الإسلامُ والمِلَلُ والنِّظامُ الحَنِيفُ
يَتَناوَلُ هذا المَقالُ مَفهومَ الدِّينِ الإسلاميِّ بوَصْفِهِ دينًا واحِدًا مُوَحَّدًا يَشْمَلُ كافَّةَ الأنبياءِ وأَتْباعِهِمْ، معَ تَوضِيحِ أنَّ ما يُطْلَقُ عليهِ اليَهودِيَّةُ والنَّصْرانِيَّةُ ليستْ أَديانًا بَلْ مِلَلٌ تَعْبِرُ عن طُرُقٍ مَنْهَجِيَّةٍ لِلتَّفْكيرِ والتَّعامُلِ معَ الحياةِ والنّاسِ. كما يُناقِشُ المَقالُ صِفَةَ “المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ” و”الضَّالِّينَ” ويُبَيِّنُ أنَّها تَرْتَبِطُ بِسُلوكِيّاتٍ وصِفاتٍ وليسَ بِجَماعاتٍ مُحَدَّدَةٍ، ويُقابِلُها المَنْهَجُ الحَنِيفُ الذي يُمَثِّلُ الفِطْرَةَ السَّلِيمَةَ.
الدِّينُ الإسلاميُّ: وِحْدَةُ الرِّسالَةِ
تُشِيرُ الآياتُ القُرْآنيَّةُ بِوُضوحٍ إلى أنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ هوَ الإسلامُ، وأنَّهُ دينُ جَميعِ الأنبياءِ وأَتْباعِهِمْ، حيثُ يقولُ اللهُ تعالى:
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلَامُ (آل عمران: 19).
كما تَتَكَرَّرُ الدَّعْوَةُ في القُرآنِ لِاتِّباعِ مِلَّةِ إبراهيمَ الحَنِيفِيَّةِ باعتِبارِها تُمَثِّلُ الدِّينَ القَوِيمَ القائمَ على الفِطْرَةِ:
قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيْفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (البقرة: 135).
الفَرْقُ بَيْنَ الدِّينِ والمِلَّةِ
الدِّينُ في القُرآنِ الكَريمِ مَفهومٌ شامِلٌ وعالَمِيٌّ، بَيْنَما تُسْتَخْدَمُ كَلِمَةُ “مِلَّةٌ” لِلإِشارَةِ إلى المَنْهَجِ أوِ الطَّريقَةِ التي تَتَّبِعُها جَماعَةٌ مُعَيَّنَةٌ. يقولُ اللهُ تعالى:
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيْفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (آل عمران: 67).
المَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ والضَّالُّونَ: صِفاتٌ لا أَقْوامٌ
تُشِيرُ سُورَةُ الفاتِحَةِ إلى المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ والضَّالِّينَ، لكنَّ التَّفسيرَ الدَّقيقَ لِهذِهِ المُصْطَلَحاتِ يَرتَبِطُ بِالصِّفاتِ والسُّلوكِيّاتِ وليسَ بِجَماعاتٍ ثابِتَةٍ عَبْرَ الزَّمَنِ. يقولُ اللهُ تعالى:
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (الفاتحة: 6-7).
الخاتِمَةُ
إنَّ الدِّينَ الإسلاميَّ لَيْسَ مُجَرَّدَ دينٍ مِنْ بَيْنِ أَديانٍ، بَلْ هوَ الدِّينُ الوَحِيدُ الذي يَشْمَلُ كُلَّ الأنبياءِ وأَتْباعِهِمْ، واليَهودِيَّةُ والنَّصْرانِيَّةُ لَيْسَتْ سِوَى مِلَلٍ انْحَرَفَتْ عن الأَصْلِ. والمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ والضَّالُّونَ هُمْ أَصْحابُ صِفاتٍ وسُلوكِيّاتٍ تَنْحَرِفُ عن المَنْهَجِ القَوِيمِ الذي تُمَثِّلُهُ المِلَّةُ الحَنِيفِيَّةُ. وبِهذا، يصير اتِّباعُ المَنْهَجِ الحَنِيفِ واجِبًا لِضَمانِ السَّيرِ على الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ الذي يُمَثِّلُ دينَ اللهِ الحَقَّ.
اضف تعليقا