مفهوم الإصابة بالعين والسحر

ظاهرة الإصابة بالعين حدث يؤمن به معظم المجتمعات الإنسانية ويتعاملون معها ، وكل مجتمع له رؤية خاصة به وطريقة للتعامل، وما أكثر القصص التي يتداولونها في حصول الإصابة من أثر زيارة فلانة أو فلان للمنزل أو أنه رأى شيئاً جديداً فأصاب هذا الشيء عطلاً أو هلاكاً أو مرضاً وربما موتاً بعد زيارة هذا الشخص ، وتكرار هذا الحدث متزامناً مع زيارة بعض الأشخاص ورؤيتهم له أثبت في مخيلة الناس أن فلان أو فلانة يصيب بالعين فيحذروه.
ثابت علمياً أن عضو العين لايصدر منها شيء من الشعاع أو غيره فهي مجرد عضو للإبصار يدخل الضوء لها وينكسر على شبكتها وتتم الرؤية بها ليس إلا، وكذلك الأذن وباقي الحواس فهي لواقط للإحساس بالواقع وتنقله للدماغ الذي يقوم بقراءته والتفاعل معه حسب برمجته الغريزية أو الثقافية، وهذا يعني أن السمع والبصر يحصل حقيقة في الدماغ المحكوم بالفؤاد من النفس، والدماغ والفؤاد يشكلان مع بعضهما القلب المعروف بين الناس باسم العقل خطأ، لأن العقل والتفكير ليسا أعضاء وإنما وظائف وأفعال للقلب لنقرأ:
{أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ }الحج46
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
والقلب الذي في الصدر ليس هو العضلة الموجودة في القفص الصدري ، بل هو الدماغ الموجود في صندوق عظمي يحميه، وهذا الدماغ له علاقة بالفؤاد الذي هو عنصر نفسي وليس جسمياً، وكلاهما مع بعض اسمهما القلب، ووظيفة القلب التعقل والتفكير والفقه{وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء36، وعملية التعقل أو التفكير يلزمها وجود عناصر يتم بها التفكير وليست هي عمل عنصر واحد ، ولاهي فعل داخلي في الإنسان فقط، بل هي مجموعة عوامل خارجية وعوامل داخلية تتفاعل مع بعضها فيحصل التعقل أو التفكير عند الإنسان، لنقم بتحليل وظيفة التعقل والتفكير:
وظيفة التعقل يلزم لها وجود :الحواس السليمة + الدماغ السليم+ الواقع + نقل الإحساس بالواقع للدماغ+الفؤاد + معلومات مسبقة أو لاحقة عن الواقع+ الدافع لهذا الفعل + ربط وتحليل للحدث= فعل التعقل الذي يصدر منه الإدراك والحكم على الشيء وهذا خاص بالمعارف التي تخضع للحس المباشر ، وهذا أمر مشترك بين غالب الناس وتمارسه.
وظيفة التفكير يلزم لها عناصر التعقل + الدراسة والقراءة + اللسان الذي يحمل المعلومات ويكون حقل للتفكير+ انتماء اجتماعي + حمل المسؤولية = التفكير، وهو خاص بفئة من مثل العلماء والقادة والباحثين والفلاسفة …. الذين يوجهون المجتمع ويقودونه على كافة المستويات .
والدماغ كعضو ثابت علمياً أنه يستقبل الإحساس بالواقع عن طريق موجات كهرطيسية وكذلك يرسلها إلى خارجه ليلتقطها غيره ،ومعروف لديكم التخاطر عن بُعد، وقراءة الأفكار، والرقيا للمرضى، وتكون هذه الموجات انشحنت بتصورات نفسية وجعلتها موجات سلبية أو إيجابية حسب نوع التصورات النفسية خيراً أو شراً.
إذاً؛ العين كعضو لاعلاقة لها بالإصابة ولا الأذن أيضاً ، لأنهما مجرد أعضاء ناقلة للإحساس بالواقع ، والعملية تتم من خلال علاقة جدلية بين الدماغ و الفؤاد مستخدمين عناصر التعقل فينتج عن ذلك تلك الموجات، فعندما يركز أحدهم قوته الذهنية على شيء معين يؤثر به حسب نوعية التصورات التي يستخدمها بالتركيز، وهذا يختلف من شخص لآخر، فليس كل الناس عندهم قدرة التركيز هذه فغالباً تصوراتهم تتشتت وتتلاشى أو لايركزون بشكل سلبي شرير على شيء معين أعجبهم حسنه عند الآخرين ، وهذا يفسر لماذا يضع بعض الناس أشياء زرقاء طريفة في شكلها وملفتة للنظر مثل كف صغير أو عين أو حذاء صغير أو حدوة الحصان وما شابه ذلك بشكل واضح كحماية من الإصابة بالعين على الطفل الصغير مثلاً أو السيارة الجديدة أو المنزل ، فهذه الأمور ليست تمائم ولا كفر ولاشرك رغم جهل معظم الناس بطريقة عملها وهم يقلدون ما تعلموه من الآباء وورثوه كعادتهم في التقليد ، هذه الأمور الطريفة تلفت انتباه الناظر لها فيركز عليها ذهنه وهذا العمل في الحقيقة جعله يشتت تركيزه عن رؤية الأمر الآخر مما يجعل تركيزه ضعيف ويتلاشى، وبالتالي لايسبب الأذى للشيء، لأن الذهن يلحق العين في التركيز.
