طائفة المورمونية
المعروفة رسميًا باسم كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة هي حركة دينية مسيحية نشأت في الولايات المتحدة في أوائل القرن التاسع عشر، وتُعدّ واحدة من أبرز الحركات ضمن ما يُعرف بـ”الديانات الجديدة” في العالم الغربي، حيث تمتاز بعقائدها الفريدة ومؤسساتها النشطة وانتشارها العالمي.
النشأة والتأسيس
تأسست المورمونية على يد جوزيف سميث في العام 1830 في ولاية نيويورك، بعد أن ادّعى أنه تلقّى رؤى إلهية، أهمها أن جميع الكنائس المسيحية القائمة آنذاك قد ابتعدت عن الدين الحق، وأنه مختار لإعادة “الكنيسة الأصلية”. وفي عام 1827، قال سميث إنه تلقى من ملاك يُدعى “موروني” ألواحًا ذهبية مكتوبة بلغة قديمة، ترجمها لاحقًا إلى ما عُرف باسم “كتاب مورمون”، والذي يُعدّ من النصوص المقدسة الرئيسية للطائفة إلى جانب الكتاب المقدس.
العقائد الأساسية
رغم أن المورمونيين يعتبرون أنفسهم مسيحيين، إلا أن عقائدهم تختلف عن العقيدة المسيحية التقليدية في عدة نقاط، من أبرزها:
- الكتاب المقدس وكتاب مورمون: يُقدّسون الكتاب المقدس، لكنهم يضيفون إليه كتاب مورمون وكتبًا أخرى (مثل “التعاليم والعهود” و”اللؤلؤة الثمينة”) كمصادر للوحي الإلهي.
- الله والثالوث: لا يؤمنون بالثالوث كما في المسيحية التقليدية؛ بل يعتبرون أن الآب والابن والروح القدس ثلاثة كائنات منفصلة ومتحدة في الهدف، لا في الجوهر.
- النبوة المستمرة: يعتقدون بأن الله ما زال يوحي للبشر، وأن رئيس الكنيسة الحالي يُعدّ نبيًّا متلقيًا للوحي الإلهي.
- خطة الخلاص: يضعون تصورًا تفصيليًا للحياة ما قبل الولادة، والوجود الأرضي، والحياة بعد الموت، مع درجات مختلفة من “الملكوت” في الآخرة.
- المعمودية نيابة عن الأموات: يعتقدون بإمكانية منح الخلاص للأموات عبر طقوس تُقام بالنيابة عنهم، وهو ما يفسر اهتمامهم الكبير بعلم الأنساب.
الهيكل التنظيمي
للكنيسة هيكل هرمي محكم يشمل:
- النبي والرئيس الأعلى: قائد الكنيسة يُعتبر نبيًا في كل زمان.
- مجلس الرسل الاثني عشر: هيئة إدارية ودينية كبرى تشبه الرسل في العهد الجديد.
- الهيئات المحلية: تشمل “الأبرشيات” و”الأفرع” المنتشرة في مختلف أنحاء العالم.
الطقوس والممارسات
- المعابد: تُستخدم للزواج الأبدي، والمعمودية عن الأموات، وطقوس أخرى لا تُجرى في الكنائس العادية.
- العشور: يُطلب من الأعضاء التبرع بـ10% من دخلهم للكنيسة.
- القوانين الأخلاقية: يُشجعون على العفّة الجنسية خارج الزواج، ويحظرون الخمر والتبغ والكافيين.
- الخدمة التبشيرية: يُرسل الآلاف من الشبان والفتيات في مهمات تبشيرية حول العالم لنشر العقيدة.
الانتشار والتأثير
- يبلغ عدد أتباع كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة أكثر من 17 مليون شخص حول العالم، معظمهم في الولايات المتحدة، وخاصة في ولاية يوتا التي تُعتبر المركز الروحي والإداري للطائفة.
- لديهم وجود ملموس في أكثر من 150 دولة، مع آلاف المعابد والمراكز.
- يُعرفون بالتنظيم الشديد، والانضباط الأخلاقي، والخدمة المجتمعية.
الجدل والنقد
واجهت الطائفة انتقادات وجدلًا على مرّ تاريخها، أبرزها:
- تعدد الزوجات: كانت الكنيسة تمارس تعدد الزوجات في القرن التاسع عشر، لكنها تخلت عنه رسميًا عام 1890. ولا تزال بعض الجماعات المنشقة تمارسه حتى اليوم.
- العِرق: حتى عام 1978، كانت الكنيسة تمنع الرجال السود من تولّي الكهنوت، وهو ما سبّب انتقادات حادّة.
- الادعاءات النبوية: تعرضت دعاوى النبوة والكتب الجديدة لوحي من الله إلى تشكيك واسع من الأوساط المسيحية التقليدية والأكاديمية.
خاتمة
المورمونية تمثل ظاهرة دينية فريدة، نشأت في سياق أمريكي خاص، لكنها استطاعت أن تنمو وتنتشر عالميًا، مع بناء منظومة دينية واجتماعية قوية. وبينما تُواجه الكثير من التساؤلات والانتقادات، فإنها تواصل التوسع والنشاط، مما يجعلها موضوعًا مهمًا للدراسة في مجالات الدين والمجتمع والثقافة.
اضف تعليقا