دراسة عبارة “صَلِّ عَلَيْهِمْ”
تعريف مفهوم الصلاة لسانياً
الصلاة في اللسان العربي تتعلق بفعل متكرر ومنتظم يحمل صلة بين طرفين، حيث تتضمن نوعًا من التواصل أو التفاعل المستمر وفقًا لنظام معين. هذه الصلة قد تكون روحية، اجتماعية، أو حتى عسكرية كما يتبين من النصوص القرآنية المختلفة.
دلالة “على” و”له” في السياق القرآني
• “صلِّ عليهم” تعني إقامة علاقة إشرافية أو تفاعلية تصاعدية بين المصلي والمفعول عليه، حيث يكون الفعل موجَّهًا نحو جهة محددة ذات تأثير مباشر.
• “صلِّ لهم” تعني تقديم الفعل لصالح المفعول له أو التوجه له بالصلاة ، حيث يكون الغرض تحقيق منفعة معينة دون توجيه مباشر إلى جهة مستقبلة كما في “عليهم”.
تحليل النصوص ذات الصلة
(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )(التوبة 103)
في هذا السياق، “صلِّ عليهم” تشير إلى إقامة علاقة تنظيمية تُعنى بتطهيرهم وزكاتهم عبر نظام الصدقة، حيث تصير الصلاة هنا بمعنى التواصل الداعم الذي يوفر الاستقرار النفسي والاجتماعي للمخاطَبين.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )(الأحزاب 56)
• صلاة الله وملائكته على النبي تشير إلى العناية المستمرة والدعم الإلهي لمهمته.
• أمر المؤمنين بالصلاة عليه يشير إلى وجوب التأييد له والانضمام إلى مشروعه الرسالي.
الفرق بين “إقامة الصلاة” و”إذا قمتم إلى الصلاة”
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ) (المائدة 6)
• “إذا قمتم إلى الصلاة” تشير إلى فعل يسبق الصلاة ويتطلب استعدادًا، مما يدل على أنها صلاة تعبّدية تحتاج إلى طهارة حسب سياق النص ومفهومه.
(وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ)} (البقرة 110)
• إقامة الصلاة تتعلق بإيجاد نظام منتظم لها، يتعلق بالصلاة الاجتماعية كتنظيم العلاقات داخل المجتمع وفق مبادئ الاستقامة.
تحليل
(فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً) (النساء 103)
• “فإذا قضيتم الصلاة” تشير إلى انتهاء صلاة معينة، وهي هنا صلاة الحرب (العلاقات الحربية ) باعتبار السياق.
• “فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة” تعني إقامة نظام الصلاة في حالة السلم والاستقرار، وهو ما يرتبط بالعلاقات الاجتماعية والتنظيمية.
• “كتاباً موقوتاٍ” تعني مجموعة من العلاقات المنتظمة الاجتماعية التي تحصل وفق أوقات معينة يحددها الواقع ، ولكل مقام مقال، ولكل حادث حديث.
دلالة {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (التوبة 11)
• إقامة الصلاة هنا ليست صلاة تعبدية، بل تعني الامتثال للنظام الاجتماعي للدولة والخضوع له، مما يجعل التائبين جزءًا من المجتمع المؤمن.
خلاصة
• الصلاة في القرآن تأتي بمعانٍ متعددة بحسب السياق: شعائرية، تنظيمية، اجتماعية ، حربية.
• الفرق بين “إذا قمتم إلى الصلاة” و”أقيموا الصلاة” هو أن الأولى تتعلق بالاستعداد للصلاة التعبدية، بينما الثانية تعني تنظيم الصلاة ككل ضمن المجتمع.
• “فإذا قضيتم الصلاة” تتحدث عن انتهاء صلاة الحرب، بينما “فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة” تشير إلى استئناف الصلاة التنظيمية الاجتماعية بعد الاستقرار.
• الصلاة ليست دائمًا شعيرة فردية، بل نظام يشمل مختلف نواحي الحياة، مثل العلاقات الاجتماعية والسياسية.
اضف تعليقا