هل يوجد فرق بين “كيلا” و” كي لا”

في مقدمة الدراسات القرآنية يُلاحظ أن رسم المصحف الشريف لم يخلُ من التنوع الدقيق في كتابة بعض الأدوات والحروف، ومن بين هذه الظواهر ما يتعلق بكتابة التعبير الذي يجمع بين حرف الغاية “لكي” وحرف النفي “لا”. ففي بعض المواضع تُكتب الكلمة متصلة كـ “لِكَيْلَا”، وفي مواضع أخرى تُكتب منفصلة كـ “لِكَيْ لاَ”. ومن المهم التأكيد على أن هذا الاختلاف ليس وحياً من الله تعالى، بل هو نتيجة لتقاليد النسخ والاجتهاد التي اتبعها الناسخون في نقل النص القرآني بدقة، بحيث حرصوا على إبراز دلالات الجملة والعبارة بما يتوافق مع الإيقاع الصوتي والمعنوي أثناء التلاوة.

أمثلة نصية من المصحف

  • في سورة الحديد – الآية 23:

(لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
هنا تُكتب الكلمة متصلة “لِكَيْلَا”، مما يُضفي انسجاماً صوتياً يسهم في تدفق التلاوة بشكل سلس.

  • في سورة النحل – الآية 70:

(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)
وفي هذه الآية يظهر التعبير بصورة منفصلة “لِكَيْ لاَ”، مما يُبرز استقلالية كل من حرف الغاية “لكي” وأداة النفي “لا”، مع تأثير صوتي يجعل الوقف بينهما واضحاً ويدعم المعنى الدلالي.

تحليل الاختلاف في الرسم

يعكس اختلاف كتابة “لكيلا” سواء بالاتصال أو الفصل حرص الناسخين على تحقيق التوازن بين الجانب الصوتي والمعنوي للنص. فالكتابة المتصلة تُحقق سلاسة صوتية تدعم الإيقاع القرآني، بينما الفصل يوضح الوظائف النحوية لكل من “لكي” و”لا” ويُسهم في إبراز معانيهما بشكل منفرد. ومن الجدير بالذكر أن هذا التنوع في الرسم ليس من الآيات الوحيّية، بل هو نتيجة لأساليب اجتهادية اعتمدها الناسخون عبر التاريخ للحفاظ على دقة النص ووضوحه أثناء التلاوة.

الخاتمة

يتبين من دراسة الأمثلة والاختلافات في رسم كلمة “لكيلا” أن التنوع في كتابتها يُعزى إلى تقاليد النسخ التي حرص الناسخون على إتباعها لنقل المعاني بأدق تفاصيلها. إن اختلاف الاتصال والفصل بين “لكي” و”لا” ليس وحياً من الله تعالى، بل هو طريقة اجتهادية تهدف إلى تحقيق توازن بين وضوح المعاني وسلاسة التلاوة، مما يبرز عمق الإبداع القرآني في تنظيم النص بما يتوافق مع معايير التجويد والرسم الدقيق.