رمضان شهر العطاء والتآخي الإنساني

          {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }البقرة185

يُعد شهر رمضان من أسمى الشهور في التقويم ، وارتبط ببدء نزول القرءان وهذا الربط ليس حالة عبثية واعتباط وإنما لتبيين أن هذا الشهر ينبغي أن يتم استخدامه في القرءاة و التعلم والتفكير ونشر الوعي والهدى بين الناس ، وانتبهوا لكمة الناس فالشهر هذا هو شهر قرءاني إنساني بامتياز،  فهو ليس مجرد موسم للصيام عن الطعام والشراب، بل هو شهر تربيةٍ روحيةٍ وأخلاقيةٍ تُجسِّد معاني العطاء والمساعدة والتعاون والتعارف بين الناس.

 إنّ رمضان هو شهر الإنسانية، حيث تتجلّى قيم المؤازرة والتكاتف بين الأفراد بعيدًا عن أي اعتبارات طائفية أو عرقية، فالفقير والمحتاج والمريض جميعهم إنسان، ويستحقون الدعم والتعامل معهم برحمة وإنسانية.

رمضان كمحطة لمواجهة التطرف والكراهية

إنّ الصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام والشراب، بل يشمل تهذيب النفس وتطهيرها من نوازع الكراهية والتمييز. لذا، ينبغي استغلال هذا الشهر الفضيل كمنطلق لمحاربة الفكر المتطرف وتعزيز قيم الانفتاح على الآخر، فالتنوع البشري ليس سببًا للفرقة، بل هو دعوة للتعارف والتكامل كما قال تعالى: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا (الحجرات: 13). إنَّ رمضان فرصة ذهبية لترسيخ هذه المبادئ من خلال المبادرات الاجتماعية التي تجمع بين فئات المجتمع المختلفة وتعمل على نشر التعارف والمحبة والتسامح.

رمضان والتقشف الحكيم

أحد الأخطاء الشائعة في شهر الصيام هو الإسراف في الطعام وإنفاق الأموال على الموائد المتنوعة، في حين أن جوهر الصيام يكمن في التقليل من الاستهلاك وإعادة النظر في العادات الاستهلاكية. ينبغي أن يكون مصروف هذا الشهر أقل من باقي الأشهر، لا أكثر، وأن يُوجَّه الفائض نحو مساعدة المحتاجين والفقراء. فالتقليل من التنوع الغذائي ليس فقط صحيًا، بل أيضًا يرسّخ قيمة الصيام الحقيقية، حيث نشعر بمعاناة الفقراء ونتعلم الصبر والتقدير لما نملك.

رمضان: شهر التعلم والتفكير النقدي

ليس رمضان شهر خمول وكسل ونوم، بل هو شهر استنهاض الفكر والروح، حيث ينبغي استغلاله في التعلم والتفكير النقدي وتعويض الفتور الذهني طوال العام. إنّ العبادة بمفهومها القرآني العام تشمل السعي نحو العلم والمعرفة، والعمل على إصلاح الذات والمجتمع، مما يجعل من رمضان فرصةً ذهبيةً لتطوير القدرات الشخصية، وتكريس العادات الفكرية المنتجة.

الزكاة والصدقات: أعظم أعمال رمضان

من أعظم الأعمال التي يُثاب عليها الإنسان في رمضان هي الزكاة بمفهومها الواسع، سواء كانت ماديةً أو معنويةً. فالزكاة ليست مجرد إخراج نسبة محددة من المال، بل هي كل عطاء يسد حاجة محتاج، سواء كان غذاءً أو دواءً أو دعماً معنوياً. وعلى المغتربين أن يساهموا في دعم أهلهم في بلدانهم، خاصة في ظل التفاوت الكبير في قيمة العملات، مما يتيح لهم إمكانية إحداث فرق إيجابي في حياة أسرهم ومجتمعاتهم.

الخاتمة:

 تعاونوا على البر والتقوى

إنّ رسالة رمضان الكبرى تتجلى في قول الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (المائدة: 2). فلنجعل هذا الشهر الكريم مناسبةً لنشر الخير، وتعزيز قيم المحبة والتآخي، ونبذ كل مظاهر التمييز والعدوان، ولنجعل من رمضان انطلاقةً جديدةً نحو مجتمع أكثر إنسانيةً وعدلاً. ورحمة.