الحليف الأساسي لنظام بشار الأسد، وتدخلها العسكري عام 2015 كان حاسمًا في قلب موازين الحرب لصالح النظام. التدخل الروسي أدى إلى تدمير واسع للبنية التحتية ومقتل الآلاف من المدنيين، لكن النظام السوري استطاع بفضل هذا التدخل البقاء في السلطة.
- روسيا تحافظ على وجود طويل الأمد في سوريا من خلال قواعدها العسكرية، مما يجعل سوريا جزءًا من استراتيجيتها الجيوسياسية.
- التأثير على العرب:
- التدخل الروسي في سوريا يعزز من موقف الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، حيث يقدم دعمًا لوجستيًا وعسكريًا لها دون ضغوط ديمقراطية أو حقوقية.
- روسيا لا تملك تحالفات واسعة مع الدول العربية مثل الولايات المتحدة، لكنها تسعى لاستعادة نفوذها الذي فقدته منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
- الاستنتاج: أيهما أشد خطرًا على سوريا والعرب؟
من ناحية سوريا:
- روسيا تُعتبر أشد خطرًا على سوريا نظرًا لتدخلها العسكري المباشر والواسع الذي أدى إلى دمار هائل للبنية التحتية وزيادة معاناة الشعب السوري. روسيا تدعم النظام السوري بشكل كبير، مما يعزز من استمراره على حساب الحلول السياسية الشاملة.
من ناحية العالم العربي:
- الولايات المتحدة قد تكون أشد خطرًا على المدى الطويل في بعض الحالات، خاصة بسبب تدخلاتها العسكرية غير المدروسة مثل حرب العراق عام 2003 وما تلاها من تداعيات كارثية. كما أن انحيازها الدائم لإسرائيل في القضية الفلسطينية يشكل تهديدًا لمصالح العرب.
الخلاصة:
كلا القوتين، الولايات المتحدة وروسيا، تشكلان تهديدات خطيرة للمنطقة العربية، لكن طبيعة هذه التهديدات تختلف. في سوريا، كان التدخل الروسي الأكثر تدميرًا على المدى القصير نظرًا لدعمه العسكري الواسع للنظام السوري. أما على المستوى العربي الأوسع، فإن التدخلات الأمريكية السابقة في العراق وسياساتها في المنطقة بشكل عام تشكل خطرًا طويل الأمد، خاصة في ما يتعلق بزعزعة الاستقرار ودعمها اللامحدود لإسرائيل.
اضف تعليقا