مقال زينب إسماعيل عن محاضرات جمعية التجديد البحرينية في مؤتمر «شرائع السماء».
في مستهل مؤتمر «شرائع السماء».. ووسط حضور كثيف:
القوى الكبرى تُسخّر القوانين الإنسانية لحماية مصالحها
جريدة الوقت –البحرينية \4\4\2010
زينب إسماعيل:
بدأت أمس السبت أعمال مؤتمر ”شرائع السماء وحقوق الإنسان.. عودةٌ للجذور” الذي تنظّمه جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية ويستمر حتى غداً، الاثنين. وقال رئيس الجمعية: ” رضا رجب” ، في مستهل المؤتمر، إن ”الحديث عن المبادئ العامة لحقوقِ الإنسان أضحى من المتناقضات، وباتت – وللأسف- دعوات احترام كرامة الإنسان وحقوقِه وحرّية اختياره تُوصَم بالشبهة والتغريب”.وأضاف ”لم يعِ أصحاب هذه الآراء أنهم لم يساهموا بآرائهم تلك في غربة الإسلام عن المسلمين فحسب، بل شاركوا في حرمان البشرية قاطبة من منظومة إنسانية سامية، ومخزون ثقافي هائل، هي بأمسِّ الحاجةِ إليه اليوم للخروج من الظلام الذي خيّم على العالم”.وأشار رجب: إلى ”إنّنا نعترف بتقدّمِ القوانين الإنسانية في العالم وأنّها قدّمت الكثير للبشرية في عصرنا الحاضر، ولكنّنا لا نعتقدُ بكمالِها وقدرتها على بسط القسط والعدل بين جميع البشر”، مضيفا أن ”هذه القوانين بقيت ضحيّة لهيمنة القوى الكبرى التي ما فتِئتْ تُجيّرُها كلّما لاح في الأفق ما يتعارض مع مصالحها السياسية”.وأكّد “رجب” أن جمعية التجديد ”ترجو بهذا المشروع ربط الثمرة بجذرها من جديد، وتوضيح ما خفي وما طُمس من وحي السماء ومن الأعراف الأصيلة، الأمر الذي حال بين أمتنا وبين هذه النهضة الإنسانية في التشريعاتِ”.من جهته، نقل “صبري الربيحات” الممثل الشخصي للأمير “الحسن بن طلال” رئيس منتدى الفكر العربي وراعيه؛ تحيّةَ الأمير وتهنئته الخاصّة إلى مُنَظِّمي مؤتمر الشرائع على ما بذلوه من جهْد في تنظيمِه وإعدادِه. وشدّد الأمير ” الحسن بن طلال” في كلمته على أن ”مستقبل العيش المشترك في المجتمعات العربية يطلب التوجه، لا إلى الحوار اللاهوتي والخوض في قضايا العقيدة واللاهوت -حيث إن هذه القضايا تظل من شأن علماء الدين ورجال الدين والفلاسفة- وإنما إلى القضايا الإنسانية الملحة، وإلى المطالب الحياتية التي يجري البشر خلفها وعليها يقيمون حياتهم ومعاشهم ومستقبلهم”.وأضاف ”وفي مقدمة هذه القضايا قضايا الفقر والجوع، والتربية والتعليم، وحقوق المرأة، وخفض الوفيات بين الأطفال، وتحسين الأوضاع الصحية ومكافحة الأمراض والأمراض السارية، وحماية البيئة، وتعزيز جهود التنمية”.كما دعا الأمير ” الحسن” إلى ”العمل على تحقيق الاحترام لكل الأديان، ونبذ العنف، وتعميق قيم التفاهم، ونبذ الكراهية والأحقاد، والترويج للتعايش السلمي بكل الوسائل المتاحة”. واشتمل حفل الافتتاح على عددٍ من العروض الفنية، منها عرضٌ لشعار المؤتمر وفكرته، وفيلم يشرح تناقضات الواقع، والحاجة الماسة للعودة لتشريعات السماء الأولى. ويؤكد الفيلم أن ”حرية الاختيار مدرستنا واحترام الأديان صنع أيدينا، والعدالة والمساواة منهجنا، وإعانة الضعيف شيمتنا. هذه بضاعتنا نشرناها في كل أنحاء الأرض منذ آدم. ولكننا اليوم عدنا من جديد لنئد طفلنا الرضيع الذي أنجبنا ونتنكّر لأبوتنا له”.وبعد حفل الافتتاح انطلقت أعمال الجلسة الأولى من المؤتمر، التي ناقشت محور الحريَّات الفرديَّة متحدثاً فيها كل من” عيسى الشارقي”، “محمد شحرور”، “محمد محفوظ”، تحت عنوان ”لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ” التأسيس الثقافي لإرساء قوانين لحماية حريّة المعتقد والضمير، و”سامر إسلامبولي” تحت عنوان ” أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ” التأسيس الفكري والثقافي لإرساء قوانين لحماية حريّة القول والعمل.
