الوضع السياسي والاقتصادي في سوريا، التحديات والحلول الممكنة

     تواجه سوريا في عام 2025 تحديات هائلة نتيجة للسنوات الطويلة من الصراع المستمر منذ عام 2011، والتي أدت إلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية، وانهيار المؤسسات الحكومية، وتفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. تتداخل في الأزمة عوامل داخلية تتعلق بالتنوع الطائفي والعرقي، إلى جانب التدخلات الإقليمية والدولية التي تؤثر على الوضع السوري. في هذا السياق، تبرز الحاجة إلى حل سياسي شامل قادر على معالجة هذه التحديات وإعادة الاستقرار إلى البلاد.

التحديات الرئيسية

  1. التنوع الطائفي والعرقي:
    يعد التنوع الطائفي والعرقي في سوريا أحد العوامل التي أعاقت التوصل إلى حل سياسي شامل. التعددية الطائفية والعرقية كانت سببًا في تصاعد الانقسامات الداخلية، حيث استُخدم التنوع كأداة للصراع بدلاً من التعايش. هذه الانقسامات أفرزت صراعات أيديولوجية وثقافية معقدة جعلت من الصعب بناء هوية وطنية موحدة.
  2. التدخلات الخارجية:
  • إيران: كانت إيران تقدم  دعمًا عسكريًا واقتصاديًا للنظام السوري البائد، ما يعزز نفوذها الإقليمي، ويؤثر بشكل كبير على السياسة السورية.
  • إسرائيل: تشن إسرائيل ضربات جوية على مواقع إيرانية وأخرى تابعة لحزب الله داخل سوريا، بهدف الحد من التواجد الإيراني بالقرب من حدودها.، وأخيرا تمركزت في الجولان ووضعت قواعد عسكرية بحجة حماية أمنها القومي.
  • الدول الغربية وتركيا: تدعم هذه الأطراف فصائل معارضة، مما يزيد من تعقيد النزاع السوري ويطيل أمده.
  • العقوبات الاقتصادية: فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية شديدة على النظام البائد، مما أسهم في تدهور الاقتصاد الوطني وزيادة معاناة الشعب السوري.
  1. الأوضاع الاقتصادية المتدهورة:
    يعاني الاقتصاد السوري من انهيار حاد، مع معدلات بطالة مرتفعة، وانخفاض حاد في قيمة العملة المحلية، ونقص كبير في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. يعيش 90% من السكان تحت خط الفقر، ويعاني 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي.
  2. انهيار البنية التحتية:
    تسببت الحرب في تدمير واسع للبنية التحتية، بما في ذلك المؤسسات الحكومية والمرافق العامة، ما جعل الحياة اليومية للسوريين أكثر صعوبة. القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والكهرباء دُمّرت، مما يعوق إعادة بناء البلاد ويزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية.

الحلول السياسية الممكنة

لتجاوز هذه التحديات، يجب أن تُتخذ خطوات عملية ترتكز على معالجة الأسباب الجذرية للأزمة وتوفير بيئة مستقرة تضمن للشعب السوري حياة كريمة:

  1. حوار وطني شامل:
    من الضروري إشراك جميع الأطراف السورية، بما في ذلك الفصائل المعارضة والمكونات العرقية والطائفية، في حوار وطني بهدف الوصول إلى اتفاق سياسي شامل. هذا الحوار يجب أن يكون مبنيًا على مبدأ تمثيل حقيقي لجميع السوريين لضمان بناء هوية وطنية موحدة.
  2. تقليص التدخلات الخارجية:
    من الضروري تعزيز السيادة الوطنية من خلال تفاهمات إقليمية ودولية تحترم استقلال سوريا ووحدة أراضيها. يتطلب ذلك إيجاد تسوية تُقلل من التدخلات الإقليمية والدولية التي حولت سوريا إلى ساحة صراع بين القوى الكبرى.
  3. رفع تدريجي للعقوبات الدولية:
    يمكن ربط تخفيف العقوبات الدولية بإحراز تقدم في العملية السياسية والإصلاحات الداخلية. هذا سيسهم في تحسين الأوضاع الاقتصادية وتخفيف معاناة الشعب السوري، ويتيح المجال لعودة الاقتصاد إلى مساره الطبيعي.
  4. إعادة بناء المؤسسات والبنية التحتية:
    يجب أن تكون عملية إعادة بناء المؤسسات الحكومية على أسس الشفافية والمساءلة. يتطلب ذلك إصلاح المؤسسات العامة التي دُمّرت خلال الحرب، بالإضافة إلى إعادة تأهيل المرافق الأساسية مثل الكهرباء والمياه، لضمان تحسين الخدمات وتخفيف الضغط على المواطنين.
  5. دعم اقتصادي وتنموي دولي:
    يجب جذب الدعم الاقتصادي الدولي والإقليمي لتوفير فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى المعيشة، وتحفيز الاقتصاد المحلي. هذا يتطلب أيضًا ضمانات رقابية صارمة لضمان عدم وقوع المساعدات في أيدي الفاسدين، وتوجيهها مباشرة لصالح الشعب السوري.

الخاتمة

لا يمكن لسوريا أن تتجاوز أزمتها إلا من خلال حل سياسي شامل يأخذ بعين الاعتبار الواقع المعقد على الأرض، ويوازن بين التطلعات الداخلية والمصالح الإقليمية والدولية. يتطلب هذا الحل إرادة سياسية قوية من جميع الأطراف المعنية وتعاونًا دوليًا مستمرًا لدعم عملية إعادة الإعمار وتحقيق استقرار مستدام. عبر هذا النهج، يمكن لسوريا أن تبدأ في بناء مستقبل جديد يعزز الوحدة الوطنية ويؤمن حياة كريمة لشعبها.