الجوار الكنس
يُعدُّ القرآن الكريم مصدرًا غنيًا بالإشارات الكونية التي تدعو للتأمل والتدبر. من بين هذه الإشارات، قوله تعالى “فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ“ [التكوير: 15-16]. تعددت تفسيرات العلماء لهذه الآية، حيث رأى بعضهم أن “الخنس” و”الجوار الكنس” تشير إلى النجوم التي تختفي وتظهر، بينما ذهب آخرون إلى أنها تشير إلى بقر الوحش أو الظباء التي تكنس في كناسها. في هذا السياق، نُسلط الضوء على تدبر معاصر يربط هذه الآية بالثقوب السوداء في الكون.
النص الكامل للآية: “ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ“ [التكوير: 15-16].
التحليل اللساني:
- الخنس:
- خنس: في اللسان العربي تعني التأخر أو الاختفاء. يُقال “خنس الظبي” أي تأخر واختفى في كناسه.
- الجوار:
- جوار: جمع “جارية”، وتعني السائرة أو الجارية. في هذا السياق، تشير إلى الأجرام السماوية التي تسير في مداراتها.
- الكنس:
- كنس: من “كنس” أي دخل في كناسه، وهو المكان الذي تختبئ فيه الظباء أو بقر الوحش. يشير إلى الاختباء أو الاستتار.
الربط بالثقوب السوداء: الثقوب السوداء هي مناطق في الفضاء تتميز بجاذبية هائلة تمنع حتى الضوء من الإفلات منها، مما يجعلها غير مرئية مباشرة. يمكن ربط صفات “الخنس” و”الجوار الكنس” بالثقوب السوداء على النحو التالي:
- الخنس (الاختفاء) الثقوب السوداء لا تُرى بالعين المجردة لأنها لا تصدر ضوءًا؛ بل تبتلع كل ما يقترب منها، مما يجعلها “خنسًا” أي مختفية.
- الجوار (الجريان)
- على الرغم من اختفائها، فإنها تؤثر بقوة جاذبيتها على الأجرام السماوية المحيطة بها، مما يدل على وجودها وحركتها في الفضاء.
- الكنس (الاستتار)
- تقوم الثقوب السوداء بامتصاص المادة والطاقة من محيطها، وكأنها تكنس ما حولها، مما يؤدي إلى اختفاء هذه المواد داخلها.
خاتمة
يُظهر هذا التحليل توافقًا بين الوصف القرآني في آية “الخنس الجوار الكنس” وصفات الثقوب السوداء المكتشفة حديثًا. هذا الربط يُبرز إحكام وصدق القرآن الكريم ويدعو إلى مزيد من التأمل والتدبر في آياته.
اضف تعليقا