الله لا يأمر الناس بالانتحار

{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90
يظن بعض الباحثين والمفسرين أن الله طلب من بني إسرائيل قتل أنفسهم {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة54، بمعنى زهق حياتهم ونحر أعناقهم، ومن رفض هذا الأمر المنكر المخالف للمنطق والحكمة الإلهية اضطر أن يقول: معنى الأمر بالقتل أن يقوموا بقتل بعضهم لا قتل أنفسهم.
وكلا الفهمين خطأ وفاحش وينقض حكمة الله ورحمته.
والصواب؛ أن كلمة القتل لها مفهوم واحد يدل على الضغط والتوقف عند الشيء بشدة ومتابعته بحركة لازمة ثقيلة إلى أن تنهيه بشكل قطعي أو على الغالب، وظهر ذلك بصورة مادية بتوقيف الحياة عند الكائن الحي أو بصورة معنوية بتقليص فاعليته أو حركته لأقصى درجة، كما نقتل الأمر دراسة وبحثًا أو نقتل الثوم والبصل في الطبخ، وبما أن صورة زهق الحياة ونحر الأعناق غير وارد في النص لتناقضه مع حكمة الله ورحمته مما يدل على أن الصورة المطلوبة بأمر قتل النفس هو الصورة المعنوية التي تعني كبح الشهوات ونهي النفس عن الهوى، وإلزام النفس بالصلاح والرشاد، وهذا هو قتل النفس.
فاقتلوا أنفسَكم يرحمُكُم الله ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