مفهوم النهار وأطرافه وأوقات الصلاة

     النهار والليل هما من الآيات الكونية العظيمة التي تنظم حياة الإنسان، وترتبط بحركة الأرض حول الشمس في نظام دقيق يحدد الأنشطة اليومية ويضبط العبادات. يقول الله تعالى: “وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا” (الإسراء: 12). توضح الآية ارتباط النهار بالضياء الذي يسهل الحياة البشرية، بينما يميز الليل السكون والراحة.

     النهار والليل: تعريف فلكي

  • النهار: هو الفترة الزمنية التي يكون فيها ضوء الشمس مرئيًا وواضحًا على سطح الأرض، ويبدأ عند ظهور الضوء في الصبح وينتهي بغروب الشمس. هذا الامتداد الضوئي ليس مجرد لحظة، بل يتسم بالوضوح الذي يُمكّن الإنسان من النشاط.
  • الفجر: هو لحظة انبثاق الضوء على الأفق قبل ظهور شروق الشمس، حيث يبدأ الضوء بالانتشار في السماء، ولكنه لا يمثل بداية النهار. الفجر يُعتبر وقتًا انتقاليًا بين الليل والنهار.، فهو بين، بين.
  • المغرب: هو اللحظة التي تغيب فيها الشمس تحت الأفق، معلنة بدء الانتقال نحو الليل. المغرب ليس نهاية النهار فيزيائيًا، بل هو نقطة تحول، فهو بين، بين.

      تعريف كلمة “طرف” وتطبيق مفهوم الكرة

  • “طرف”: يشير مصطلح “طرف” إلى الحد أو النهاية لشيء ما. يمكن أن يكون طرفًا لحافة مادية ملموسة، مثل زاوية الطاولة، أو نقطة في سياق أكثر تجريدًا، مثل الوقت أو المرحلة الانتقالية في ظاهرة فلكية.

الفرق بين أطراف الشيء المادي وأطراف الظاهرة الفلكية (النهار)

  1. أطراف الشيء المادي:
    • الأطراف في الأشياء المادية، مثل الطاولة أو الكتاب، تكون حوافًا واضحة ومحددة بدقة، يمكن رؤيتها ولمسها. هذه الأطراف ثابتة ومحدودة في عددها، وغالبًا تكون محددة في الزوايا أو الحواف النهائية للشكل.
    • مثال: الطاولة المربعة لها أربعة أطراف عند زواياها.
  2. أطراف الظاهرة الفلكية (النهار):
    • في الظواهر الفلكية، مثل النهار، لا يمكن تعريف الأطراف بالطريقة نفسها كما في الأشياء المادية. النهار ليس شيئًا ثابتًا، بل هو ظاهرة ناتجة عن حركة الأرض حول الشمس. الأطراف هنا تشير إلى الفترات الزمنية المميزة للنهار، مثل منتصف النهار (الظهر) وميلان الشمس نحو الغروب (العصر).
    • هذه الأطراف ليست حواف ثابتة، بل لحظات متغيرة بسبب حركة الأرض.

مثال الكرة وأطرافها

لفهم فكرة الأطراف المتعددة في النهار، نستخدم مثال الكرة:

  • الكرة، مثل كرة الأرض أو كرة القدم، لها سطح دائري متصل دون حواف أو زوايا. كل نقطة على سطح الكرة يمكن اعتبارها “طرفًا” بالنسبة للنقطة المقابلة لها. بمعنى آخر، لا يمكن تحديد طرفين أو أربعة فقط للكرة، لأن كل نقطة تمثل نهاية معينة إذا نظرنا إليها من مركز الكرة.
  • تعدد الأطراف: بما أن الكرة مستديرة، فإن أطرافها غير محدودة. هذا يعكس فكرة أن النهار، كظاهرة فلكية، له أطراف عديدة، حيث أن كل لحظة زمنية فيه تمثل انتقالًا بين حالتين.

تطبيق المثال على النهار

مثلما أن الكرة لها عدد لا نهائي من الأطراف، فإن النهار يمتلك أطرافًا متعددة تمتد عبر اليوم. كل فترة زمنية في النهار يمكن اعتبارها “طرفًا” وفقًا لتغير الضوء وحركة الأرض، وليس فقط عند بداية النهار أو نهايته.

 

 

    النهار يمتلك أطرافًا، وهي لحظات محورية داخل النهار، كما يشير القرآن الكريم في قوله تعالى: “وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى” (طه: 130). هذه الأطراف تشير إلى فترات مميزة تقع خلال النهار، لا علاقة للفجر أو المغرب بذلك لأنها نقطة تحول.