– سامر إسلامبولي قال : نفي المسؤولية معناه إلغاء العقل والحرية. وأكد الباحث الإسلامي “سامر إسلامبولي” أن الحرية مسؤولية، وعلى أساسها يكون الحر مسؤولاً، والمسؤول حراً، فيما الإنسان الذي ينفي عن نفسه المسؤولية ينفي عن نفسه العقل والحرية ”، نافياً أن تكون هنالك مسؤولية لرؤساء يزعمون أنهم فوق المساءلة القانونية والشعبية ” ويتساءل ؟كيف يكون هؤلاء دون عقل وحرية ومع ذلك يحكمون الشعوب التي تدعي العقل والحرية؟.. إنها معادلة باطلة”.وقال إسلامبولي: إن دائرة حرية إنسان المجتمع تضيق وتنضبط لتفسح مجالاً لحق دوائر الآخرين في الوجود، على اعتبار أنه يعيش ضمن علاقات متشابكة بالغة التعقيد مع الآخرين، والتمرد الفردي الأعمى على نظام المعرفة، قد يقود إلى نفي القيم والمعارف المعمول بها بصورة مدمرة”، مذكراً بمقولة ”حرية الإنسان تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين”.وأضاف ”هذه الضوابط الثقافية للحرية، ضوابط اجتماعية يخضع الإنسان لها طوعاً ليستطيع ممارسة حريته الفعالة، لأن عدم خضوع الإنسان لهذه الضوابط يدفع الآخرين إلى اختراق دائرة حريته وإلحاق الأذى به”، مشيراً إلى أن ”الانضباط الثقافي الاجتماعي، قانون يضمن ممارسة الحرية الشخصية بجانب حرية الآخرين دون اختراق أو أذى لأحد”.وأشار إلى أن ”حركة الإنسان تسير في محورين متلازمين، هما الفطرة التي تقوم على الاختيار، والاجتماع الذي يقوم على الانتماء داخل المجتمع، وتوازن المحورين يأتي لأن وجود الإنسان فطري، ووجود المجتمع اعتباري”، مضيفا أن ”العلاقة بينهما علاقة اللاعب بفريقه”، محذراً من ”سلب الجانب الفطري في الإنسان، حيث إن ذلك يسلب مبرر الانتماء للمجتمع”.ودعا إسلامبولي إلى ”ضبط المفاهيم، على اعتبار أن الظالم يلعب لعبته في تغيير المفاهيم وقلب الباطل حقاً ”، مستنكراً في الوقت ذاته ”إبعاد النص القرآني من المرجعية التاريخية وجعل التوراة والتلمود والفخار والحجر مصادر تاريخية”.وختم إسلامبولي بالقول ”هذا تحريف للحقائق وقلب للرأس على العقب، فالكرامة والحرية حاجات نفسية تنبع من داخل الإنسان”.
– الشارقي: تحديد سن تغيير العقيدة «أمر غريب »أكد المفكر والباحث في جمعية التجديد “عيسى الشارقي” أن مسألة البحث عن السن القانونية التي يجوز للفرد فيها أن يُغيّر عقيدته أو يُعترف له فيها بالحق في تغييرها غريبة، إلا أن أصل فكرة تحديد عمر للاستحقاق ليست غريبة على الفكر القانوني”.وأضاف أن ”تحديد سن الانفصال ليس سهلاً، على اعتبار أنها تعتمد على النمو العقلاني وموضوعية التفكير والاتزان العاطفي”، موضحاً أن ”الأمر يتطلب قياسات علمية غير متاحة والأمور الثلاثة تتأثر بالحالة الاجتماعية والمستوى الثقافي وطبيعة التربية”.وقال الشارقي ”يقبل إسلام الفرد وهو ابن 15 ولا يسمح له بالخروج إلا بعد 21 عاما (…) هناك دراسة أجريت في مصر في ثمانينات القرن الماضي أكدت أن 50% من البنين يكون إيمانهم تقليدياً و25% متحمسين و24% يساورهم الشك و1% ملحدين، فيما البنات: 61% منهن إيمانهن تقليدي و26% متحمسات و31% يراودهن الشك ولا يلاحظ بينهن الإلحاد”.وأشار إلى أن ”حرمان الابن الخارج من الملة من الميراث لا يردعه عن تغيير هويته”، موضحا أن ”الهويات اليوم قد لا تكون دينية بل لا دينية، وليس من الواضح في ظل التخلف الاقتصادي للمسلمين، المدى الذي سيكون فيه الحرمان من الميراث عاملاً في ردع تغيير الهوية”. وتابع ”فالأبناء اليوم أكثر ثراء من الآباء، وفي ظل الخوف والتشدد مدفوعون لاتخاذ مواقف متشددة نوعاً ما، دون أن نبدي أمام ذلك موقف معارضة أو صرخة اعتراض”.
– المحفوظ: العدو الصهيوني صار أكثر قوة ومنعة. استعرض الكاتب بجريدة الرياض السعودية محمد المحفوظ، عبر ورقته، تأملات عن مفهوم حرية التعبير من المنظور الإسلامي، موضحاً أن ”مجالنا العربي والإسلامي في العقود الخمس الماضية قلب المعادلة، إذ سعت نخبته السياسية الحاكمة لتكميم الأفواه وإقصاء كل القوى والمكونات السياسية والثقافية تحت عدوى متطلبات المعركة مع العدو الصهيوني”.وأضاف ”النتيجة النهائية التي وصلنا لها هي التدهور، وبفعل هذه العقلية أصبح العدو الصهيوني أكثر قوة ومنعة”، لافتاً إلى أن ”تصحيح الأوضاع يغيّر الحياة السياسية والمدنية”.وشدّد المحفوظ على أن ”وجود أحزاب شيوعية في بلدان رأسمالية، لا يعدو شكلاً من أشكال الديمقراطية، بل هو وجود شكلي يمارس حرية مضبوطة النتائج ولا تهدّد أسس النظام”.
– محمد شحرور من جهته، تساءل ، عبر ورقته، عن التأسيس الثقافي لإرساء قوانين لحماية حرية المعتقد والضمير، معتبراً أن ”المسلمين سمحوا لغيرهم بممارسة عباداتهم، فيما أحجموا من مشاركاتهم السياسية”.
اضف تعليقا