وكون الإصابة بالعين هي نتيجة تركيز ذهني دماغي سلبي في الشيء ينتج عنه إرسال موجات كهرطيسية سلبية نحو الشيء فيمكن أن تصيبه بالأذى أو الهلاك ورد في القرءان و الأحاديث النبوية طريقة لحماية الإنسان لنفسه وما عنده مما يمكن أن يعجب الآخرين وربما يصيبوه بالعين وهي تحويل التركيز الذهني إلى مفاهيم إيجابية خيِّرة صالحة اقرؤوا: {وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً }الكهف39
فالإنسان عندما يرى ما يسره ويعجبه في نفسه أو في غيره فليقل : ماشاء الله لاقوة إلا بالله.
وورد عن النبي أنه قال : ” مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ فَقَالَ : مَا شَاءَ اللَّه لَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ ، لَمْ يَضُرّهُ ” .
وهذا يعني أن نسبق التصورات الذهنية السلبية بأفكار صالحة إيجابية خيّرة نرسلها للآخرين أو لنا كحماية من الأفكار الشريرة السلبية ، ولانقتل أنفسنا أو بعضنا بجهلنا هذا وهو أمر مقدور عليه ، اقرؤوا هذه القصة التي حصلت في زمن النبي وكيف عالجها:
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْن سَهْل بْن حُنَيْفٍ ” أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْو مَاء ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَة اِغْتَسَلَ سَهْل بْن حُنَيْفٍ – وَكَانَ أَبْيَض حَسَن الْجِسْم وَالْجِلْد – فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِر بْن رَبِيعَة فَقَالَ : مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْد مُخَبَّأَة ، فَلُبِطَ – أَيْ صُرِعَ – سَهْل . فَأَتَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَد ؟ قَالُوا . عَامِر بْن رَبِيعَة . فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ : عَلَامَ يَقْتُل أَحَدكُمْ أَخَاهُ ؟ هَلَّا إِذَا رَأَيْت مَا يُعْجِبك بَرَّكْت . ثُمَّ قَالَ : اِغْتَسِلْ لَهُ ، فَغَسَلَ وَجْهه وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَاف رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَة إِزَاره فِي قَدَح ، ثُمَّ يَصُبّ ذَلِكَ الْمَاء عَلَيْهِ رَجُل مِنْ خَلْفه عَلَى رَأْسه وَظَهْره ثُمَّ يُكْفَأ الْقَدْح ؛ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ ، فَرَاحَ سَهْل مَعَ النَّاس لَيْسَ بِهِ بَأْس “
أخرجه أحمد والنسائي.
فهذا حديث يعلمنا أننا إن رأينا مايعجبنا نقول: بسم الله ما شاء الله لاقوة إلا بالله بارك الله لك به.
وفي حال أصيب أحدهم بالعين وعلمتم من أصابه فكما جاء بالحديث يطلب من العائن أن يغسل أطرافه ورأسه ووجهه في إناء ويصب الماء على المعيون في أنحاء جسمه مع التبريك له فيشفى بإذن الله، وذلك لأن الماء يزيل الموجات السلبية الشريرة التي لحقت بالمعيون من العائن ، وفي حال لم يُعرف العائن فأيضاّ يصب على المعيون ماء مقروءاً عليه قرءاناً بتركيز عالي والدعاء والتبريك للمعيون وغسله به.
وبناء على معرفة مفهوم الإصابة بالعين من أنها تركيز موجات ذهنية سلبية نستطيع أن نرقي أنفسنا احتياطاً وحماية من هذه الرؤى الشريرة بالأدعية و الأذكار كونها مفاهيم وأفكار إيجابية صباحاً ومساء لتكون لنا حصناً حصيناً وبعد تلاوة الفاتحة والمعوذتين وآية الكرسي والأدعية والأذكار بتركيز عالي وتدبر وإيمان بما نقول ونذكر ثلاث مرات ننفخ على راحة كفينا ونمسح بها وجهنا وما تصل إليه يدينا من جسمنا لتبقى هذه الموجات الإيجابية ملازمتنا طوال النهار حتى تتلاشى وحدها فنجددها مساء.
وورد كثير من الأدعية والصيغ القرءانية مثل : بسم الله الذي لايضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، وأعوذ بكلمات الله التامات من شر خلق وذرأ وبرأ.
وهذه الأدعية وغيرها ممكن نستخدمها لأطفالنا وغيرنا من المرضى فنرقيهم بها بقوة الله وإذنه.
استمعوا لهذا الفيديو و افهموا كيف يتم عمل الدماغ والتواصل مع الآخرين والتفاعل
https://www.youtube.com/watch?v=tjl5fuO58-8&ab_channel=euronews%28%29
السحر بين الوهم والحقيقة
https://samerislamboli.com/?p=1182