التعريف بالتيار السلفي والمذهبي والأشاعرة والماتريدية

ينقسم الفكر الإسلامي إلى عدة تيارات ومدارس لسانية وفكرية نشأت عبر التاريخ نتيجة تفاعل النصوص مع الواقع التاريخي والاجتماعي والسياسي. ومن أبرز هذه التيارات الفكر السلفي والتيارات المذهبية، وكذلك مدارس الأشاعرة والماتريدية. كما أن لمقام الإفتاء دورًا مهمًا في التاريخ الإسلامي، غير أنه مقام مستحدث لا يرتبط بالثوابت الإيمانية والدينية، بل يتدخل في المسائل المستجدة.

أولًا: التيار السلفي والمذهبي السلفية تيار إسلامي يزعم اتباع نهج السلف الصالح، ويعتمد على النصوص بشكل ظاهري دون تعقل وفهمها مقصدياً. في المقابل، تتعدد المذاهب الإسلامية وفق اجتهادات أئمتها في فهم النصوص وتفسيرها، مثل المذهب الحنفي، المالكي، الشافعي، والحنبلي. المذاهب تعتمد على الأصول الفقهية  المذهبية والقياس، بينما يميل الفكر السلفي إلى رفض تعقل النصوص وتفعيله، وعموماً  التيارين لايخرجون عن النقل  ولكن يختلفون بالتعامل معه بين الجمود السلفي والسطحية وبين محاولة التعقل بشكل متواضع من قبل المذاهب، ولكن في النهاية كلاهما يقومان على العقل ألنقلي و الآبائي ويتعاملون مع الروايات أو أفهام السابقين ويقدمونها على القرءان.، والنتيجة كلاهما تفاعل تاريخي ينبغي تجاوزه والتفاعل مع القرءان، والمسلم غير ملزم أن يكون سلفيًا أو مذهبياً في إسلامه وإنما ينبغي أن يتبع القرءان فهو مصدر الدين ويتفاعل معه وفق منهجه واللسان العربي المبين الذي نزل به.

ثانيًا: الأشاعرة والماتريدية الأشاعرة والماتريدية هما مدرستان كلاميتان نشأتا في إطار الدفاع عن العقائد الإسلامية باستخدام المنطق تلبية لمعطيات تاريخية ولقضايا كانت تثار حينئذ، لاعلاقة لهما بالفقه.

  • الأشاعرة: أسسها أبو الحسن الأشعري، ويميلون إلى إثبات العقيدة بالإجماع والعقل، مع قبول التأويل في بعض النصوص، ومعظم أتباع المذهب الشافعي أشاعرة .
  • الماتريدية: تنسب إلى أبي منصور الماتريدي، وتتفق مع الأشاعرة في كثير من القضايا، لكنها تميل إلى استخدام العقل بصورة أكثر استقلالية في مسائل التوحيد والإيمان.، ومعظم أتباع المذهب الحنفي ماتريديين.
  • وكلاهما فهم بشري غير منضبط قرءانيا ولا منطقيا ، وغير ملزم المسلم أن يكون أشعريا أو ماتريديًا في عقيدته.

ولذلك نجد أن الشيخ أو المفتي مسلم كدين، وشافعي كمذهب،  وأشعري كعقيدة، وقادري أو نقشبندي كطريقة صوفية ..، وكل هذه الأمور لاعلاقة لها بالقرءان لا من قريب ولامن بعيد وهي حالات تاريخية من اجتهادات البشر غير ملزمة لأحد ولا مطلوب من المسلم أن يتبع أو ينخرط تحت أي منها 

ثالثًا: مقام الإفتاء بين الفهم القرآني والواقع التاريخي الإفتاء في الإسلام تطور ليصير مؤسسة رسمية مرتبطة بالسلطة، رغم أنه في الأصل لا يتجاوز كونه رأيًا غير ملزم. وفقًا للقرآن، الفتوى لله وحده كما ورد في قوله تعالى: “ويستفتونك قل الله يفتيكم” (النساء: 176). هذا النص يوضح أن التشريع في المسائل الدينية يعود إلى الله وليس للأفراد أو المؤسسات.

الإفتاء في الدولة الإسلامية صار ممارسة سياسية، حيث تستعمله السلطات لضبط المجتمع وفق رؤيتها الخاصة. وقد أدى ذلك إلى تضخم دور المفتين بحيث صارت الفتوى مرادفة للتشريع، مع أنها في الأصل مجرد اجتهاد غير ملزم.

رابعًا: الإفتاء والعلاقة بالمسائل الإيمانية والثوابت منطق القرآن لا يجعل الإفتاء مرجعًا للواجبات والمحرمات، بل ينص على أن التشريع المطلق لله وحده. الأحكام الدينية الثابتة متعلقة بالنصوص القطعية، أما الفتاوى على افتراض وجودها فهي اجتهادات تخص المسائل المستجدة، وهي آراء غير ملزمة للأفراد إلا إذا تبنتها الدولة فتصير قانوناً . والأصل في القضايا المستجدة أن يعود المسلمون إلى العلماء للسؤال والتعلم، لا لإصدار فتوى ملزمة.

الخاتمة:

من خلال تحليل هذه المفاهيم، يتضح أن التيارات الفقهية والفكرية نشأت كاجتهادات بشرية وليست حقائق مطلقة. الإفتاء ليس مقامًا تشريعيًا ثابتًا بل هو اجتهاد بشري يمكن مراجعته ونقده. الأصل في الدين هو العودة إلى النصوص القطعية وعدم تحميل الفتوى أكثر مما تحتمل. التشريع في الإسلام لله وحده، كما ورد في القرآن، وما سواه فهو اجتهاد بشري غير ملزم.