صلاة الظهر والعصر كطرفي النهار

يقول الله تعالى: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ” (هود: 114).

  • صلاة الظهر: تقع عند استواء الشمس في منتصف النهار، وهي لحظة واضحة ومميزة تُعتبر الطرف الأول المعني بالنص.
  • صلاة العصر: تأتي عندما تبدأ الشمس في الميلان نحو الغروب، وتعتدل الحرارة، وهي الطرف الثاني المعني بالنص.

أوقات الصلاة في القرآن

النصوص القرآنية تحدد خمس أوقات للصلاة

  1. صلاة الفجر: وقتها ليس ضمن النهار، بل هو مرحلة انتقالية بين الليل والصبح.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الفجر…}النور58

  • 3- الصلاة طرفي النهار: “وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ” (هود: 114). وهما صلاة الظهر وصلاة العصر.
  • صلاة العشاء: تُقام في الليل، وذُكرت صراحة في قوله: “وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ” (النور: 58).
  • صلاة المغرب

رغم أن صلاة المغرب لم تُذكر بالاسم، فهي مشمولة ضمن دلالات مثل “زلفًا من الليل” و”آناء الليل”. “زلفًا من الليل” تعني الفترات التي يُقام فيها التسبيح والعبادة، وتشمل صلاة المغرب. يقول الله تعالى: “فَسَبِّحُوا اللَّهَ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ” (الروم: 17)، مما يدل على أن صلاة المغرب جزء من هذا التسبيح المتعدد الأوقات.

الصلاة واجب وجداني وأثرها النفسي والجسدي

الصلوات الخمس في الإسلام ليست مجرد طقوس، بل هي واجب وجداني، يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها ، إلا أن أثرها العميق يظهر في حياة الإنسان النفسية والجسدية والاجتماعية.

  • نفسيًا: الصلاة تمنح الإنسان سلامًا داخليًا وتوازنًا روحيًا، إذ تربطه بخالقه وتعيده إلى حالته الطبيعية المتأملة في عظمة الكون.
  • جسديًا: أوضاع الصلاة، مثل الركوع والسجود، تعزز الدورة الدموية وتمنح الجسد مرونة وتنشيطًا مستمرًا، مما يحافظ على صحة العضلات والمفاصل.
  • اجتماعياً: من خلال أداء الصلاة مع الجماعة للتواصل مع الناس والتفاعل معهم.

استمرارية الصلاة وتطبيقها في الأمة

منذ زمن النبي محمد ، تتابعت ممارسة الصلاة في خمس أوقات بشكل متصل كجزء من العبادة اليومية للمسلمين. هذه الصلوات تعبر عن التزام وجداني وروحي مستمر، وهي جزء لا يتجزأ من حياة المسلم اليومية، مما يجعلها عبادة مستمرة تُقوي علاقة الإنسان بالله، وتقوي علاقته مع الناس.

التسبيح كجزء من العبادة

التسبيح مفهوم عام يشمل الصلاة كجزء أساسي من ذكر الله. يقول تعالى: “فَسَبِّحُوا اللَّهَ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ” (الروم: 17)، مما يعبر عن شمولية الذكر والإيمان الواعي.

الخلاصة

النهار له أطراف مميزة، هما وقت صلاة الظهر والعصر، بينما الفجر والمغرب يمثلان أوقاتًا انتقالية. النصوص القرآنية تثبت أوقات الصلوات الخمسة منها ذكر بالاسم مثل صلاة الفجر والعشاء واثنتين ذُكرا بوقتها طرفي النهار، أما صلاة المغرب فهي ضمن مفهوم زلفًا من الليل والمساء.

وذكر خمس صلوات لا ينفي صحة صلاتين أو ثلاث  فالعرض القرءاني شمل كل ذلك وترك اختيار عدد الصلاة حسب ظروف الإنسان وبيئته، وترك اختيار عدد الركعات من النبي نفسه وتنظيم حركات الصلاة فهي سنة متتابعة في الأمة.

 الصلوات لها أثر نفسي وجسدي عميق على الإنسان ولها تأثير اجتماعي حيث تخرج الإنسان من الرهبنة إلى التفاعل الاجتماعي، مما يجعلها عبادة واجبة وجدانيًا، تُمارَس بهدف تحقيق التوازن الروحي والصحي والركوع الاجتماعي.