هل والد المسيح هو الروح

{فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً }{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً }مريم-17-19

أولاً: مفهوم الهبة لسانياً

الجذر “و- ه – ب” يدل على العطاء بلا مقابل، وهو منح شيء بتيسير وإرادة مستقلة عن الشروط أو المقابل.

  • و: يشير إلى امتداد وضم مكاني.
  • ه: يدل على أرجحة خفيفة.
  • ب: حركة تدل على جمع وضم واستقرار.

إذن، الجذر يعبر عن عطاء مستقر يتم بإرادة واضحة دون عوض.

ثانياً: الهبة في القرآن: مفهومها وأنواعها

الهبة في القرآن تشير إلى عطاء خاص من الله، ويتحدد نوع الهبة بحسب السياق والقرائن النصية. ومن أبرز أنواع الهبة:

  1. هبة الذرية (النسل):
    • مثال }وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ{ (الأنعام: 84).
      • تشير إلى هبة الأبناء كنعمة ربانية.
  1. هبة النبوة والمساندة الرسالية:
    • مثال }وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا{ (مريم: 53).
      • تشير إلى دعم موسى برسالة أخيه هارون.
  1. هبة الملك والتمكين:
    • مثال }فَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي{ (ص: 35).
      • تتعلق بطلب سليمان للملك كنعمة مميزة.
  1. هبة الخيرات العامة:
    • مثال }وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ {(ص: 43).
      • تشير إلى عطايا دنيوية متعلقة بإعادة النعم بعد الابتلاء.

ثالثاً: تحليل النصوص المتعلقة بإسماعيل وإسحاق

  1. نص {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} (إبراهيم: 39)
  • التحليل النصي:
    • النص يشير إلى هبة إسماعيل وإسحاق للنبي إبراهيم.
    • }عَلَى الْكِبَرِ: {تحدد الظرفية الزمنية لهبة الذرية في عمر متقدم.
    • لا يحدد النص وحده نوع الهبة لكل من إسماعيل وإسحاق.
  • الخلاصة:
    النص وحده لا يُظهر طبيعة الهبة (هل هي بنوة أم نبوة). لابد من الرجوع إلى نصوص أخرى لتحديد طبيعة كل هبة.
  1. دراسة النصوص المتعلقة بإسحاق وإسماعيل:
  • إسحاق:
    النصوص تثبت أن إسحاق كان هبة بنوة خالصة:

    • }فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ{ (هود: 71).
      • النص يصرح بوضوح أن إسحاق هو ابن إبراهيم ، مع وعد بالذرية من خلال يعقوب.
  • إسماعيل:
    النصوص تشير إلى أن إسماعيل كان هبة نبوة ومساندة:

    • }وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ{ (البقرة: 127).
      • يظهر إسماعيل كمعاون للنبي إبراهيم في مهمة رسالية خاصة، دون تصريح ببنوته.
    • }وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ{ (مريم: 54).
      • يؤكد دوره كرسول دون ذكر بنوته.
  • الخلاصة:
    • إسحاق: هبة بنوة.
    • إسماعيل: هبة نبوة ودعم للنبي إبراهيم.

 

رابعاً: تحليل نص {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً }مريم19

  1. السياق النصي:
  • النص يأتي كجزء من حوار بين الروح والسيدة مريم، حيث يبشرها بولادة عيسى عليه السلام.، وأنه رسول من الرب لتنفيذ مهمة، وليس زوجاً لها !!
  • “لِأَهَبَ”: يشير إلى أن الهبة هي غلام (عيسى عليه السلام)، زكي (طاهر ونقي).
  1. تفسير الهبة:
  • الهبة هنا تتعلق بالمسيح عليه السلام:
    • عيسى عليه السلام وُهب للسيدة مريم بقدرة إلهية دون أب بشري.
  1. رد الادعاء بوجود علاقة بين الروح ومريم:
  • “فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا”:
    • التمثل يشير إلى أن الروح ظهر في هيئة بشرية لتسهيل التواصل، دون تغيير في طبيعته الروحية.
    • لا يوجد أي نص يشير إلى علاقة مادية بين الروح ومريم.
  • “فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا”:
    • النفخ يشير إلى تدخل إلهي مباشر عبر جبريل لتنفيذ الأمر الإلهي، مما أدى إلى خلق المسيح دون أي علاقة بشرية أو مادية.
  1. طبيعة المسيح عليه السلام:
  • بشري خالص:
    • }إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ{ (آل عمران: 59).
      • المسيح خُلق بأمر إلهي كخلق آدم، مما ينفي فكرة الطبيعة المزدوجة.

 

خامساً: النتائج النهائية

  1. الهبة في القرآن تتحدد بالقرائن:
    • لا يمكن تحديد نوع الهبة دون سياق نصي واضح.
  2. إسماعيل وإسحاق:
    • إسحاق: هبة بنوة واضحة.
    • إسماعيل: هبة نبوة ودعم رسالي للنبي إبراهيم.
  3. عيسى عليه السلام:
    • الهبة هي غلام زكي خُلق بقدرة إلهية مباشرة دون تدخل بشري.
    • لا توجد علاقة مادية بين الروح ومريم. المسيح عليه السلام بشر خالص مخلوق بأمر الله، وحملت به السيدة مريم وولدته مثل سائر الأولاد .

{فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }مريم23

{مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }المائدة75