حين تُطفأ أنوارهم، يُشرق نوركِ أنتِ!

    يا ابنة الروح، يا من تقرئين هذه الكلمات وقلبكِ ينبض بألمٍ يعرفه الله وحده…
أعلمُ أن بعض الدروب تبدو حالكة، وأن لحظة الفراق، خاصةً الطلاق، قد تشعركِ بأن العالم كله قد انهار فوق رأسك. كأن أحلامكِ التي سقيتها بماء عينيكِ قد تبعثرت، وكأن روحكِ التي كانت ترقص فرحًا قد أُثقلت بهموم السنين في ليلة واحدة.

في عمق هذا الظلام، قد يهمس لكِ اليأس: “انتهى كل شيء”. قد تغمركِ الوحدة كبحرٍ لا شاطئ له. قد تشعرين بأن نظرات الشفقة أو الاتهام تحيط بكِ من كل جانب، وأن صرخة قلبكِ لا يسمعها أحد. قد تظنين أنكِ فشلتِ، وأن لا قوة فيكِ للنهوض.

ولكن، اسمعيني جيدًا يا غالية… اسمعي صوت الحقيقة الذي يتردد في أعماقكِ:

هذا الألم الذي يعتصر فؤادكِ الآن… هو ليس نهاية المطاف، بل هو صرخة ميلادٍ جديد! نعم، هو مؤلم، موجع حد البكاء، ولكن أليس الجرح هو ما يدفعنا للبحث عن الدواء؟ أليس الظلام هو ما يجعلنا نشتاق للنور ونبحث عنه بشغف؟

هذا الشعور طبيعي، بل هو ضروري كالهواء الذي تتنفسينه. إنه المنبه الذي يوقظ فيكِ تلك الأسئلة العظيمة التي ربما تجاهلتها طويلاً وسط ضجيج الحياة:

  • من أنا حقًا بعيدًا عن كل الأدوار التي أديتها؟
  • ماذا يريد قلبي أن يحقق في هذه الحياة؟
  • ما هي القيمة الحقيقية التي أستحقها وأسعى إليها؟

يا رفيقة الدرب، لا تخرجي من هذه التجربة كما كنتِ. هذه المحنة إما أن تترككِ حطامًا، أو أن تصقل معدنكِ الثمين وتكشف عن جوهرٍ كنتِ تجهلينه في ذاتكِ. والخيار لكِ وحدكِ! فالظروف لا تصنعنا، بل نحن من نصنع ردود أفعالنا تجاهها.

خطواتكِ نحو النور تبدأ الآن:

  1. عانقي حزنكِ، لا تهربي منه.اسمحي لدموعكِ أن تروي عطش روحكِ، ففي الاعتراف بالألم تكمن أولى خطوات الشفاء.
  2. ولكن، إياكِ ثم إياكِ أن تجعلي هذا الحزن قائدًا لكِ.هو ضيفٌ ثقيل، سيغادر إن لم تفرشي له سجادة البقاء.
  3. ثم، عودي إلى ذاتكِ الحقيقية.ابدئي رحلة البناء من جديد، قطعة قطعة، بحبٍ لا يضاهى لذاتكِ، بصبرٍ جميل، وبلا جلدٍ للذات أو استعجالٍ للنتائج.

تذكري يا جوهرة الحياة:

  • فقدان علاقة لا يعني أنكِ ناقصة، بل ربما كنتِ تستحقين ما هو أسمى وأطهر.
  • رفضهم لكِ أو ابتعادهم لا يعني أنكِ غير جديرة بالحب والاحترام، بل قد يكون الله يُبعد عنكِ ما لا خير فيه لكِ.
  • نظرات المجتمع وأحكامه القاسية ليست الميزان الذي تُوزن به قيمتكِ الحقيقية. قيمتكِ تنبع من داخلكِ، من إيمانكِ بنفسكِ وقدراتكِ.

أنتِ، كما خلقكِ الله، كافيةٌ بنفسكِ، كاملةٌ بروحكِ، قادرةٌ بعزيمتكِ!

