هل تخشى إسرائيل الوجود التركي في سوريا أكثر من النفوذ الإيراني؟
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، صارت سوريا ساحةً لصراع النفوذ بين قوى إقليمية ودولية، وعلى رأسها تركيا وإيران. بينما يُنظر إلى إيران باعتبارها التهديد الأساسي لإسرائيل بسبب دعمها لحزب الله والفصائل المسلحة في سوريا، فإن تركيا، رغم خلافاتها مع تل أبيب، لم تُصنَّف على أنها تهديد مباشر للأمن الإسرائيلي. لكن هل يمكن اعتبار التواجد التركي في سوريا خطرًا أمنيًا لإسرائيل؟ وهل تخشى إسرائيل تركيا أكثر من إيران؟
أولًا: الفرق بين الإستراتيجية التركية والإيرانية في سوريا
- الإستراتيجية التركية
تركيا دخلت سوريا من بوابة دعم المعارضة المسلحة، خاصة بعد 2016، عبر عمليات عسكرية مثل “درع الفرات“ و**”غصن الزيتون”** و**”نبع السلام”**، وهدفها الرئيسي:
- منع قيام كيان كردي مستقل على حدودها، والذي تعتبره تهديدًا قوميًّا.
- بسط نفوذها في الشمال السوري عبر مناطق نفوذ تركية خاضعة لوكلائها.
- حماية مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية عبر التواجد العسكري المباشر.
تركيا ليست في حالة عداء مباشر مع إسرائيل، ولديها علاقات دبلوماسية وتجارية قائمة، رغم توترها أحيانًا.
- الإستراتيجية الإيرانية
إيران على العكس، ترى في سوريا امتدادًا لنفوذها الإقليمي، وتركّز على:
- دعم نظام الأسد سياسيًا وعسكريًا عبر الحرس الثوري والميليشيات التابعة لها.
- تعزيز وجودها العسكري في الجنوب السوري، قرب الجولان، ما يثير قلق إسرائيل.
- إيصال الدعم اللوجستي والعسكري لحزب الله، الذي يشكل التهديد الأكبر لإسرائيل.
ثانيًا: كيف تنظر إسرائيل للوجود التركي؟
إسرائيل تراقب النفوذ التركي، لكنها لا تضعه في خانة التهديدات الأمنية الكبرى، للأسباب التالية:
- عدم وجود تهديد عسكري مباشر: رغم خطاب أردوغان العدائي لإسرائيل، لا توجد مواجهة عسكرية أو تحركات تركية ضد إسرائيل في سوريا.
- التوازن الإقليمي: تركيا تتحرك وفق مصالحها الوطنية، وليس وفق أجندة توسعية معادية لإسرائيل كما تفعل إيران.
- العلاقات الاقتصادية والسياسية: رغم التوترات السياسية، هناك علاقات تجارية قائمة بين تركيا وإسرائيل، ولم تصل إلى مستوى القطيعة الكاملة.
ثالثًا: هل ترى إسرائيل تركيا أخطر من إيران؟
الجواب الواضح هو لا ، ترى إسرائيل في إيران تهديدًا وجوديًا بسبب:
- تموضع الميليشيات الإيرانية وحزب الله على حدودها.
- دعم طهران المستمر للجماعات المسلحة المعادية لإسرائيل.
- السعي الإيراني لتطوير قدرات عسكرية متقدمة، بما في ذلك برامج الصواريخ والطائرات المسيرة.
أما تركيا، فرغم سياساتها المناوئة لإسرائيل في بعض الملفات، إلا أنها لا تمثل تهديدًا عسكريًا مباشرًا، ولا تملك نفوذًا قويًا في الجنوب السوري يمكن أن يستخدم ضد إسرائيل.
خاتمة
إسرائيل تراقب التحركات التركية في سوريا، لكنها لا تعتبرها تهديدًا مباشرًا مثل إيران. بالنسبة لإسرائيل، إيران هي الخطر الحقيقي بسبب دعمها للميليشيات المسلحة وسعيها للتموضع العسكري في سوريا ولبنان، بينما تركيا تتحرك وفق مصالحها الأمنية القومية، وليس وفق أجندة عدائية موجهة ضد إسرائيل.
اضف تعليقا