كيف يأت  فعل التأكيد وبعده إن شاء الله

تدبر الآية: “لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً” (الفتح: 27)

  1. المتكلم في الآية:
  • في هذه الآية، المتكلم ليس الله سبحانه وتعالى، بل هو أحد من الملأ الأعلى،  ويُعبّر عن أمر الله، لأن الله عندما يتكلم يستخدم ضمير المفرد أنا {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }طه14، ولا يستخدم في قوله نفسه جملة إن شاء الله وهذا يعني تعدد الخطابات في القرءان من قبل المتكلمين، وفعل لتدخلن هذا تأكيد على أن المتكلم هو أحد الأرباب المعنيين بالوحي يخبر النبي بحدث الدخول والنصر لهم.
  • “إن شاء الله” تأتي كنهاية للخطاب من قبل المتكلم لأنه في النتيجة هو مخلوق لا يملك القوة والإرادة والحرية المطلقة في التصرف بمفرده، ولابد أن يرجع كل شيء لمشيئة الله.
  1. الفرق بين المشيئة والإرادة:
  • المشيئة تعني تعلق مشيئة الله بكل الاحتمالات الممكنة التي أوجدها بعلمه وإذنه، ولكن ليست كل الاحتمالات تقع حتمًاً وإنما يقع أحدها وفق ظروف ومعطيات وإرادة الفاعل لها.
  • الإرادة تعني أن الله سبحانه وتعالى يقرر ويختار وقوع شيء محدد، ويعني ذلك أن الله يعزم على أن يحدث حدثًا معينًا. {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }يس82
  1. “لَتَدْخُلُنَّ” مع “إِن شَاءَ اللَّهُ”:
  • “لَتَدْخُلُنَّ” هي صيغة توكيدية تعني أن الحدث سيقع، وهو مؤكد من الناحية الظاهرة.
  • لكن استخدام “إِن شَاءَ اللَّهُ” هنا يُظهر أن المتكلم من الملأ الأعلى الذي يوحي إلى النبي محمد  يعبر عن مشيئة الله، أي أن هذا الحدث مؤكد ولكنه مقيد بمشيئة الله وليس رغماً عن الله وإرادته و لإثبات قدرة الله المطلقة.
  1. لماذا “إِن شَاءَ اللَّهُ”؟
  • “القول إِن شَاءَ اللَّهُ” لا تعني الشك بحصول الحدث أو الوعد كما قد يعتقد البعض، بل هي إقرار بمشيئة الله حتى وإن كان الحدث مؤكدًا.
  • من خلال هذه الصيغة، الملائكة أو من ينقل الوحي يُظهرون حذرًا في التحديد الكامل للأحداث ويُذكرون مشيئة الله ليُبيّنوا أن كل شيء في النهاية يقع وفق مشيئة الله. بعلمه وإذنه بحصول هذا الحدث.
  • الختام:
  • المتكلم في هذه الآية هو أحد الأرباب الذي ينقل رسالة الله، والآية تشير إلى حدث مؤكد، ولكنه يحدث بمشيئة الله، وهذا التحديد لا يتناقض مع التأكيد في “لَتَدْخُلُنَّ”، بل يعكس تأكيدًا على سلطان الله المطلق على كل شيء، بما في ذلك الأحداث المستقبلية.
  • “إِن شَاءَ اللَّهُ” تأتي لإبراز إرادة الله المطلقة التي تحتوي المشيئة، حيث أن كل شيء يحصل وفق مشيئته، حتى لو كان الحدث حتميًا في الظاهر.