اضحك مع عمار ودائرته المربعة

       في إحدى الأمسيات في مقهى صغير على ناصية البلدة، اجتمع بعض الأصدقاء في حلقة نقاشية عفوية، حيث كان النقاش الفلسفي والعلمي طابعًا مميزًا لهذه اللقاءات. وكان من بين الحضور رجل يدعى عمّار، عُرف بحبه للجدل وطرح الأفكار الغريبة.

وقف عمّار فجأة، وأسند يديه إلى الطاولة، وقال بحماس: “أيها الأصدقاء، سأثبت لكم اليوم أن الطاقة متغيرة ومتحولة، لكنها أزلية بلا بداية أو نهاية!”

تبسم صديقه كريم، الذي كان معروفًا بروحه الساخرة، وقال: “أجل، يا عمّار، هذا كمن يريد إثبات أن الدائرة مربعة أو أن المثلث له أربعة أضلاع!” ضحك الجميع، لكن عمّار لم يهتم وسارع بالدفاع عن فكرته.

قال عمّار: “اسمعوني جيدًا. الطاقة تتحول من شكل لآخر، لكنها لا تفنى ولا تُستحدث. إذن، لا بد أنها أزلية!”

رد عليه كريم: “حسنًا، إذا كان الأمر كذلك، فأنا أيضًا أريد إثبات أن المثلث شكل رباعي، لأنني ببساطة سأرسم ثلاثة أضلاع، ثم أُضيف ضلعًا رابعًا من عندي!” ضحك الجميع مرة أخرى، لكن عمّار أصر: “يا كريم، الأمر ليس هكذا. الطاقة موجودة في كل مكان، منذ الأزل!”

هنا تدخلت ليلى، زميلة لهم في النقاش، وقالت بمرح: “عمّار، ما تقوله يشبه أن نحاول إثبات أن النهر الذي يتغير باستمرار هو نفس النهر الأبدي. إذا كانت الطاقة تتحول وتتغير، فكيف تكون أزلية بثبات مطلق؟ إنها تتحرك وتتبدل، أليس كذلك؟”

حك عمّار رأسه وقال: “لكن هذا لا يعني أنها ليست أزلية، أليس كذلك؟ الطاقة تبقى دائمًا موجودة.” ضحك كريم وقال: “حسنًا، هذا يشبه أن نقول إن الآيس كريم الذي يذوب في يدي أزلي لأنه كان وسيظل شكلاً من أشكال اللبن مهما تغيرت حالته!”

تدخل محمود، أحد أذكى الحاضرين، وقال: “عمّار، النقاش هنا ليس حول وجود الطاقة بشكل عام، بل حول وصفها بأنها أزلية. الأزلي هو ما لا يتغير ولا يتحول، في حين أن الطاقة، رغم أنها محفوظة، تتبدل أشكالها باستمرار. هذا يجعل وصفها بالأزلية غير دقيق.”

صمت عمّار قليلًا، ثم ضحك وقال: “ربما تكونون على حق. لكنني ما زلت مقتنعًا أنني سأجد طريقة ما لإثبات نظريتي… ولو تطلب الأمر إثبات أن المثلث شكل رباعي!”

ضحك الجميع مرة أخرى، واستمروا في نقاشهم الفكاهي، وقد تعلموا أن الأفكار المثيرة تحتاج أحيانًا إلى قليل من السخرية لتُفهم بشكل أعمق.