مفهوم الأولاد والأبناء

كلمة الأولاد جمع ولد، وتدل على خروج شيء من آخر بقوة يحمل صفاته، والولادة معروفة، وما يلده الإنسان اسمه ولد بصرف النظر عن نوعه ذكرًا أو أنثى، وإن أردت تحديد الولد بنوع الأنثى، قلت: وليدة، وإن قلت: عندي أولاد، تُفهم على إطلاقها ذكور وإناث أو ذكور فقط أو إناث فقط، ولذلك لا بُدَّ من التفصيل كأن تقول: عندي ولدان ذكور وولدان إناث، أو أربعة أولاد ذكور، أو أربعة أولاد إناث، وإلا يبقى الكلام على إطلاقه تشمل كلمة الأولاد الذكور والإناث طالما لا يوجد قرينة تحدد نوع من الأولاد.

لنقرأ  كيف استخدمها القرءان

– {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (البقرة233).

– {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُولَـئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ } (آل عمران10).

– {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } (الأنعام151).

-{وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (الأنفال28).

– {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْأً كَبِيرًا } (الإسراء31).

كلمة (أولادهن، وبولده، وأولادكم) في النصوص عامة تشمل كل صور الأولاد سواء أكانوا ذكورًا وإناثًا أو ذكورًا فقط أو إناثًا فقط.

وهذا يدل على أن القرءان استخدم كلمة الأولاد بالمفهوم اللساني ولم يحددها بنوع  ذكري أو أنثوي.

وأثبت الله لنفسه صفة الأحدية بداية (الله أحد)، ونفى عن نفسه فعل الولادة عنه بنفي الولد(لم يلد)، ونفي الوالد له (ولم يولد)، وأثبت لنفسه الأُحادية في وجوده الأزلي دون جنس له أو أهل أو عشيرة أو مكافئ أو نظير أو شبيه أو مثيل (ولم يكن له كُفُوًا أحد)، فبدأ بإثبات الأحدية لنفسه، وأنهى السورة بنفي الكُفُؤ له من قبل أي أحد، فهو الأول والآخر.

{ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، َلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (الإخلاص1-4).

كلمة الأبناء جمع ابن وأصلها بنن أو بنو والجذر لها ثنائي وهو (بن) ويدل على الجمع المستقر المنتهي بستر ويأتي الحرف الثالث ليحدد مآل الكلمة، والمفهوم لكلمة بنو هو الإقامة واللزوم، فنقول: زيد بن عمرو، بمعنى أن زيد أقام والتزم بحياة ونظام عمرو، ونقول: زيد ابن الجامعة، بمعنى إقامته فيها والتزامه بمنهجها وعلمها، وهكذا باقي الاستخدامات.

وكلمة الأبناء عامة تشمل النوعين الذكور والإناث، أو الذكور وحدهم أو الإناث وحدهم، ولذلك لا بُدَّ من تفصيل لتحديد النوع منهم، وإن أردنا التكلم عن الإناث فقط نستخدم كلمة بنات وهي جمع كلمة بنت.

{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا } (النساء23).

كلمة الأبناء لا تعني الأولاد بالضرورة، قد يكون الابن ولد وقد لا يكون ولدًا، فالحكم للسياق ومحل تعلق الخطاب، ولكن الولد قطعًا هو ابن سواء تربى عند والده أو لا، فهو ابنه لأنه من صلبه.

لنقرأ كيف استخدمها القرءان:

– {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ }(المائدة18).

أتت كلمة أبناء في النص بمعنى الالتزام الرباني والعناية بهم لا علاقة لها بمعنى الولادة.

–  {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }(النور31).

– {مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ } (الأحزاب4).

أتت كلمة (أبناء، وبني، وبنات)  بمعنى الأولاد وليس مجرد الأبناء، لأن علاقات الأرحام والأسر تقوم على قربى الدم وليس على التبني والتربية.

– {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا }(النساء23).

كلمة(أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ) تدل على وجود أبناء ليسوا من أصلابنا وهم أبناء بالتبني والتربية، ولذلك أتى النص بكلمة (أصلابكم) ليحدد أن هذا الحكم يتعلق بأبناء الولادة وليس بأبناء التبني والتربية.

ونفهم من هذا أن كلمة الأبناء عندما تأتي في سياق أحكام الأحوال الشخصية المتعلقة بالقرابة والدم والميراث يُقصد بها أبناء الصلب وليس أبناء التربية والتبني، وعندما تأتي في سياق آخر فالحكم لمحل تعلق الخطاب وغالبًا يقصد بها الإقامة واللزوم والانتماء والتابعية.

{وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ }(هود78).

أتت كلمة (بنات) في النص هذا من اللزوم والتابعية ولا علاقة لها بالأولاد من الولادة، والنبي هو بمثابة أب لأبناء قومه كما أن زوجاته أمهات لهم،  والنص لا يتكلم عن علاقات رحم أو أحكام أحوال شخصية، ويصير المعنى هو أن بنات قوم النبي لوط اللاتي هن بمثابة بناته أطهر في العلاقة الجنسية من العلاقة المثلية الذكورية، فهو يوجههم نحو الفعل الطاهر والصواب من خلال الزواج منهن وليس ممارسة الفاحشة معهن.

وينبغي العلم أن كلمة الابن تشمل الأبناء مهما نزلوا بمعنى الأحفاد وأبنائهم، كما أن كلمة الآباء تشمل كل ما علا من الآباء وهي تشمل الأجداد، وبالتالي الأحكام التشريعية تشملهم فيما يتعلق بمحارم النكاح أو المواريث.