كلمة(مصر) من التمصير وهي تدل على الجمع المتصل بحركة محددة مكررة، وتطلق على المكان الذي يقطنه تجمع من الناس تربطهم علاقات متصلة محددة متبادلة بينهم قائمين بشؤون أنفسهم واحتياجاتهم.

وهي تدل على البلدة المسكونة المهيأة بالأسواق التجارية والأعمال والصناعة لتكون مركزاً لمن حولها من البلدان والقرى، ومَصَّر الحاكم بلدة معينة إذا جعلها محددة المعالم ومركزاً للصناعات والتجارة والإقامة.

وأتت كلمة (مصر) في القرءان خمس مرات واحدة منهم أتت بصيغة نكرة(مصراً) وهي تدل على أي مصر من الأمصار يختاره بنو إسرائيل للإقامة فيه والاستفادة من معطيات مصر المدينة.

-{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }البقرة61

وأتت في النصوص الأربعة المتبقية بسياق بلدة محددة معروفة للمخاطب كمركز تجمع بشري دائم تجارياً وصناعياً، ولم يغط أو يحدد القرءان اسم مصر في الواقع أي البلاد هي لأن القرءان ليس كتاب جغرافية أو تاريخ ولا يهتم بهذه القضايا الجزئية، ومتروك التفاصيل للإنسان ليدرسها من خارج القرءان.

1-{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }يونس87

2-{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }يوسف21

3-{فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ }يوسف99

4-{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ }الزخرف51

والنص الأخير وهو قول فرعون(قال يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) يتكلم عن البلدة التي يحكمها وهو واقف فيها يخاطب الناس ، فهي معروفة لديه ولدى الناس الذي يستمعون له وليست نكرة لهم، ولا يقصد النص القرءاني أن اسم البلد مصر مثل مكة أو غيرها من أسماء البلدان المتداولة بين الناس.

ولا علاقة لبلدة مصر الحالية في القرءان كله، وما قيل في ذلك الشأن هو التباس حصل عند المفسرين لوجود بلد بهذا الاسم قديماً فظنوا أنها المقصد من النص القرءاني، و جَيَّروا الأحداث التي ذكرها القرءان عليها، وهذا خطأ فاحش وتحريف للتاريخ مقصود من قبل اليهود، أما أين جرت الأحداث المذكورة في القرءان المتعلقة بالنبي يعقوب والنبي يوسف، وبني إسرائيل وموسى وفرعون فهذا موضوع آخر يحتاج لدراسة عميقة.

وبلدة مصر الحالية اسمها التاريخي هو القبط (egypt)، وهكذا ورد في الرسالة التي وجهها النبي محمد الخاتمي إلى حاكم البلد بقوله ( إلى عظيم القبط).