انظري إلى داخلكِ جيدًا، ستجدين كنوزًا لا تُقدّر بثمن:

  • عقلٌ قادر على التفكير والتخطيط والإبداع.
  • قلبٌ ينبض بالحياة، قادر على الحب والعطاء والمسامحة.
  • جسدٌ هو أمانة الله عندكِ، قادر على الحركة والعمل والإنجاز.
  • وروحٌ لا تموت، قادرة على التعلم والتطور والنهوض من جديد، مهما كانت السقطات.

نعم، يا حبيبة، يمكنكِ أن تنهضي! يمكنكِ أن تحلقي أعلى مما كنتِ تتخيلين. ولكن، إياكِ أن تنتظري يدًا تمتد لتنتشلكِ. القوة الحقيقية تنبع من قرارٍ تتخذينه أنتِ، بإرادةٍ لا تلين.

ابدئي الآن، بما هو متاح بين يديكِ، مهما كان بسيطًا:

  • هل لديكِ مهارة دفينة؟ صقلِيها.
  • هل هناك نافذة صغيرة للمعرفة يمكنكِ فتحها، ولو من خلال دورة تدريبية بسيطة عبر الإنترنت؟ افتحيها بشغف.
  • هل لديكِ فكرة مشروع، مهما بدت صغيرة؟ امنحيها فرصة للحياة.
  • هل يمكنكِ أن تمدي يد العون لغيركِ بعمل تطوعي يعيد لروحكِ الشعور بالمعنى والجدوى؟ افعلي ذلك بحب.

التغيير العظيم لا يولد في لحظة، ولكنه يبدأ بتلك اللحظة المقدسة التي تقفين فيها أمام مرآة روحكِ وتقولين بصدقٍ: لا،
“أنا أستحق حياةً أجمل، حياةً أنقى، حياةً تليق بروحي، وسأصنعها بنفسي، بعون الله وتوفيقه!”

تقبّلي ألمكِ، فهو جزء من رحلة نضجكِ وتشكّلكِ الجديد. فالذهب الخالص لا يلمع إلا بعد أن تصهره النيران، والأرواح العظيمة لا تصفو إلا بعد أن تمر بمخاض الألم. وفي النهاية، لن يبقى من لهيب التجربة إلا نقاء جوهركِ وصلابة عودكِ.

تشبثي بالأمل، حتى وإن صرخت في وجهكِ الظروف بأن لا أمل.
ابتسمي، حتى وإن كان قلبكِ مثقلاً بالهموم، فابتسامتكِ نورٌ لكِ ولمن حولكِ.
اخطئي، نعم اخطئي، فمن لا يخطئ لا يتعلم. ولكن تعلمي من أخطائكِ، انهضي، وعاودي المحاولة بصلابةٍ أكبر. هذه هي رحلة الحياة، لا طريق مستقيم بلا عثرات.

ما تعيشينه اليوم من ألمٍ وصراع، سيصبح غدًا قصة إلهامٍ تروينها لغيركِ، تضيئين بها دروب التائهات، وتثبتين للعالم أن المرأة قادرة على أن تكون قوية كالجبال، رقيقة كالنسيم.

ولكن تذكري دائمًا وأبدًا: لا أحد، لا أحد في هذا الكون، يستطيع أن ينقذكِ إن لم تتخذي أنتِ قرار الإنقاذ. النجاة تبدأ من داخلكِ، من إيمانكِ المطلق بأن الله لم يخلقكِ عبثًا، وأن فيكِ من القوة ما يدهش العالمين.

ومن يدري؟ كم من أبواب الجمال والرحمة والسكينة ما زالت تنتظر أن تطرقيها، إن أنتِ اخترتِ بإصرارٍ وشجاعةٍ أن تواصلي المسير نحو النور الذي يليق بكِ.

 

كل الحب، كل الدعم، وكل التقدير لكِ،
أنتِ البطلة الحقيقية في قصتكِ، أنتِ القوة التي تعيد بناء عالمها من جديد، بصمتٍ يليق بالعظيمات، وبكبرياءٍ تستمدينه من إيمانكِ بالله ثم بنفسكِ. انهضي، فالعالم ينتظر إشراقتكِ.